شعار قسم مدونات

أنا في الحب أسعد الأشقياء!

blogs الحب

أحببتها، عشقتها، أدمنتها، حتى ما عدتُ أطيق يوماً لا أراها فيه، عيناها العسليتان وليس سواهما، بثتا السعادة في روحي وبسمتها تدغدغ جنبات قلبي فتراه يرقص فرحاً وطرباً على أنغام ضحكاتها الشرقية، أما صوتها الشذي فينعش كل خلية في جسدي وإن أرهقها طول العمل، أحببتها وكل بنان في يدي يتوق ليعانق البنان في يدها، أُصبّرهما على حرارة الشوق والتوق وأمنّيهما باليوم الموعود.

أذكر حين قلت لها يوماً: "كم ستكونين جميلة بالأبيض في اليوم الموعود ولا أدري من سيجمّل الآخر فيكما؟!" فتبسمت خَجِلة وقالت بعينيها قبل أن تنطق شفتيها: "أنت من سيُجمّل كلانا!" ذاب قلبي وشعرت بقلبي يطير نحو الغيوم السابحات في الفضاء لا يحكمه شيء في الدنيا! قبَّلتْ عينيّ عينيها طويلاً والبسمة على شفتينا تبارك اللحظة! كم تمنيت العناق حينها ولا أدري كيف امتنعت، ربما لم يمنعني عنه سوى خوفي على جسدها الرقيق من طوق أضلعي.

لا أذكر أننا تخاصمنا سوى مرةً حينما أغضبها ذكري بأني أحببتها ضعف ما تحبني عشراً، ظننت أن قولي هذا سيفرحها، ولكن ما كان منها سوى أن البسمة في عينيها خبت وانطفأت، أعياني ما كان مني وحِرت في إرضائها حتى أسعفني طفل الورد في الشارع يبحث العاشقين، فقدمت لها وردةً جورية بلون خديها الورديين وقلت، "أتقبلينها مني اعتذارا على ما كان؟" فعادت البسمة لعينيها وعادت الروح لروحي ووعدتُ بأني لن أذكر ما ذكرت ولو في خاطري فلا حبي يسبق حبها ولا حبها يسبق حبي هما متعادلان وكلما ازاد الحب ازداد في القلبين في آن معاً.

هي
الحب، سمعت عنه من قبل الكثير، قالوا أنه يذيب القلوب، أو يشعلها! ويحرم العين النوم ويتركها في سهاد، أما الروح فتراها إما في توق للقاء الحبيب أو في شوق للقاءٍ آخر قريب

كم أشتاق للمعة عينيه وهو يناظرني ويقول بي شعراً، لم أحب الشعر يوماً ولم أقدّر يوماً حروف قصيدة، ولكني مذ عرفته وعرفت شعره صار الشعر يطربني! لم أعرف الرجال قبل أن أعرفه، كنت أظن مخطئةً أن الرجال، كل الرجال مثل أبي، لا يعرفون سوى الجفاء والقسوة، ولا يعرف حلو الكلام طريقاً إلى شفاههم، ولكن رجلا يقول شعرا لا يمكن أن تعرف القسوة لقلبه طريق! تلك هي المرة الأولى التي شعرت فيها بالسعادة عندما اكتشفت أني كنت مخطئةً تماماً!

عندما كنت أحدث صديقتي عنه، كانت تسمعني بذهول، ولو لم نكن صديقتين حميمتين لما صدّقتني فهي الأخرى كانت تظن ما أظن. أذكر أني عندما كنت أتحرّق شوقاً له وأشكو لها حالي، كانت حال عينيها تقول "أتشكين الحب لمن يتمناه؟!" فخشيت أن تتعلق به مما أذكره عنه فما عدت أذكره إلا قليلاً قليلاً وأكتم نار الهوى مشتعلةً في قلبي.

هو

كم حَمِدتُ الله الذي أودعها في طريقي لتتلاقى العيون وترتبك على الشفاه الكلمات وتتورد الوجنتين خجَلا وتضطرب القلوب معلنة قدوم ضيفٍ كريم لم ينذرنا بالزيارة. الحب، سمعت عنه من قبل الكثير، قالوا أنه يذيب القلوب، أو يشعلها! ويحرم العين النوم ويتركها في سهاد، أما الروح فتراها إما في توق للقاء الحبيب أو في شوق للقاءٍ آخر قريب، لا يشغلها سوى الحبيب في لقاءه أو غيابه ويصبح كل همٍّ أمامه هراء، وكل الناس دون الحبيب سواء.

سألت عاشقاً يوماً "هل انت في الحب شقيٌ أم سعيد؟" فقال: "أنا في الحب أسعد الأشقياء، أتلظى في نار الحب مغتبطا، فما كانت حياتي قبل الحب تستحق الحياة، تحيلك نار الحب من ماء الى هواء فترتقي الى السماء تراقصك النسمات العليلات حتى تلتقي غيوم العاشقين حشود، فيحيلك الشوق قطرات غيثٍ تتسابق للقاء الحبيب! قلت في نفسي "جنونٌ وبلاهة"، وما صدّقت حتى وجدتني اليوم أكثر منه جنوناً وبلاهة!

إنه بالحق نار، لا أنت تحتمل وهجها ولا أنت بقادر على فراقها! كلما ازداد الوهج فيها كلما ازددت بها تعلقاً وكلما صار فراقها إلى المحال أقرب. أذكر أني سألت محبوبتي يوماً "ما هو الحب؟" نظرت في عينيّ طويلا ثم قالت "عينيك"، تقول شعراً دون أن تقول، كنت أقرأ الشعر قبل أن أعرفها، ومذ عرفتها صرت أكتبه أما اليوم فأنا القصيدة! كم اغتبطت قلبي في تلك الأيام على ما حظى به لاحتوائه عيني المحبوبة، وكم اغتبطت نفسي على مكانتها في قلب المحبوبة ولكني، لم أكن أعلم حينها بأنه يمكن لزهور الحب أن تستحيل يوماً رماداً!

هي

لا أنسى فرحتي يوم زارنا مع ذويه ليطلب عناق البنان بالبنان من أبي، عندما قرأوا الفاتحة على نية التوفيق، كنت أقف خلف الباب، قرأتها ربما عشر مرات قبل أن يتمّوها هم مرة واحدة، وعندما أمّنوا قائلين" آمين" رددّها قلبي معهم مئة مرة، اختلست النظر اليه من خلف الباب، كان بالكاد يخفي ابتسامته، بدا عليه كما لو أن المجلس لا يتسع لفرحته، يود لو يقوم من مقامه ويرقص فرحاً، أما أنا فوددت لو أمسك بيده لنرقص سويا على مرأى الخلائق أجمعين! لم أكن أعلم حينها بأن ذلك لم يكن سوى حلماً لن يتحقق!

انتظرتها يوم، يومان، ثلاثة، سأعاتبها كثيراً، كيف تنام عينيها قبل أن تطمئن على محبوبها؟ تأملت أن أتسلّم رسالة موقّعة باسمها، لكن شيئا من هذا لم يكن، سأعاتبها كثيراً كثيراً
انتظرتها يوم، يومان، ثلاثة، سأعاتبها كثيراً، كيف تنام عينيها قبل أن تطمئن على محبوبها؟ تأملت أن أتسلّم رسالة موقّعة باسمها، لكن شيئا من هذا لم يكن، سأعاتبها كثيراً كثيراً
 
هو

كنت في طريقي إلى السوق لشراء أشهى وأفخر الحلويات لأحلّي أهلي والأصحاب، فأجمل أمنياتي ستتحقق عما قريب، غدا وليس الغد ببعيد، سيعقد قراني على محبوبتي، حدّثتها في الطريق _دون أن ألتقيها_عما سأفعل لأجلها في القادم من العمر، سنكون سويا للأبد، ، نلعب سويا، نتعب سويا، نرقص سويا، نسهر سويا، وسننجب طفلا ونسميه حبيب! حبيب، صرخ حبيب.. ولم أشعر بما يدور حولي بعدها.

هي

أخيرا جاء الصباح، صباح عقد قراني على محبوبي، لا أدري كيف مرّ علي الليل، عددت الدقائق والثواني، وقفت أمام المرآة أتأمل وجهي، عينيّ، وجنتيّ، شفتيّ، كلها ترقص فرحاً، كيف لا واليوم سيكون أجمل أيام العمر. لم يوقظني من أحلامي سوى طرقٌ شديد على الباب، من الطارق؟ ماذا يقول؟ من في المشفى؟ من دُهِس مساء البارحة؟ أين محبوبي؟ متى سنرحل من هنا؟ كيف؟ متى؟ أين؟ 

هو

لم تفارق عينيّ الباب، كلما همّ أحدهم بالدخول، أقول في نفسي "هي"، انتظرتها يوم، يومان، ثلاثة، سأعاتبها كثيراً، كيف تنام عينيها قبل أن تطمئن على محبوبها؟ تأملت أن أتسلّم رسالة موقّعة باسمها، لكن شيئا من هذا لم يكن، سأعاتبها كثيراً كثيراً، حتى عمي، لم يأتي ليطمئن علي، أليس من الواجب أن يأتي ليسلم على صهره؟ أين بيت عمي؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.