شعار قسم مدونات

المعلّم هو أعظم معجزة في الحياة!

blogs تعليم

يبدأ الإنسان التعلم بدايةً من شهره الرابع في بطن أمه ويستمر فيه مدى الحياة، واعتباراً من اللحظة التي يأتي فيها إلى الدنيا يبدأ التعلم عن طريق مشاركة الناس في مختلف جوانب الحياة. فيصبح أول معلم له أباه وأمه، يأخذ منهما التعليم الاساسي، يعلماه كيفية الأكل والمشي والتكلم وإلخ.. فيبدأ بذلك التعرف على نفسه وتتطور شخصيته. وبعد سن معين يلتقي بشخص مثل والديه، ألا وهو معلمه! ومن وقتها فصاعداً يصبح معلمه جزء من حياته.

المعلّم في اللغة هو المرشد، أي إنه المرشد في رحلة المعرفة طوال حياة الطّالب، هو شخص ذو خبرة كما أنه يعتبر حجر الزاوية، فهو يعلّم الصواب من الخطأ، والجيد من السيء، والأسود من الأبيض. فهو لا يقدم معلومات فحسب، بل هو الذي يساعد طلابه في الوصول إلى الطريق الصحيح، والمعلم يكون فدائياً لطلابه ويجهزهم للحياة، فطلابه يكونوا بالنسبة له مثل أولاده.. المعلم هو قائد السفر صاحب المسؤولية الأكبر والأصعب، هو على أتم استعداد لأي تضحيات على هذا الطريق ويتحمل صعوباته. هو يَتَعَلم ويُعَلم كل ما ينفع الناس، حتى إنه هو صاحب الفضل الأول في إقامة الحضارات الحديثة وفي استئصال جذر الجهالة، وهو يضيء حوله بمعرفته.

فهو أمل كل وطن حر كما قال الشاعر؛ "لولا المعلّم ما قرأت كتاباً يوماً ولا كتب الحروف يراعى، فبفضله جزت الفضاء محلقاً وبعلمه شق الظلام شعاعي.." التعليم موجود منذ بداية الخلق، فلا يمكن لإنسان أن يعرف طريقه دون أن يتعلّم، وليس الإنسان فقط هو الذي يحتاج إلى التعليم بل أن الحيوانات والنباتات أيضاً تحتاج إلى التعليم. وكذلك كان أول أمر من الله للإنسان ألا وهو "اقرأ" فالله هو أول من علم الإنسانَ، وهو علّم بالقلم وعلّم الإنسان ما لم يعلم! وبعث أعظم معلم للبشرية محمد – صلى الله عليه وسلم –

مهنة المعلم هي المهنة الأكثر معنىً وأكثرها خلداً في تاريخ البشرية، لأنها تتعامل بشكل أساسي مع العقل الإنساني، الذي يُعتبر أشرف وأكبر النعم التي وهبها الله إياها.

فبمجيئه انتهى عصر الجاهلية تماماً وبدأ عصر النور والمعرفة، من أجل ذلك بُعث النبي – صلى الله عليه وسلم – فالأنبياء جميعاً أُرسلوا إلى أقوامهم معلمين ومرشدين يهدوهم إلى الحق والحكمة. ولذلك جعل الله تعالى العلماء ورثة الأنبياء أيضاً.  بَيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية المعلمين بهذا الحديث: "ذُكر لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلان؛ أحدهما عابد والآخر عالم، فقال ‏رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض وحتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير".

مهنة المعلم هي المهنة الأكثر معنىً وأكثرها خلداً في تاريخ البشرية، لأنها تتعامل بشكل أساسي مع العقل الإنساني، الذي يُعتبر أشرف وأكبر النعم التي وهبها الله إياها. فإن مهنة المعلم وسيلة التي يكون منتجها إنسان وتقودنا إلى هدفنا الأسمى. هناك العديد من المهن في المجتمع، ولكن المعلم من بينهم هو الأكثر قداسة وأقدرهم.. الأطباء والمهندسين والقضاة والمدعين العامين والمعمارين وكل المهن الاخرى يخرجون من بين يد معلم، فبدون المعلم لا يمكن وضع أسس متينة لتعليم المجتمع. المعلم مثل المعماري، فالمعماري يرفع المبنى ببطء، وكذلك المعلم يرفع طالبه ببطء، فيبدأ برمي أساس طالبه ثم يزيده تدريجياً، يحول طالبه من نيء إلى ناضج.

المعلم شخص صبور للغاية، فهو لا يُلقي العلمَ فقط، بل يلقيه مع التضحية والصبر والفداء، يقابل طلابه بسعة الصدر والرحمة والحنان . إذا بطئت سرعة طالب في وقت ما فالمعلم هو من يمسك به ويدفعه ويقول له "هيا حاول مرة أخرى" وكلما أخطأ الطالب يصحح معلمه من وراءه بصبر. فالمعلم يعطي السعادة والمرح لطلابه وهو سبب نجاحهم الصدق هو الشيء الأكثر أهمية في الحياة وفي قلب الناس، فهذا هو المعلم الذي يُعلّم هذا الشيء الممتاز. المعلم يبذل كل جهده لتعليم طلابه، يعطي طلابه أهمية غالية مثل الأب والام، كل ما يريده هو نجاح طلابه.

قبل كل شيء المعلم يقدم كل تجاربه ووجهة نظره لطلابه، فمثلاً أنا تعرفت على مئة معلم ومعلمة في حياتي التعليمية من ثمانية عشر سنة، كلهم أعطوني وجهات نظرهم المختلفة مع العديد من التجارب، فبدأت بالنظر إلى الحياة بوجهات نظر مختلفة. كما أنه بدوره يمثل القدوة الحسنة التي يُحتذى بها، فالمعلم يتحمل وظيفة تربية الأفراد في المجتمع كي يفكروا تفكيراً سليماً، وتحقيقا للمصلحة العامة للأفراد. فيتم تطوير البلدان المتقدمة فقط من قِبل الأفراد المتعلمين، والمعلم هو الذي يحقق هذا. الاستثمار الأكثر دقة والأكثر ربحًا في الحياة في كل عصر استثمار الإنسان. عندما تتربّى البشريةَ على الأسس الراسخة فيكون وجود الحياة التي نحن فيها آمناً وسعيدا وجميلاً، فهذا يكون بوجود المعلمين.. فالمعلمون هم الحياة.. ما أجمل قول الشاعر أحمد شوقي عن فضل المعلم:

قُمْ للمُعلِّمِ وفّهِ التّبجيلاَ .. كادَ المُعلّمُ أن يَكُون رسولاً

أعلمتَ أشرفَ أو أجَلّ من الذّي .. يبني وينشئُ أنفساً وعقولاً

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.