شعار قسم مدونات

هل جئت مكلفا أم زائرا يا بشير السودان؟

blogs زيارة البشير

كلنا مع انتهاء الحرب في سوريا إكراما لشعبها الذي ضاق المر لسنوات، كيف لا وأرضهم الأم حملت على ترابها الطاهر كل مخابرات العالم، وسقطت عليها كل صواريخ الكون، لكن الجديد في سوريا هو زيارة الرئيس السوداني عمر البشير، زيارة مفاجئة استغرب الإعلام الدولي منها، صحيح أن دمشق وحلب نيرانها لم تخمد لحد الآن، لكن أن يظهر رئيس عربي لدولة مسلمة بطائرة روسية في دمشق، لا بد من تحليل الأمر واقعيا وسياسيا.

هل كانت الزيارة بريئة تحمل حلم عربي؟

البشير صرح لوكالة الأنباء السورية قائلا: "سوريا دولة مواجهة وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية وما حدث فيها خلال السنوات الماضية لا يمكن فصله عن هذا الواقع وبالرغم من الحرب بقيت متمسكة بثوابت الأمة العربية" هذا التصريح غريب ودليل غرابته أليس البشير نفسه الذي صرح وتوقع في 4 مارس 2016 في لقاء مع صحيفة عكاظ السعودية أن نهاية بشار الاسد ستكون بالقتل وليس بالرحيل. أليس البشير نفسه في نفس الجريدة السعودية قال أن بشار الأسد لن يرحل إلا بالقوة. أليس البشير نفسه الذي التقى مع المعارضة السورية سنة 2013 وأبلغهم أنه ليس هناك خيار بين الحل السلمي والعسكري.

أليس البشير نفسه من اتهم حزب الله أن كانت القوة الخفية ليغير بشار الأسد موقفه من الحل السلمي للقضية. أليس البشير نفسه الذي أعطى موافقة مبدئية لسعودية من أجل المشاركة في حرب سوريا. وليس من المستبعد أن عمر البشير السوداني يريد تخلص من العراقيل الدولية التي تصادفه لهذا وافق على طلب الروسي لزيارة سوريا مقابل: أن تتدخل روسيا لتغير قرار مطالبة المحكمة الجنائية لمجلس الأمن الدولي باعتقال الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. أن تتدخل روسيا لرفع عقوبات الأمريكية التي صدرت بحق السودان مند 20 سنة بشكل وعملي وهذا سيحدث قريبا. أن تتدخل روسيا لتحسين صورة السودان دوليا بعد أن صرح عمر البشير أن بلاده مثقلة بالديون.

الحلم العربي والتشريفات الإسلامية كلها كلمات كان عمر البشير يصرح بها بعد زيارته إلى سوريا، لو كانت حقيقة ما نزل إلى دمشق بطائرة روسية وحراسة روسية كأنه مبعوث روسي وليس سوداني

وغيرها من الأمور المعقدة التي لم تستطيع حلها السودان عمليا مند حرب دارفور، لهذا كان لا بد من الخضوع لروسيا وكل متطلباتها، لأن البشير نفسه أرسل قوات سودانية للمشاركة في حرب اليمن مع القوات العربية والإسلامية مقابل أموال ضخمة، لأن البشير نفسه صرح عن هذه الحرب بأنها ستحقق مكاسب للبلاد ولجيش السوداني، لهذا توجد عدة أدلة إعلامية تشير أن الرئيس السوداني عمر البشير يرى سوريا مجرد صفقة تجارية، لأن التسهيلات التي وجدتها السودان بعد زيارة رئيسها إلى سوريا، لم تحصل عليها طول سنوات، وهذا دليل قاطع على أن كبار دول العالم مثل السعودية وروسيا وغيرها عازمون على إنهاء الحرب في الشام.

وعلى سبيل المثال.. زيارة فياض ين حامد الرويلي رئيس أركان الجيش السعودي وتفعيل العلاقة بين البلدين في كل المجالات مما نجم عنه صفقة مالية ضخمة للجيش السوداني لتدريب ضباط الجيش. كشف مجلس الوزراء السوداني موازنة مالية مستقرة تمثلت في الإصلاح الاقتصادي، وتحسين معاش الناس وخفض معدلات الفقر، ومكافحة الفساد وسيادة حكم القانون، وإصلاح الخدمة المدنية. تحويل قرض بنكي يحتوي على مبلغ 75 مليون دولار من بنك الإفريقي لتنمية لخزينة العمومية للسودان.

موافقة الإمارات على شراء الذهب من السودان وكانت أول صفقة 200 كليو غرام من اذهب مقابل 7 ملايين دولار. تأسيس لجنة من مجلس الوطني السوداني من أجل مواصلة وتعزيز الحوار مع البيت الأبيض يهدف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وجلب الدعم المالي، تحسن العلاقة عمليا وواقعيا وماليا بين السودان ودولة الإمارات والسعودية وحتى مصر.

إن الحلم العربي والتشريفات الإسلامية كلها كلمات كان عمر البشير يصرح بها بعد زيارته إلى سوريا، لو كانت حقيقة ما نزل إلى دمشق بطائرة روسية وحراسة روسية كأنه مبعوث روسي وليس سوداني، إذا كانت هناك قرابة وتعميم للعلاقات تحمل نيتها الحلم العربي، فأتمنى أن تكون على واد الحقيقة، وليس على بورصة المال والتجارة، لأن عدة نخب فكرية سودانية قرأت زيارة الرئيس السوداني لسوريا أنها رسالة غير مشفرة لشعب السوداني أن تظاهر ضد الحكومات نتيجته واضحة، لهذا علينا أن نفهم أن رجال العسكر إذا وضعوا أيديهم على كرسي الرئاسة، سيمارسون المستحيل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.