شعار قسم مدونات

إلى أولئك الأبطال المجهولين في حياتنا.. رسالة عِرفان

blogs رسالة

أما بعد،

بسم الله الرحمن الرحيم (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) صدق الله العظيم

 

ما أعظم الآية الكريمة وما أﺭﻭﻉ معها تلك ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ الطيبة ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻮﻗﻆ في ﺍﻻﺧﺮﻳﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﻌﻄﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺎﺑﻞ، ﺗﻬﺐ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﺐ الإحسان الرحمة لوجه الله، تمد طوق النجاة ﻟلضعيف كنور انشق من السماء ليخفي عنه في لمح البصر كل بلاء، ليس من أجل الاستغلال ولكن لأن مفهوم العطاء في قاموسهم فعل لآرادي يشعرهم فقط بالسعادة، بالرضا عن الذات وكذا تحقيق نوع من الهدوء الداخلي.

 

حب الآخر هو تقبل لكينونته ووجوده بيننا، مد يد العون ولو بأبسط التفاتة قد يبني جسورا عظيمة تبث داخلنا قيما سامية، ترسخ في مجتمعاتنا مبادئ الانسانية التي تميزنا ككائنات بشرية، تحرك فينا كذلك وبدورنا تلك الرغبة الدفينة في أن نكون الأفضل.. فردا أو جماعة مجندين دائما لنكون "في الخدمة".

 

لكل من تغلب على حزنه ومواقفه مع البعض ليقابل حبائلهم الماكرة ومكائدهم بالتجاهل أو حتى بمعروف فيكون أخمد بذلك نيران الحقد والضغينة، ألف تحية إجلال لك أيها البطل

لو أننا نجدد العِرفان للإنسان عندما كان فِعلًا يمثل الإنسان، عندما كان العرب إخوان والأمة العربية كلها تحت راية الإسلام، ذلك الزمان حيث العروبة والشهامة كانتا الأقوى… زمن كانت تقاس فيه صورة المرء بصالح أعماله… زمن كان للقرآن والآحاديث النبوية حظ من التدبر لما يُحمل في باطنها من مقاصد وفضائل.. بتنا نبجل اليوم الأكثر حفظا أصحاب قال الله قال الرسول متناسين أن داعش والخوارج أكثر حفظا وصلاة مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم) "تراقيهم" أي حناجرهم، آتاهم الله الحفظ وحرمهم نعمة الفهم الحِكمة والبصيرة.. أهذا سبب شتات الأمة الإسلامية لتفقد معاني السلام الأمان الحرية وتُدفن إنسانيتنا معهم؟

 

ما دفعني للكتابة في هذا الباب هو تلك الفوارق الملموسة التي أصبحت النفوس البشرية تشهدها، مجتمع هجين يسود فيه الشر أكثر من الخير، مجتمع قد يكون خانِق وصادم أحياناً لكن قد تتجمل صورته في أعيننا ما إن يصادف طريقنا بطل ليحي فينا السعادة من جديد ويجعلنا نفكر في معنى الإختلاف فإن كنت للخير مناصر فخالف وكن بالفطرة كما خلقت كن بطهارة روحك خليفة الله على الأرض، ولا تتبع أبداً ذاك القطيع. نعم فدنيانا بكم لازلت تفوح بالأمل، فامضي أيها الإنسان بما مضيت، فأنت برداً وسلاماً بُعث، ازرع السلام بعرض الأرض وطولها، واحمي الحياة من العابثين بها، وامزج العدل والأمان فترقى الأرض بساكنها… كن إنسان وأترك أثراً طيباً في القلوب.

 

ربما سيقولون عنك ساذجاً ربما غبي وو.. سيتساؤلون لمذا يقوم بهذا؟ ما الذي سيحصل عليه بالمقابل؟ لن يكون غنيًّا، لن يظهر على شاشة التلفاز، سيظل مجهولاً ولن يكون مشهوراً، أؤكد لك ستحصد السعادة ستصل مرحلة من الفهم العميق للحياة والتعايش، ستحصل على الحب وعلى أشياء يستحيل شراءها بالمال، سيتحقق ذلك الشعور الجميل ان تكون الجندي المجهول، والأجمل من ذلك عندما تسمع الدعوات من الغرباء نابعه من القلب وتعلم انك المقصود وهم لا يعلمون.

 

رسالتي هاذه لكل من اختار أن يكون في حياتنا بطلا لينجز ويحقق داخلنا وخارجنا أبهى تغير، سواء كنت من أصادفه يوميا في الباص في شخص ذلك الشاب المبادر بكل تلقائية ليمنح كرسيه لشخص عجوز لمرأة أو حتى لفتاة في مقتبل العمر…مني لك تحية أيها الشهم. سواء كنت في شخص ذلك النبيل المجند دائما وأبداً في وسطه للأعمال الخيرية والتطوعية، ففي تضحيتك بوقتك وجهدك ومالك لإسعاد الآخرين سعادة من نوع آخر تحظى بها أنت أولا لأن الله بِجُل عزته وجلالته لك شكور.

 

لكل من تغلب على حزنه ومواقفه مع البعض ليقابل حبائلهم الماكرة ومكائدهم بالتجاهل أو حتى بمعروف فيكون أخمد بذلك نيران الحقد والضغينة، ليزرع أرضية خصبة للسلام، إلى ذلك الأستاذ القائد الذي وهب عمره لرسالة التعليم، لمن أضاء قناديل العلم، لمن بذل جهدا لبناء أجيال هذا الوطن، معطائون وقريبون من الروح تلك هي صفاتكم، آدامكم الله بيننا شعلة لاتنطفي. إلى ذلك الجسد الذي أنهكته الانحنآت أمام عتبات منازلنا ليخلصنا قاذوراتنا النفاياتية بكل صمت وتفاني، فيمر مرورا خفيا ليصنع من محيطنا عالما أنظف وأجمل… ألف تحية إجلال لك أيها البطل.

  

المجد لكم أيها الجنود المجهولين اصحاب القلوب الطيبة، لكم نقدم عرفاننا أرواحكم تلهمنا تمنحنا القوة تصرفاتكم ولو كانت بسيطة تبني وطنا، لكم مني آسمى عبارات الإحترام والتقدير.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.