شعار قسم مدونات

لا تتزوجوا حتى تقل نسبة الطلاق!

blogs - طلاق

الصعب الذي أصبح في يومنا هذا هيَّن، قديماً كان الناس يخافون لفظ تلك الكلمة حتى لا تكون نذير شؤم في البيت، كان الزواج هو ذلك الرباط المقدَّس الذي فكَّه يحتاج إلى أعظم المصائب حتى يحدث الطلاق. أما الآن إذا نامت الزوجة على سبيل المثال ولم تُحضِر لزوجها الشاي قبل أن تقوم من نومها، يكون هو قام بتطليقها غيابياً، والزوجة التي لا يقوم زوجها بإخراجها كل أسبوع تفتعل هي دور الشاكية الباكية في بيت أهلها حتى يقوم بتطليقها. مشاكل قد نراها قليلة وهينة ولكن هناك الكثير مَنْ يقوم بها بالفعل. حيث أصبحت محاكم الأسرة ممتلئة بالآلاف من الأزواج يشتكون بعضهم بعضاً، والأبناء حولهم يقيمون في المحكمة أكثر مِن إقامتهم في بيوتهم.

كَثُرَت حالات الطلاق بشكل مُخيف لا يمكن التغاضي عنه بأي شكل من الأشكال، ولهذا أصبح الكثير من الشباب يضعون الزواج آخر أولوياتهم ومنهم مَنْ يحذفه من حياته من الأساس، خوفاً على نفسه من الفشل في تلك الخطوة، والعواقب التي من الممكن أن يجنوها من اختياراتهم، وهذا ما أسميه هروباً من المشكلة وليس حلاً لها. وهناك أيضاً مَنْ يدخل في تلك الخطوة بكل عشوائية وبدون تهيئة نفسية لتلك الخطوة، وهو عديم المسئولية وحديثي بصيغة المذكر لا يعني بالضرورة أن يكون كلامي عن الرجل فقط، بل كلامي عن المرأة أيضاً. يتناسون أن تلك الخطوة هي أكبر مسئولية من الممكن أن يتعرَّض لها الإنسان، ألا وهي تكوين أسرة كاملة، وتنشئتهم تنشئة سليمة. كل ذلك يحتاج إلى تقويم ذاتي، والإيمان بالاختلاف حيث يتجاهل الكثير تلك النقطة، وهي أن في الاختلاف حياة.

لا تقبلوا بأشخاص لمجرد أن توقفوا نظرات المجتمع وكلامه، فلا أحد سيحمل عاقبة اختياراتكم سواكم أنتم وأولادكم.

الاختلاف بين الأزواج، الاختلاف الذي لا يضر أحدهما، هو قمة التكامل بينهما فكلاهما سيُعوِض نواقص الآخر. أما فرض أحدهما على الآخر بأن يكون نسخة منه، هو أكبر المشاكل في حد ذاتها لأن التغيير في أغلب الأوقات سيكون صعباً. أما التأقلم مع الاختلاف هو أسهل كثيراً، ولن يكون مجالاً للخلاف المستمر بين الطرفين. أسمع كثيراً من الأمهات عندما تريد أن تُقنع ابنتها بشخص ما تقول لها (هتغيريه بعد الجواز) وهذه من أكثر الكلمات الخاطئة والتي لا تتم لأن لا أحد يتغيَّر بتلك السهولة التي تُقنع بها الأم ابنتها وتصطدم الابنة بعد الزواج بعدم قابلية الزوج للتغيُر وبالذات إن كانت صفاته صعبة الترويض والتعامل معها، وأغلب حالات الطلاق كانت بسبب تلك الكلمة.

النضج والعقلانيَّة في التعامل يجب أن يتواجدوا بين أي زوجين، والقدرة على النقاش والحوار بينهما هي من الأساسيات التي يجب أن يراعيها أي أحد مُقبِل على الزواج. وفترة الخِطبة يجب أن تكون فترة ليست بكبيرة أو صغيرة، ولكنها يجب أن تكون فترة كفيلة بأن يعرف كلاهما الآخر، ومقولة بأن لا أحد يعرف الآخر في فترة الخِطبة، مقولة خاطئة لأنّ لا أحد يستطيع أن يتجمَّل كثيراً. فهناك مواقف يجب أن تُظهر كل الصفات التي يحتاج كلا الطرفين أن يعرفها عن الآخر، ويجب أن يكون بين الطرفين شيء من التسامح والتغاضي عن الأشياء البسيطة حتى لا تكبُر الأمور بشكل ميؤوس منه في التعامل بعد ذلك، ويجب أن يتحلى الطرفين بالمسؤولية. وأن عليهما أن يُساعدا على سير السفينة التي قررا أن يبحرا فيها سوياً، حتى لا تغرق ويغرق معهما أولادهما، لأن الأبناء هم الأكثر ضرراً من الطلاق، وعواقبه ستُصَب فوق رؤوسهم بلا شفقة أو رحمة. وسيحملون كَمَّ التعقيدات والعُقَد النفسيَّة التي هم في غنى عنها. إلا إذا أحسَن الوالدين اختيار بعضهما البعض وكان لديهم من المسؤولية ما يُغنيهم عن ذلك.

وهناك من الأزواج مَنْ يتعامل مع زوجاتهم بكل تعصب وتعند وحب للسيطرة الزائفة والتقليل من زوجته بأي شكل كان. عزيزتي وصديقتي الفتاة ابتعدي عن هؤلاء حتى لا تخسرين ولا تجنين سوى الطلاق وتشرد أبنائك. الزواج الذي لا يكون فيه معاملة طيبة واحترام ومشاركة وتعاون وجود بين الطرفين، فلا يباركه الله ولا يرزقهما المودة والرحمة ودائماً على نياتكم تُرزَقون. وهناك من الدروس الأونلاين والدروس الأوفلاين ما تُمكن الجميع من التقويم الذاتي وكيفية التعامل مع البعض، حتى تسير الحياة. لا تقبلوا بأشخاص لمجرد أن توقفوا نظرات المجتمع وكلامه، فلا أحد سيحمل عاقبة اختياراتكم سواكم أنتم وأولادكم. كما أن هناك زواج يفشل وهناك زواج ينجح كثيراً، ولكن يجب أن نعلم مَنْ نريد أن نختار بكل تمعن ومسؤولية ونضج وعقلانيَّة، حتى نقلل ذلك الفيروس المنتشر وهو الطلاق الذي هو أبغض الحلال حتى لا ننسى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.