شعار قسم مدونات

متاهة إنستغرام.. مظاهر خداعة لحياة مثالية!

blogs سيلفي

صبيحة هذا اليوم صادفت أحد المنشورات التي تتعلق بأحد المشاهير، ممن يدعون المثالية، النجاح والكمال أيضا قد نشر صورة ليست له بل تعود لأخت قد التقطتها منذ مدة وأكدت ذلك بالدليل، أن الأمر استفزني ولم أستطع كتم رأيي! ولهذا السبب أجد نفسي أكتب هذه التدوينة.. خاصة أن هذا أصبح متفشي في شوارع الانستغرام وما أكثرهم! المظاهر خداعة.

عندما أدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي والانستغرام خاصة أجد حفلة من التفاهة والسطحية والمظاهر يخيل لي وكأنني دخلت إلى كوكب السعداء.. حياة مثالية ووردية مليئة بتلك التفاصيل الكاذبة. ما هاته العدوى التي أصيبت الجميع خصوصا أولئك الذين يدعون الشهرة؟ نجد حسابات ومنشورات متشابهة بنفس التفاصيل ولنفس الهدف صور التقطت بنفس الطريقة وأخرى اقتُطفت من حسابات الغير.. والمغزى من كل هذا مبهم وغير واضح؟ صور غير عفوية أبدا غالبا ما ترافقها جمل اقتباسات ونصائح.. يقولون ما لا يفعلونه! ويصوروا ما لا يعيشونه منهم من استغرق يوما كاملا لكي تبدو الصور مرتبة بتلك الطريقة، وجوه لا تشبه الوجوه التي نراها في الشارع.

آلاف القلوب والتعاليق تتراقص بين كل منشور بينهم ضحايا الانستغرام من يعتقوا أنهم أصحاب الحظ السيء والأقدار السوداء ولدوا فقط لكي يراقبوا حياة السعداء.. ومنهم من يكتئب ومن يلعن الحياة لأنها ليست عادلة. ذلك يستهدف جانبا هشا من معظم المراهقين والمراهقات، وقد يسقطوا في فخ التقليد أو المقارنة، منهم من يتحدث عن إفادة الغير وهم يسعوا لتحسين صورتهم وإظهار الكمال فقط لا أقل ولا أكثر.

من يعيش لحظات سعيدة حقيقة فليشاركها بين الفينة والأخرى، لكن التظاهر بذلك عشرات المرات في اليوم إنه غباء واستغباء ولا جدوى منه أبدا

نعم جميعنا نمتلك حسابا في الانستغرام وجميعنا ننشر بين الفينة والأخرى وأنا أيضا، وغالبا ما ننشر الصور السعيدة واللحظات التي يروق لنا أن نتذكرها فلا يمكن أن أصور نفسي وأنا أبكي أو حين أواجه صراعات بداخلي أو مشاكلي. لكن حين يزيد الأمر عن حده يصبح مثيرا للاشمئزاز وأكثر. إنه لمن المخجل أن تنشر فطورك وغذائك وعشاءك الذي ربما لم تتناوله.. حذائك الغير المريح ربما والكتاب الذي لن تكمله تصور اللحظة فقط. إضافة إلى تلك المنشورات الكثيرة والتفاصيل المكتظة باللاعفوية التي تبقى روتينية كل يوم في حساباتهم.

إنه عصر التفاهة حين يصبح هوس المظاهر أهم من الحقيقة، سعادة مزيفة على الأكثر، تعاسة وانحطاط على الأقل! أصبحت الحقيقة تهمس والمظاهر الكاذبة تَجهر والمتلقي أصبح يصدق ويقارن بين حياته وبين حسابهم. نعم الجميع حر في نشر تفاصيل يومه كل دقيقة وكل ساعة أنها مسألة اختيار وطبعا هذا مجرد رأي والجميع يمكنه أن يتابع من يريد وأن يلغي متابعة من يريد. فقط الأمر زاد عن حده مللنا من الكذب والتظاهر.. خاصة كل يوم تزداد المنشورات أناقة وتفاهة واستغباء وأصبحت هذه الأمور بالنسبة لهم موهبة، لو كان بوسعنا أن نرى حياتهم بأحداثها الحقيقة ربما ستفاجئنا الحقيقة.

 

لا أحد يمتلك حياة مثالية، لكل منا مشاكله الخاصة وسعادته الخاصة. الحياة تتخبط بين الفرح والحزن وبين التعاسة والسعادة. من يعيش لحظات سعيدة حقيقة فليشاركها بين الفينة والأخرى، لكن التظاهر بذلك عشرات المرات في اليوم إنه غباء واستغباء ولا جدوى منه أبدا. بالله عليك ما الذي تستفيده حين تنشر شيئا لا صلة له مع حياتك؟ ما الفائدة من نشر السعادة التي لا تشعر بها؟ أصبح يخيل لي وكأنني دخلت إلى حفلة تنكرية معظمهم يحاولون إظهار قداستهم ومثالية حياتهم الكاملة. حين تصبح رؤيتنا عاجزة وعقلنا يطفو من السطحية حينها لن نستطيع التمييز بين الحقيقة وبين الوهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.