شعار قسم مدونات

فقدان الشهية القرائية.. هكذا خاصمتني الجميلة!

blogs قراءة

قد تكون من أكثر الأسئلة التي تصلني على مواقع التواصل الاجتماعي سؤال متكرر بكذا صيغة مفاده بأن صاحب السؤال قد فقد شغفه في القراءة منذ فترة طويلة كانت أم قصيرة ولم يعد بإمكانه أن يمسك الكتاب لأكثر من دقائق أو أن يستغرق في النص كما اعتاد وبعد أن ألف القراءة في حياته وظنها عادة لن تفارقه أو تخاصمه في حياته، اطمئن هذه الجميلة تتدلل عليك ليس إلا.

حتى أنا التي أكتب هذه المدونة لأحل هذه المشكلة فأني غير قادرة على المحافظة على رغبتي في القراءة طوال الوقت 24 ساعة في اليوم 7 أيام في الأسبوع 365 يوم في السنة، وهذه هي النقطة الأولى التي يجب أن نتحدث عنها هنا وهي أن هذا الأمر طبيعي ويحدث للقراء بشكل دوري فالقراءة بالطبع لها حالة مزاجية خاصة لن تكون حاضرة دائماً وبالتأكيد أنك كإنسان ستمر في ظروف محيطة وحالات مزاجية ونفسية ستمنعك أحياناً من الانشغال بغيرها ولن تسمح لك بأي نشاط يلهيك عنها من ضمنها القراءة فمن الضروري أن تعلم أن ما تمر به الآن من فقدان الرغبة في القراءة هو عرض طبيعي سأتحدث عنه الآن بناءً على رأيي ومعرفتي الشخصية.

إن السبب الأول برأيي هو اختيار الكتاب في الأساس قد يكون خاطئاً الكتب في العالم كثيرة ومجالاتها عديدة ومتنوعة ومن المفترض أنك وفي بداية رحلتك في عالم القراءة قد حددت ما الذي يجذبك ويستثير شغفك وما الذي يفعل العكس فإذا كنت غير مهتم في مجال معين ليس هناك قوة في العالم ستجبرك على القراءة والاستفاضة في هذا المجال، القراءة فعل حر مشبع بالحب لا يجوز أن يرافقه ما يخالف هذا لذا يجب عليك اختيار كتاب ينسجم مع ما تحب في الحياة وتشعر برغبة في معرفة المزيد عنه، كون الكتاب الأكثر مبيعاً أو أن أشخاص ناجحين أجمعوا على أن قراءته واجبه هذا لا يعني أنه فرض عليك ما دام لا يوافق اهتماماتك قد يدفعك الفضول إليه لا بأس في هذا لكن إذا وجدت نفسك غير قادراً على إكماله فلا تفعل وإذا أكملته ووجدته جيداً فها قد دفعك فضولك لأن تجد مجالاً جديداً لتقرأ فيه، تذكر دائما أنك حراً فيما تقرأ.

عليك التنويع فيما تقرأ، فمن الطبيعي جداً أن تمل إذا كنت قد قرأت في نفس المجال كثيراً فقد تغدو بعدها كُل الكتب متشابهة مما سيدفعك بالضرورة إلى فقدان الرغبة بالقراءة

ثانياً فإنه يجب علينا الاعتراف أن هناك كتب مملة وسيئة وكتاب مملين وسيئين لن يجعلوك قادراً على إنهاء الكتاب أو الاستمرار بالقراءة، أن يكون الكاتب قادراً على أن يجذبك للكتاب ويأسرك لتذوب في النص هي موهبة لا يمتلكها الكثيرين، فإذا شعرت أن الكاتب سيء لك الحق بإغلاق الكتاب أو رمي الكتاب بعيداً اذا كان هذا سيساعد! أو إذا كان بائع الكتب الذي تشتري منه لطيفاً كالذي أبتاع منه كتبي لا تتردد في تبديل الكتاب –بالمناسبة شكراً عمو حسين على هذه الخدمة المميزة- بكتاب اخر قد يكون رائعاً.

ثالثاً فإنه عليك التنويع فيما تقرأ، فمن الطبيعي جداً أن تمل إذا كنت قد قرأت في نفس المجال كثيراً فقد تغدو بعدها كُل الكتب متشابهة مما سيدفعك بالضرورة إلى فقدان الرغبة بالقراءة، أنا شخصياً منذ سنتين أو أكثر غير قادرة على القراءة فيما يسمى التنمية البشرية أو تنمية الذات أشعر أنني استكفيت من مثل هذه الكتب وهذا المحتوى بشكل عام منذ بدأت استعارتها من مكتبة المدرسة بالصف العاشر فمع الوقت حتى أن الأمثلة التي يذكرها الكتاب عن قصص الناجين والمؤثرين بدت لي قص لصق في كل هذه الكتب وبالمناسبة هي ذاتها الأمثلة التي يستخدمها بعض الأشخاص في فيديوهاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أولئك الذين نصبوا أنفسهم محفزين ومدربين للحياة كما يقولون! في الحقيقة الحديث عنهم يلزمه مدونة كاملة خاصة، لنعود إلى موضوعنا الآن أفضل.

إذاً عليك أن تنوع في المجالات التي تقرأ فيها وأن تستعد للإبحار واكتشاف هذا العالم الجميل وأن لا تحشر نفسك في مجال وحيد لا تجرأ أن تخرج لتقرأ وتبحث في غيره وهذا بالطبع لا يتعارض مع الفكرة الأولى التي ذكرناها فالتنويع في القراءة لا يعني إجبار نفسك على قراءة ما لا يلبي شغفك.

والآن هُناك بعض ما أنصحك به لتعود للقراءة من بعد أن وقعت في مثل هذا الكسل القرائي:
أولاً: اذا كان الكتاب الذي بين يديك عالقاً منذ فترة طويله أتركه الآن.
ثانياً: اختار كتاب قصير جيد وعندما أقول قصيراً يعني من 100 إلى 200 صفحة فقط قد يكون قصة قصيرة أو رواية. 
ثالثاً: أقرأ كتابك المفضل مرة أخرى فهذا سيعيدك إلى عالم القراءة مجدداً وبقوة، وسيذكرك بتلك المتعة التي تشتاقها ببعدك عن الكتب.
رابعاً: شاهد الأفلام التي تتحدث عن القراءة وحياة الكُتاب وعالم القراءة لهذه الأفلام قدرة رهيبة على بث الكثير من الرغبة في القراءة، ستجد الكثير من عناوين هذه الأفلام على حسابي على انستجرام.

وقد يكون هُناك خامساً وسادساً عند أحدهم فلا تبخل بها عنا فالقراءة فعل حر كما ذكرت ولكل منا طريقته وتجربته، وأخيراً أتمنى أن يكون ما كتبت مفيداً وأن يعود بك إلى عالم القراءة الجميل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.