هذه الرسالة إلى الذين يوزعون رحمات باردة وشفقات كاوية، وكأنهم يتبعون صدقاتهم الروحية بالمن والأذى، وابتعدوا عن مقصد النبي صلى الله عليه وسلم في حديث (تبسمك في وجه أخيك صدقة) فهو بالتأكيد يقصد التبسم الرحيم الذي تصدر منه أشعة الشعور الروحاني العاطي الذي يدخل السرور على أخيك المسلم، وليس ذلك التبسم الهازئ بالآخرين وجراحهم.

من الواضح أن الله تبارك وتعالى خلق الخلق وقسم لهم أرزاق كل شيء بما فيها رزق العيال، ومن المعلوم عند الناس أن الله تبارك وتعالى رزق الناس الأولاد من أول زواجهم ومنهم بعد عام ومنهم بعد عشرين ومنهم من رزقه العقم، "يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ" وقال " وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً" يعني لم تقصِر الآية نتاج الزواج على الذكر أو الأنثى بل على العقم أيضا وكله رزق الله ولا اعتراض عليه وهو الحكيم العليم.. هذا أمر طبيعي، ليس بالضروري أن يكون هناك سبب لعدم الإنجاب فلا تتعب نفسك في البحث عنه بيني وبين زوجتي.

1- أنا لست سوى إنسان له كتلة من المشاعر التي يمتلكها كل البشر بطبيعتهم الاستحواذية التي تحب أن تأخذ كل شيء "وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ" وأنا لا أُنكر حبي للخير مِثلكم تماماً، ولكن كل إنسان يُؤقلم حياته على ما رزقه الله حتى يأتي الخير الآخر ولكن بعد أن يعمل بأسبابه.

2- طبيعي أن تتحدثوا عن أطفالكم أمامي، ولن أَحسدكم عليهم أعدكم بذلك، إياَك أن تُخفي أن زوجتك حامل أو تخفي أنكِ حامل فلن تُجهضي من عيني فأنا أؤمن أن رزق الله لي هو الأفضل وهو ما يناسبني.

3- ثم من قال لك أن طفلك المنتظر هو نعمة أم نقمة، هل صلُحت جميع أعمالك مع الله حتى تتأكد من ذلك، "إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ" وقال "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ" مع إيماني الكامل بأن المنع كذلك فتنة لأن المنع رزق.

4- نعم أذهب أنا وزوجتي لتهنئة الناس بمولود طِفل جديد فلا داعي ليخشع صوتك وأنت تعاتب الزمن وتخجل لأنك رزقت ولم يرزقنا الله – حسب زعمك-، فنحن صِدقاً أتينا مُفعمين بالسّعادة من أجلك فكن سعيدا لأن سعادتنا تختلف عن سعادتك.

5- رَجائي الحار عندما يبدأ طِفلك بالكلام أو الحبو أو السير وكُنتُ وزوجتي في ضيافتك، دعهُ بحرية وأطلق يديه لن أغضب ولن تنزعج زوجتي ولن نشعر بالأسى على أنفسنا.

6- لا تسألني يا صديقي يا قريبي يا حبيبي عن حالي كُلما فكرت أن تسأل عني "كيف حالك؟ ج: بخير! س: أمانه بخير؟ ورب العرش أنا بخير زهقتني يا رجل! ثم يأسف قائلا: لا.. فقط لأجل أن الله لم يرزقك. "يا أخي من قال لك أنكَ وكيل الله لتعتذر عن رزق الله؟ من أخبرك أنك خير مني؟ من سخر من عقلك إلى هذا الحد وقال لك أني أعاني الأمرّين؟".

7- نعم أقر وأعترف أن النبي زكريا عليه السلام لم يطق أن يكون وحيدا، ودعا ربه "رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ" أنا لم أنكر هذا وذكرت لك في البداية أن الإنسان يُحب الخير كما يراه ولو علم أن ابنه المستقبلي سيكون عاقًّا مثلاً لعرف الخير في عدم انجابه.

8- حياتكم ليست وردية وحياتي قاتمة، أبدا وانظر إلى بيتك تعرف ذلك، لا تُراهنوا كثيرا على أنكم في سعادة مطلقة وحِزتم الدنيا بحذافيرها، لأنه ليست هناك مراهنة على المستقبل هل ستكون بأبنائك شقيا أم سعيد فكن سعيدا ودعك مني وزوجتي.

9- لا تعاملني بشفقة كمسكين أو شحاد، وتذكر أمامي أن فلان مسكين؛ لأن الله لم يرزقه الأبناء وفلانة مسكينه زرعت أطفال أنابيب – وكأنهم من الشارع-، من أعطاك يا غافل حق توزيع الشفقة على الناس هلا اختزلتها لنفسك.

10- الآن أنا في عمر الثالث والثلاثين ولم أنجب منذ 12 عام، أرجوك لا تُخبرني عن شباب ما زالوا أصلا لم يذوقوا حلاوة الزواج، أو شاب تزوج على الثلاثين ورزق الأولاد، وما زال متسع من الوقت حتى يربي أطفاله والأعمار بيد الله.

11- غداً عندما يكبر الإنسان سيعتني به أبناؤه! ولكن أنت؟! أنا: ستعتني بي زوجتي وأعتني بها، وسيعتني بي ربي وبزوجتي، ثم أسألُ الله أن يعتني بك أبناؤك ووقتها لا ترسل لي معهم كسرة خبز أو رشفة ماء فقط كن سعيدا وتأكد أني كذلك.

12- نعم ربما تكون حياتك مع أطفالك سعيدة وهانئة وهناك أشياء لا أستطيع فعلها كوني لم أنجب وزوجتي، ولكن من قال لك أنني أعيش في جو مظلم وزوجتي، نحن مثلكم تماما سعداء ونحاول أن نصل إلى ذروة السعادة وكلما وصلنا إلى قمة نصعد إلى أخرى.

13- لا تحزن عندما أكبر وليس لي عيال، لكن لا يحق لك أن تبقي زوجتك هانئة البال لتأتي وتنصحني بالزواج من ثانية، يا عديم الذوق والإنسانية ماذا لو كانت زوجتي أختك، ثم إن كنت متعطش للتعدد فافعل ولا تنتظرني سيطول بك الأمد إذا، تخيل لو أنك تزوجت على محبوبتك ألن تنقلب حياتك وحياتها جحيما، ثم من قال لك يا أخي أن الحل في الزواج من أخرى ألم نقل في البداية أن نتائج الزواج ثلاثة "ذكر أو أنثى أو عقم" يعني ليس بالضرورة أن يكون ولد.

14- إن أكثر الغارقين حد الثمالة في فتنة الأولاد تجد مخاط أبنائهم يصل الطريق، لا يفقهون في تربية الأبناء شيء، ولكن كما يقول العجائز "العدد في الليمون"، ربي أولادك يا صديقي ودعك مني فأنا سعيد.

15- تأكد أو تأكدي تماماً أني وزوجتي لن نعطي سِرنا لأحد سواء كان هناك مشكلة طبية أم لا، فنقص أو زيادة الحيوان المنوي أو معرفتكم بحال بويضات زوجتي لن يفيدنا في الإنجاب وإنما سيرضي فضولك وأنا أحب أن تقتل نفسك بهذا الفضول والتلصص على أسرار الآخرين.

أنا أؤمن أنّ الإنسان يستطيع أن يكون سعيداً دون أبناء، سواء لم ينجب من البداية أو سلب الموت منه أولاده، وستكون السعادة هي النتاج الطبيعي للأسرة إذا آمنت أن الله كتب الثلاثة نتائج في القرآن ولكن دون تقصير في الحصول على الخير لأنها طبيعة الانسان.. والله الموفق وهو هادي السبيل. ملاحظة: أنا أتقبل تعاطف الناس بشكل لائق ومُحب ويسعدني ذلك، ولكن كما أسلفت في البداية هناك من يكويك بالشفقات والرحمات الباردة.