شعار قسم مدونات

يوجين ديلاكروا وسحر طنجة

يوجين ديلاكروا

كان فرديناند يوجين فيكتور ديلاكروا، المعروف شيوعًا باسم يوجين ديلاكروا، رسامًا فرنسيًا له تأثير عميق على الحركة الرومانسية. وأصبح ديلاكروا "سيدا للألوان"، وأصبح من الفنانين الذي أسسوا الحركة الرومانسية واستخلصوا من تقنياتها أعمالهم الفنية، لتطوير نهج فريد ومميز للألوان، والتأثير في الأدب وكل من الأحداث التاريخية والمعاصرة. وإلى جانب أسلوبه الفني الفطري خلق ديلاكروا تجربة مغايرة من خلال تكوين صور لمدينة طنجة شمال المغرب، صور متفجرة بالألوان على قماش أبيض.

ويُعرف Eugène Delacroix كواحد من أكثر الشخصيات تأثيراً في الفن في عصره. مؤلف الأعمال المشهورة مثل La Liberté guidant le peuple و La Mort de Sardanapale، التي جعلت اسم ديلاكروا مرادف للعصر الرومانسي للفن الفرنسي في القرن التاسع عشر. حيث استلهم الفنان أعماله في الغالب من الأدب والأحداث التاريخية، والعديد من أعماله مملوكة الآن من قبل الحكومة الفرنسية.

وعندما سافر ديلاكروا إلى المغرب وتحديدا شمال المغرب ومدينة طنجة في عام 1832، وضع المآسي خلفه، تاركا إياها كذكرى لأسفاره وأصبح الموضوع الذي يلهب فنه هو المدينة نفسها. إذ رسم ديلاكروا أكثر من 100 لوحة ورسومات للناس والمناظر الطبيعية والحيوانات وطريقة الحياة العامة في شمال أفريقيا في ذلك الوقت. وخلال هذه الفترة التي أمضاها في طنجة، بدأ ديلاكروا في استخدام المزيد من الألوان وتنويعها وأصبحت لوحاته تنضح بحرية أكبر.

قام ديلاكروا بتأسيس عمل آخر له بعنوان "عرس يهودي" رسم في منزل بأحد أزقة المدينة العتيقة لطنجة بالمغرب، العمل الذي رسمه بناء على تدوين ذكرياته البصرية

المحيط حول ديلاكروا كان له الشأن الكثير في تشكيل وتهذيب نواة أعماله. حيث سافر في جميع أنحاء أوروبا، ولكن يبدو أن مدينة طنجة كانت لها الأثر الأكبر عليه من بين جميع الأماكن التي زارها. فطنجة لها تأثير عجيب على كل من زارها، وكل من سكنوها وسكنتهم، بول بوولز، ومحمد شكري، وكيث ريتشاردز، والعديد من الفنانين على اختلاف فنهم، مِن اللذين مشوا في أزقة هاته المدينة الساحرة، وأصبحت فيما بعد محرك إبداعهم.

وتعتبر لوحة "متعصبو طنجة"، مثالاً بارزًا على الطراز الرومانسي في أوائل القرن التاسع عشر، الذي يعتبر أحد قادته وزعمائه في مجال الفن التشكيلي هو يوجين فيرديناند ديلاكروا. إذ نشأت الحركة الرومانسية في جزء منها كردّ فعل ضد المثل الكلاسيكية الجديدة الصارمة للعقل والنظام، من خلال التأكيد بدلاً من ذلك على الشخصية أو العاطفية أو الدرامية من خلال استخدام موضوع "غريب" أو أدبي أو تاريخ بعيد، حيث عبّر رواد الحركة الرومانسية عن الروح الثورية للعصر.

وتستند اللوحة على حدث شهده الفنان بشكل مباشر. في عام 1832، سافر ديلاكروا إلى إفريقيا مع السفير الفرنسي، كونت دي مورناي. أثناء وجوده في المغرب، كان ديلاكروا يراقب التدريبات التعبدية "لعيساوا"، الفرقة الأولى من المتعصبين والثانية من الطائفة المسلمة من "عيساوا"، بينما كانوا يحتشدون في شوارع طنجة. 

undefined

وقدم Delacroix رسمًا سريعًا لأفعال الدراويش هذه، والتي أصبحت تعرض الآن في متحف اللوفر بفرنسا. وفي وقت لاحق من نفس الصيف، قام بإعداد لوحة مائية، والتي صنعت منها هذه اللوحة بعد أربع أو خمس سنوات. عندما عرضت، عرف العمل ثناء على استخدام دولاكروا للألوان، والموضوع الدرامي، والعلاج الواقعي.

وكانت طنجة مكانًا اجتماعيًا هامًا لمعتقدين بممارسة "عيساوا" والدراويش، الذين كانوا مكرسين للفقر (الزهد) والعفة. واللذين ينتقلون من بلدة إلى بلدة أداء وطلبا للصدقات. وفي أوقات معينة، تجمعوا خارج المدن، وانخرطوا في حالات عاطفية مشحونة للغاية عن طريق الصلاة والرقص. ثم انتقلوا في الشوارع إلى حالة من النشوة من خلال التشوهات الجسدية والبكاء الشديد.

وقام ديلاكروا بتأسيس عمل آخر له بعنوان "عرس يهودي" رسم في منزل بأحد أزقة المدينة العتيقة لطنجة بالمغرب، العمل الذي رسمه بناء على تدوين ذكرياته البصرية، إذ كتب وصفه في أحد دفاتر ملاحظاته. وفي اللوحة، تبع ديلاكروا ملاحظاته تقريبًا إلى الحرف، وقام بتعديل بعض التفاصيل ومن هنا تأتي دقة المشهد، بقدر ما في اللوحة من تفاصيل دقيقة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.