شعار قسم مدونات

المشقات والأزمات.. بوابة توصلك إلى الفلاح!

blogs - success

الإنسان يعلو مرتبته ومنزلته ويصبح صاحب السعادة والنصيب والشقاء والتعاسة وفقا للمواقف التي يتخذها تجاه الأزمات والمشاكل التي يواجهها طوال حياته ومن عرف هذه الحقيقة عرف مقصد الحياة ومن لم يعرف يتيه في الأرض بدون قدرة التركيز على الأمور التي توصله إلى السعادة والفرح والرخاء والخير، ولم يظهر في هذه الكرة الأرضية إنسان وصل إلى المرتبة العالية إلا بشق الأنفس وبدون تحمل الإشكاليات والأزمات والمشاكل، لأن المشاكل والأزمات والإشكاليات التي يواجهها الإنسان هي بمثابة بوابة النجاح وهي توصله إلى هدفه الأعلى والمرموق وهناك كثير من الأمثلة في تاريخ الإنسان والشعوب والدول تؤكد هذه الحقيقة.

فكرت عدة مرات عن أسباب الأزمات والمشقات التي تزور حياة الإنسان وما دور الأزمات في حياتنا نحن؟ هل هناك أي شخص تعرفه لا يواجه مشكلة في حياته؟ أليس من مقومات حياة الإنسان مواجهة المشاكل والعسر أو يحتاج إلى تدريب نفسي وبدني للقيام بمهمته في الأرض؟ وإذا كانت الإجابة "لا" فلماذا أرسلنا الله إلى هذه الدنيا بدون القدرة على القيام والمشي والشرب والأكل والتحدث والهروب لحظة ولادتنا؟ هل سمعتم خبرا طفل فور ولادته مشى وأكل ما أراد وبدأ أن يتكلم إلا عيسى عليه السلام؟ مستحيل لأن رب الكون يريد أن يعلّم الإنسان منذ ولادته فنون الحياة وبأن المشقات هي ضرورية لتقدمه ونهضته وهذه هي الحقيقة وراء الأزمات والإشكاليات التي نواجهها في حياتنا والأمر بسيط إذا كنت تريد العلو والحياة السعيدة والرفاهية في حياتك في الدنيا والآخرة عليك أن تتحمل وتواجه الأزمات والقضايا لأنها تفتح آفاقا جديدة في حياتك وهي ولا شك من القوانين الإلهية.

حسب منظور أصحاب التفكير الإيجابي أن المشاكل والأزمات هي تفتح الآفاق ولكن معظم الناس يضيعون أوقاتهم الثمينة في إيجاد سبيل ينقذهم من المشاكل التي تحيط بهم وتلك المحاولة لإبعادها من الحياة مثل استئصال علامة المرض التي هي يوصل الطبيب المثالي إلى معرفة السبب الأصلي لمرض المريض وعن نوعية المرض، لأن المشكلة هي علامة النجاح والفلاح وهي توصلك إلى السعادة والرفاهية والرخاء وفي حال أنت تحاول منع دخول هذه البوابة إلى حياتك فتكون حياتك معقدة وفاشلة لأنك أغلقت المسار الذي كان يرغب في أن يوصلك إلى نقطة تحول في حياتك وهذه الحقيقة لو عرف الناس لكان خيرا لهم.

العسر هو فقط يفتح الآفاق التي توصلك إلى نقطة تحول لتحقيق آمالك وأحلامك وستكون ناجحا ومفلحا لأن الأزمات هي نعمة أنعم الله على الإنسان

قرأت سيرة كثير من العلماء ورجال الأعمال الذين تركوا الدنيا بعد ما قدموا ما عندهم من العلوم والخدمات أمام الناس ومنهم من بدأ حياته بعد الأربعين، ومنهم بعد الخمسين ومنهم بعد الستين لأنهم ما كانوا شيئا مذكورا بين الناس وبغتة تتغير حياتهم ونراهم يحققون آمالهم وأحلامهم ولكن معظم الناس في العالم يعتبر العمر بعد الأربعين أو الخمسين محطة يحصل على تذكرته لإعداد الرحلة إلى الآخرة، تعجبت كثيرا من كلام عامة الناس في بلدي أنا ولا سيما من المسلمين الذين وصل عمرهم إلى ما فوق أربعين، بأن حياتهم انتهت وهم في بداية آخر أيامهم و في طريقهم لمغادرة هذه الدنيا الفانية لأن عمر الإنسان كما علمنا رسولنا ينتهي ما بين ستين وسبعين!

متى بدأت رحلة وحي رسول الله؟ في الأربعين! أي مفارقة هذه! في أي عمر فكر الإنسان الأول الذي فكر في تاريخ الإنسان في الطيران المعروف باسم "عباس بن فرناس"؟ بعد ما تجاوز ستة عقود من حياته! كيف وفي أي عمر أصبح صاحب شركة كنتاكي فرايد تشيكن KFC المعروفة في العالم حيث لا توجد مدينة مشهورة في العالم خالية من محله إلا وهي تظهر قائمة المأكولات المتنوعة تقدمها هذه الشركة للزبائن. هارلاند ساندرز صاحب الشركة بدأ رحلته التجارية بعد ما تجاوز ستة عقود من حياته! لأنه كان يطمح لحياة كريمة وخلق عالم جديد من الإبداع وكان يحلم فتح محلاته في المدن العالمية ويشتري ويأكل الناس دجاجه المقلي الخاص بنكهته السحرية لأنه فهم أن التطور والتقدم والعلو في الأرض لا يأتي إلا بالعسر وتحمل المشقات، وقام بتنفيذ حقيقة قالها إله الكون في كتابه المقدس "إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".

 

ومن عرف هذه الحقيقة عرف حقيقة الحياة ومبدأ العلو في الأرض وهذه هي حقيقة مرة لأن العسر هو فقط يفتح الآفاق التي توصلك إلى نقطة تحول لتحقيق آمالك وأحلامك وستكون ناجحا ومفلحا لأن الأزمات هي نعمة أنعم الله على الإنسان وهذه هي فطرة الإنسان وهو من القانون الإلهي لا تبديل لقوانينه وأن الأزمات والعقبات تكسر العوائق وتخلق أمامك عالما فريدا وخاصا لك بشرط أن تواجه الأزمات والمشقات والإشكاليات والعقبات بروح التفاؤل لأنها فقط توصلك إلى هدفك المرجو وغايتك الغالية ولذا قال رب الكون "إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" بدلا من أن يقول إن بعد العسر يسرا لأن العسر يواكب المشاكل والأزمات والمشقات والمتفائل يستمر في سيره بدون الندامة على الماضي وعلى ما تقع في طريقه من المعوقات والمعضلات وهو يصبر ويصبر ويستقيم في المجاهدة مرددا في نفسه مقوّلة النعمان ابن المنذر "إن غدا لناظره قريب".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.