شعار قسم مدونات

من التخلف لتدني الأخلاق.. إلى أين تقودنا الدراما السورية؟

blogs - دراما سورية

لطالما تكون الدراما وسيلة للتعبير عن المجتمع حتى أنها في بعض الدول مثل الهند تكون وسيلة حكومية تتبنى بعض الأعمال الفنية حتى تروج لأفكار معينة أخفقت هي في ترويجها. لكن الأمور تختلف في سوريا فالدراما تتدرج بين تخلف وانحلال أخلاقي دون أي مراعاة لأي قيود اجتماعية أو حتى معايير أخلاقية. الأمر الذي أصبح يُغضب الشعب السوري، حتى هؤلاء الذين كانوا يتغنوا في الدراما السورية، أصبحوا اليوم ينتقدوا بشدة السياسة التي اتبعتها الدراما.

فبعد "باب الحارة" الذي شوه صورة دمشق القديمة وقدمها بقالب رجعي، وبعد "أهل الراية" الذي صور الظلم والتخلف في نفوس أهل الشام، وبعد "خاتون" الذي شوه سيرة واحدة من أعظم النساء الدمشقيات. أصبحنا أمام مجموعة مسلسلات تنحدر أخلاقياً بوجود مشاهد وقضايا مُخلة بالآداب العامة، وأصبحنا نجد مسلسلات تُصور المجتمع السوري على أنه فاحش متفكك ينتشر في عائلاته انحلال كبير. ونسي المخرجين والمنتجين أي قضايا إيجابية، وأصبحوا يلاحقون مجموعة قضايا سلبية، لكن هل هذا الأمر يخدم المجتمع فعلا؟ كما ذكرت سابقاً، ان الهند تلجأ فيها الحكومة أحياناً للدراما، ألا يعني هذا وجود تأثير كبير للدراما والسينما؟ فالهند نسبة السياحة فيها مرتفعة مع أنها دولة ينتشر فيها الفساد والتلوث والعنصرية والكثير من المظاهر السلبية. لكننا كل ما شاهدنا فيلم من إنتاج الهند تمنينا زيارتها والتعرف على أهلها الذين نجدهم طيبون ويحبون بعضهم البعض.

أما التصوير والإضاءة جداً مبتدئة مع أن سوريا عندما بدأت تُنتج أفلام ومسرحيات، كان العالم مازال منشغل بقراءة صفحات الجرائد.

الأمر ينعكس في سوريا التي صورت سوريا أنها بلد أشباح، وأن الناس فيها كالوحوش حتى أصبح الأمر في تفاقم، وأثرت هذه المسلسلات بشكل حقيقي على الأرض. كان المفكرين السوريين ينتقدوا بشكل دائم "باب الحارة" التي صورت السوريون كأنهم مازالوا يركبون الجِمال، أما اليوم أصبحنا نتمنى أن يتوقف الأمر هنا. المسلسلات كانت تُعرض بشكل سنوي في شهر رمضان باعتباره شهر يحتاج الإنسان فيه للترفيه في جلسات العائلة. ولكن مع الأسف، تقريباً كل شاشات العرض رفضت ما انتجت شركات الانتاج السورية هذا العام، لأنها اعتبرت أن عرض هذه المسلسلات في شهر مقدس يعتبر شيء مُخل دينياً وأخلاقياً ويُعتبر تقليل من شأن المسلمين.

عدا عن ذلك، تم عرض بعض منها في القنوات السورية ولكنها نالت انتقادات كبيرة وتم مقاطعتها، هذا من الناحية الأخلاقية والدينية والاجتماعية. أما من الناحية الاحترافية فالدراما السورية التي كانت تشتهر بقوة إقناعها وأنها واجهة الدراما العربية، تراجعت للغاية فبعد خروج عدد من ممثلي سوريا الكبار وموت عدد منهم أمثال سليم كلاس وتوفيق الزعيم وبسام دكاك وغياب الرقابة التي كانت مسبقاً، وانتشار الفساد في الواحات الإعلامية، أصبحنا نجد الكثير من الممثلين والممثلات لا يستطيعون إكمال الحوار حتى.
 
مع أن سوريا أخرجت كبار ممثلي الدراما العربية مثل باسل خياط وتيم حسن وغيرهم الكثير، عدا عن غياب التقنيات اللازمة فالممثل بالكاد نستطيع سماع صوته بسبب غياب تقنيات الصوت اللازمة. أما التصوير والإضاءة جداً مبتدئة مع أن سوريا عندما بدأت تُنتج أفلام ومسرحيات، كان العالم ما زال منشغل بقراءة صفحات الجرائد. نحن كشباب سوريين نريد أن نصرخ، أرواحنا رافضة للقيد الفكري لا الأخلاقي، ففهمكم لمفهوم الحرية والتقييد مختلفاً عن الصوت الذي نادينا فيه.

نحن كشبان سوريين نود أن نعبر عن وجع الصمت على أياماً كان يجدر بنا أن نتكلم فيها بدل من السكوت على الاستبداد. نحن ضحية تشويهكم لسمعتنا من خلال هذه المسلسلات التي لا تُعبر إلا عنكم. وينتابنا مشاعر مبعثرة بين حزن وخيبة وغضب حينما نراكم مستمرين بإنتاج هذه الأعمال البالية. أما القضايا التي تعتقدون أنكم تُضيئون عليها، فإن هذه الأضواء وهمية للغاية. وإني أعلن الرهان على وجودها، أما لكل شخص يحاول تشويه مجتمعنا ونشر الانحلال فيه. فإنه لا بأحلامك أن تستطيع تغيير نفوساً شبت على الأخلاق واستنشقت هواء الشام المفعم بالياسمين النقي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.