شعار قسم مدونات

قانون الولاء بالثقافة.. الفاشية الصهيونية في أقبح صورها!

blogs وزيرة الثقافة الإسرائيلية ريغيف

تطل علينا من جديد الفاشية الصهيونية في أقبح صورها، فهي لم تكتف بسرقة التراث الفلسطيني في كافة المجالات، ولا بقانون يهودية الكيان، بل إنها اليوم تتحدث عن الولاء الثقافي عبر قانون جديد يُناقش في الكنيست الصهيوني، حيث يسعى الكيان من خلال قانون "الولاء في الثقافة" إلى حرمان الكيانات والهيئات المحلية التي "تُقوّض الدولة ورموزها" من أيّ دعم. ويأتي هذا ضمن سعي اليمين الصهيوني لإحكام قبضته على كل شيء في الكيان، من القضاء إلى الثقافة والفن مرورًا بالانتماء الفكري والديني.

يستهدف هذا القانون بالتحديد، النشاطات الثقافية والفنية العربية المناهضة للاحتلال والمتمسكة بهويتها الفلسطينية، حيث ستُحرم الكثير من الجهات الفنية والثقافية -ومعظمها عربية- في الكيان من أي تمويل حكومي لنشاطاتها كما تنص عليه القوانين بحجة أنهم لا يوالون الدولة ولا يلتزمون بقِيمها، وستنقل صلاحيات سحب ومصادرة الأموال من هذه الجهات إلى وزيرة الثقافة، إضافة للصلاحيات الموجود أصلًا لدى وزارة المالية.

وبحسب خبراء فإن القانون المسمى بـ"قانون الولاء في الثقافة" يتيح للسلطات الإسرائيلية، خفض ميزانية المؤسسات الثقافية أو إلغاءها بالكامل، وفقًا لاعتبارات ريغيف في تطبيقها لـ"قانون النكبة". ولعلّ الأسباب التي قد تتعرض المؤسسة الثقافية للتغريم، وفقًا للتعديل المقترح، هي: "إنكار وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية؛ التحريض على العنصرية والعنف والإرهاب؛ دعم الكفاح المسلح؛ إحياء "يوم استقلال إسرائيل" على أنه يوم حداد؛ انتقاص أو ازدراء كرامة العلم الإسرائيلي أو رموز الدولة.

القانون الجديد يؤكد حالة العنصرية التي يمارسها الاحتلال، من خلال حملته الشرسة ضد أهلنا في القدس وتجاه فلسطينيي الداخل، بدءًا من قانون "القومية" وقانون "إعدام الأسرى" وكل القوانين التي تبيح الاستيطان

تأتي مبادرة ريغيف في أعقاب عدم قدرة وزارة المالية الصهيونية، بقيادة موشيه كحلون، على إلغاء أو خفض ميزانيات مؤسسات ثقافية استنادًا إلى قانوني "النكبة" و"المقاطعة". حيث رفض المستشار القانوني لوزارة المالية، 98 شكوى تقدمت بها وزارة ريغيف ضد مؤسسات ثقافية عربية بزعم خرق "قانون النكبة"، وبحسب بعض المصادر الإخبارية ففي آب/ أغسطس، أرسلت ريغيف رسالة توبيخ إلى كحلون، اعتبرت خلالها أن وزارته رفضت تطبيق القوانين وزعمت أن وزير المالية تصرف بشكل مباشر لجعل القانون حبرًا على ورق. بعد ذلك صدر بيان مشترك لوزيرة الثقافة ووزير المالية الصهيونيين جاء فيه أن المساعي لسن "قانون الولاء في الثقافة" تأتي بعد أن أصبح واضحًا أن الأدوات التي يتيحها قانون الميزانية لا تسمح بعلاج مناسب وفوري لظاهرة انتهاك "قانون النكبة"، وأن القانون الحالي لا يعدو كونه حبراً على ورق لا معنى له وغير قابل للتنفيذ. ومن أجل ذلك يأتي سنُّ هذا القانون الجديد.

إن هذا القانون الجديد يُجسد حالة الخوف والرعب الذي يعيشه ذلك الكيان، فهو يخشى الكلمة، ويخشى الصورة، ويخشى كل تعبير فني أو أدبي يجسد الحق الفلسطيني ويعبر عن الثقافة الفلسطينية العربية، ومن أجل ذلك فهو يحاول السيطرة على المشهد الثقافي برمته، إنتاجًا وتسويقأ، وتطويعه لخدمة أجندته اليمينية المتطرفة، كما يسعى دائمًا إلى طمس الرواية الفلسطينية الحقيقية، التي تشكل خطرًا كبيرًا وحقيقيًا على روايته المزعومة المكذوبة المضلِّلة، لذا تجده دائمًا يسعى إلى صهينة المشهد الثقافي والتعتيم على الرواية الفلسطينية، وفي هذا السياق بالذات يأتي هذا القانون الجديد.

إن هذا القانون الجديد يؤكد حالة العنصرية التي يمارسها الاحتلال، من خلال حملته الشرسة ضد أهلنا في القدس وتجاه فلسطينيي الداخل، بدءًا من قانون "القومية" وقانون "إعدام الأسرى" وكل القوانين التي تبيح الاستيطان، وفرض جدار الضم والتوسع العنصري، وغيرها من القوانين، دون أن يتحمل المجتمع الدولي أدنى مسؤوليات له في وقفه عن هذه التشريعات الظالمة التي يظهر فيها ممارسة الأبارتهايد بشكل واضح".

ورغم رفضنا الكامل للاحتلال جملة وتفصيلًا، وتأكيد عدم اعترافنا بكل ما يصدر عنه من قرارات، خاصة في الشأن الثقافي، فإنه يجب على المثقفين الفلسطينيين خاصة، والعرب عامة، أن يلفتوا الانتباه إلى ضرورة تدخل المجتمع الدولي وخاصة المؤسسات الدولية الثقافية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد البرلماني الولي، والوقوف في وجه الاحتلال ومنعه من سن مثل هذه القوانين التي تزيد الاحتلال عنصرية على عنصريته، لكنها في الوقت نفسه تضغط وتضيق على أهلنا في القدس وفي مناطق 48، الذين يجب على المثقفين أيضًا دعوتهم إلى رفض هذه القوانين والقرارات والتمرد عليها حفاظًا على الهوية الثقافية الفلسطينية العربية من التزييف أو الطمس، ودعوتهم إلى ممارسة الحق الفلسطيني والعربي بالوجود والتعبير عن ذاته في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال، وإحقاق حقه بإنهاء الاحتلال، والعودة وتقرير المصير، وإقامة دولته بعاصمتها القدس الشريف، وذلك وفقاً لما ينص عليه القانون الدولي من حقوق بديهية، يجب أن يتمتع بها كافة البشر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.