شعار قسم مدونات

بين الرواية السعودية والحقيقة.. كيف نظر أردوغان لمقتل خاشقجي؟

blogs جمال خاشقجي

استطاع الصحفي السعودي جمال خاشقجي أن يجعل من قضيته قضية رأي عام دولي بعد اختفائه في اليوم الثاني من شهر أكتوبر الجاري وموته أو بالأصح مقتله على الأراضي التركية بالضبط في القنصلية السعودية. وجاء خبر وفاته على لسان روايات اختلف نسجها كل مرة، صرحت بها السلطات السعودية. علماً أنها أنكرت حدوث الجريمة بشكل تام في بداية الأمر، كما تأخرت في التصريح لدخول القنصلية للاستخبارات التركية وأن الخاشقجي خرج بعد ثلاثين دقيقة من دخوله القنصلية. لتأتي الرواية الثانية بعد شروع السلطات التركية بالتحقيقات، وبعد أيام من حدوث الجريمة تمثلت في أن الخاشقجي قام باشتباك مع البعثة السعودية وبالغلط تم حبس أنفاسه المعنى البريء لخنقه.

الأحد الماضي أدلى الرئيس التركي طيب رجب أردوغان أن التحقيق جاري حتى يتبين الحق كون الجريمة تمس الإنسانية، وأن يوم الثلاثاء سيُقدم خطاباً في البرلمان ُقدم فيه ما توصلت إليه التحقيقات. وبالفعل قام بإلقاء خطاب صرح فيه ملابسات القضية من بدايتها، فحسب قوله التجأت خطيبة خاشقجي خديجة دنكيز للشرطة شاكية أنه التحق بالقنصلية، لكنه لم يخرج منها بعدما نفوا ذلك. وقالو لها عند باب القنصلية أنه لم يدخل بتاتاً، لكن التحقيقات جاءت عكس ذلك، كون أن الجريمة كانت مدبرة ومخطط لها خاصة بعدما أسفرت النتائج على حضور بعثة سعودية متكونة من خمسة عشر شخص من بينهم أطباء وآخرين من الاستخبارات عبر طائرات خاصة وأخرى عامة.

كشفت التحقيقات الأخيرة عن وجود سيارتين دبلوماسيتين تابعة للدولة السعودية في أحد مواقف السيارات التي كانت موجودة أمام مقر القنصلية يوم الحادثة.

حيث أن أبرز النقاط التي لفتت الانتباه هي وصول جماعة الاغتيال كما سميت والقيام بزيارة غابات بلغراد، مؤشر على تخطيط مسبق، ثم حدثت العملية. وبعد ثلاثون دقيقة واعتماداً على الكاميرات الموجودة خارج مجال القنصلية، كون أنهم قاموا بإزالة أقراص الحفظ من كاميرات القنصلية يوم الجمعة، خرج من الباب الخلفي شخص من هؤلاء تقمص دور الضحية مرتدياً جميع ملابسه، لكن الحذاء لم يكن نفسه وحتى تسريحة الشعر مختلفة لتمويه الكاميرات. ما يؤكد مرة أخرى أنها لم تكن عملية عرضية لكنها مدبرة. وقد كان متجهاً إلى مسجد السلطان أحمد الشهير، ثم بدل ملابسه مرة ثانية ليكمل تجواله هناك إضافة إلى أنهم كانوا سيبقون لأربعة أيام لكنهم غادروا في نفس اليوم.

فيما يخص الجثة، يقول الرئيس أنه قد تم تسليمها لمتعاون محلي لكن الجثة لازالت مختفية تماماً، حسب تصريحات الرئيس التركي أنه أجرى اتصالات مع العاهل السعودي مؤكداً له سوء إدارة القنصل وبأدلة صريحة، لكنه غادر الأراضي التركية بعدها. كشفت التحقيقات الأخيرة عن وجود سيارتين دبلوماسيتين تابعة للدولة السعودية في أحد مواقف السيارات التي كانت موجودة أمام مقر القنصلية يوم الحادثة، لكنها تنتظر الموافقة لتفتيشها. إضافة إلى مطالبته بتشكيل لجنة دولية مستقلة بشأن القضية.

كما أن الرئيس التركي كان حكيم في تقديم مناشدة مرنة للملك السعودي وبطريقة جداً مهذبة، فهو يُكن له الكثير من الاحترام، ففي أزمة قطر حاول الرئيس طيب أردوغان التدخل للصلح. وقال للعاهل السعودي "أنت كبيرهم" كمية الاحترام التي تجسدت في هذه الكلمة والمناشدة تمثلت في طلب المساعدة في كشف المجرمين الحقيقيين وأن الاستخبارات التركية لن تُلبس التهمة لأشخاص ليسوا متورطين من القنصلية. كما آمن بحسن نية الملك سلمان وأنه سيتعاون مع الحكومة التركية في التوصل لإجراء تحقيق من لجنة محايدة واستجواب أشخاص لهم صلة.

كما أكد من خلال نداء موجه لخادم الحرمين الشريفين – كون تفاصيل الحادثة جرت في إسطنبول – أنه من الضروري مقاضاة الثمانية عشر مشتبه بهم من قِبل الحكومة التركية. فاتفق الجميع أنه اقتراح مهم والإجابة عليه مهمة أيضاً، وسُتغير الكثير في علاقة الدولتين سواء بالترحيب بالاقتراح أو بالرفض. متأملين في صدور حكم عادل ضد المتورطين في القضية لتأتي بعدها مرحلة محاسبة الرؤوس الكبيرة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.