شعار قسم مدونات

المقاومة والمصالحة.. منطلقات أساسية لمبادرة الأمين العام

blogs المقاومة الفلسطينية

تعتبر الفصائل الفلسطينية بكافة مرجعاتها وأدبياتها وأيدولوجياتها الفكرية والتنظيمية، هي الركيزة الأساسية للقضية الفلسطينية لاسيما أن هذه الفصائل تتنوع المشارب فيها وتتنوع المرجعيات والفكرية والتنظيمية لها، مع وجود عدد كبير من العوامل المشتركة التي يجتمع عليها الكل الفلسطيني، تتلخص في نقاط أساسية لطبيعية الصراع الإسرائيلي العربي هي منطلقات أساسية مرتبطة بالثوابت الفلسطينية ومرتكزاتها، ولعل أهم هذه الثوابت والمنطلقات أن فلسطين هي أرض عربية محتلة من قبل هذا الاحتلال الإسرائيلي الذي فرض وجوده بعض الساسة والأنظمة الغربية، بمساعدة بعض المتواطئين من العرب، وأن تحرير هذه الأرض هو واجب شرعي على الجميع دون استثناء أن يشارك في هذه العملية والتي تحمل في طياتها العديد من المخرجات التي تؤسس للدولة بشكلها الجديد بعد التحرير وهذا أمل بالله كبير، أولا ثم بعدالة قضيتنا الفلسطينية.

تعتبر حركة الجهاد الإسلامي من الحركات الفلسطينية ذات المرجعية الإسلامية وهي تعتبر من الحركات الإسلامية الفاعلة في ميدان المقاومة المسلحة حيث تمتلك جهازاَ عسكرياَ تحت اسم سرايا القدس يمشي تحت لوائه آلاف المقاتلين المدربين والذين يحملون في صدروهم عقيدة تربوا عليها في حلقات الذكر والتربية عقيدة جعلتهم قنابل بشرية موقوتة قد تنفجر في أي لحظة في وجه الاحتلال حيث لا يغيب عن أذهانا مشاهد العمليات الاستشهادية التي نفذها مجاهدو سرايا القدس في العمق الصهيوني، والتي كان أشهرها عملية العفولة التي نفذتها الاستشهادية هبة دراغمة، في مايو 2003، وعملية ديزنقوف والتي نفذها الاستشهادي رامز عبد القادر عبيد في ابريل 1996م وعملية القدس التي نفذها الاستشهادي حمزة سمودي عام 2002م إضافة الى قافلة طويلة من الشهداء والعمليات البطولية التي سطرت بدماء هؤلاء الابطال.

تحظى الحركة بعلاقة جيدة مع جميع الفصائل الفلسطينية وتعتبر الأقرب لحركة حماس بسبب حجم المقاربة في مجموعة الايدولوجيات والابعاد الفكرية إضافة لتبنيها خيار المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي لتحرير كامل فلسطين من بحرها الى نهرها كما تؤمن بها الحركة بعيداً عن خيارات التسوية والتقسيم كونها لا تعترف بالاتفاقيات والمعادات التي وقعتها السلطة بقيادة حركة فتح مع الاحتلال الإسرائيلي، إضافة لكون الحركة تتمسك بخيار عدم الدخول للسطلة من أي بوابة سيما الانتخابات أو غيرها، وهي تتحفظ على أوسلو ومخرجاتها وتعتبر أن السطلة هي أحد مخرجات اتفاقية أسلو.

الوحدة الوطنية هي الخيار الوحيد في مواجهة هذا الاحتلال للوصول الى التحرير، وأن هذا الانقسام جاء سلبياً على كل مكونات الحالة الفلسطينية، الامر الذي أدى إلى تفاقم الحالة المتردية للنظام الفلسطيني الداخلي

في وسط تجاذبات دولية وإقليمية تقدم الحركة على عقد الانتخابات الداخلية لها، وتنتقل الأمانة العامة للحركة إلى الأستاذ زياد النخالة، بعد الأستاذ رمضان عبد الله شلح، وبعد استشهاد الدكتور فتحي الشقاقي المؤسس الأول للحركة ومفكرها، والذي رسم معالم الحركة وسياستها العامة، وهي أن فلسطين هي مركز الصراع وهي البوصلة للعمل والجهاد والحراك؛ ولقد كان لظهور الجهاد وهي تتبني الكفاح المسلح بالمنظور الفكري السياسي بالهوية الجهادية أكبر الأثر على الساحة الفلسطينية والإقليمية، ليعلن الأمين العام الجديد في خطاب له عن بعض النقاط والتي تأتي في إطار التأكيد على المنهج العام للحركة والذي رسمه القادة المؤسسين، واشتملت كلمة الأمين العام على خمسة محاور كانت على النحو التالي:

أولا: اعتبارُ المصالحةِ أولويةً وطنيةً في صراعِنا مع العدوِّ، وهي مفتاحٌ لتجاوزِ الخلافاتِ والصراعاتِ داخلَ المجتمعِ الفلسطينيِّ. حيث جاء خطاب السيد النخالة مؤكدا على أن الوحدة الوطنية هي الخيار الوحيد في مواجهة هذا الاحتلال للوصول الى التحرير، وأن هذا الانقسام جاء سلبياً على كل مكونات الحالة الفلسطينية، الامر الذي أدى إلى تفاقم الحالة المتردية للنظام الفلسطيني الداخلي، وأكد على أن الأزمة التي يمر بها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة جاءت بسبب الانقسام البغيض الذي أدى إلى تجزئة الوطن ومحاولة فصله ما بين غزة والضفة، ودعا القوى وفصائل المقاومة إلى الوقوف بكل حزم للتصدي لما يشاع حول صفقة القرن.

ثانياً: استردادُ المصالحةِ الوطنيةِ لصالحِ الكلِّ الفلسطينيِّ، فجميعُ الشعبِ الفلسطينيِّ ضحيةٌ لهذا الخلافِ. وهنا شدد الأمين العام على أن المصالحة يجب أن تكون مبنية على أساس وطني يشترك فيه الكل الفلسطيني دون اقصاء للآخر، ومن هنا يستنبط ما يدور حوله مصطلح التمكين والذي تسعى إليه السلطة في عملية المصالحة والشروط التي تطرح مسبقا لأي اتفاق والسعي لإخراج حركة حماس من المشهد السياسي، الامر الذي لا تقبل به حماس ولا باقي الفصائل، وهنا لابد أن تكون المصالحة استثماراً للجهود المبذولة في التخفيف عن معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بعد سنوات الحصار التي مرت عليه.

ثالثاً: ندعو فورًا إلى لقاءِ اللجنةِ التحضيريةِ التي التقَتْ في بيروتَ بتاريخِ 10 كانون الثاني 2017، ومثلَتِ الكلَّ الفلسطينيَّ، إلى لقاءٍ في القاهرةِ، والشروعِ في معالجةِ كلِّ الخلافاتِ والتبايناتِ بينَنا، وأن نبنيَ على القراراتِ التي اتخذَتْها في حينِهِ. يعتبر هذا البند ذو أهمية بالغة كونه يشدد على المشاركة الفلسطينية الواسعة في على مستوى الإطار العام للفصائل والقوى الفلسطينية ويعطي الضوء الأخر للبدء بالإصلاح سواء على مستوى المنظمة والإطار القيادي المنبثق عن اللقاءات، لتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها الحالة الفلسطينية.

رابعاً: التأكيدُ من قبلِ قوى المقاومةِ أنَّ التهدئةَ لن تُلزمَنا بعدمِ الدفاعِ عن شعبِناـ ولن نذهبَ بها إلى اتفاقياتٍ سياسيةٍ معَ العدِّو، وإنَّنا فقط نبحثُ معَ الإخوةِ في مصرَ سبلَ انهاء الحصارِ عن شعبِنا. وهي خَيارٌ من موقعِ المسؤوليةِ الوطنيةِ، وليسَ من موقعِ الضعفِ الميدانيِّ، فتلك مسؤوليةٌ يجبُ أن نعملَ جميعُنا ومن دونِ استثناءٍ على إنهاءِ هذا الحصارِ الظالمِ، وهذه العقوباتِ غيرِ المبررةِ التي أتَتْ في سياقِ ليِّ الأذرعِ ومكاسرةِ الإخوةِ.

على الجميعُ أن يلتزمَ بتطويرِ سبلِ المقاومةِ بكافةِ أشكالِها، وبحسبِ ما هو ممكنٌ، في الضفةِ والقدسِ، من أجلِ مواجهةِ ما يُسمونَه “صفقةَ القرن”
على الجميعُ أن يلتزمَ بتطويرِ سبلِ المقاومةِ بكافةِ أشكالِها، وبحسبِ ما هو ممكنٌ، في الضفةِ والقدسِ، من أجلِ مواجهةِ ما يُسمونَه “صفقةَ القرن”
 

شدد الأمين العام أن المقاومة ما تزال تحتفظ بسلاحها وأن ما يحدث من مشاورات وحوارات هنا وهناك لا تلزم المقاومة بعدم حماية أبناء الشعب الفلسطيني، وأن المقاومة صاحبة الكلمة الأولي والأخيرة في الميدان، وأن الجهود التي تبذل من الاخوة المصريين وبعض الجهود الأممية لا تعتبر سيفاً مسلطاً على رقبة المقاومة، ويجب على كل الأطراف العمل بكل قوة لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة لأكثر من 11 عاماً، والذي جاء على كل مكونات الحياة في قطاع غزة وأدى إلى شلل الحياة بشكل عام اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وغيرها الكثير .

خامساً: أن يلتزمَ الجميعُ بتطويرِ سبلِ المقاومةِ بكافةِ أشكالِها، وبحسبِ ما هو ممكنٌ، في الضفةِ والقدسِ، من أجلِ مواجهةِ ما يُسمونَه “صفقةَ القرن”، والتي هي الإخراجُ الحديثُ لتصفيةِ ما تبقى من القضيةِ الفلسطينيةِ وإنهاءِ حقوقِنا إلى الأبدِ. يثبت الأمين العام قواعد الحركة من جديد ويعيد تجديد البيعة مع الرجال القابضة على الزناد، الذين يقدموا لفلسطين أغلي ما يملكون، كانت رسالة الأمين العام واضحة في إعطاء المقاومة المساحة التي تحتاجها لتطوير قوتها وتعزيز وجودها وتمكين قواعدها للتصدي لكل الصفقات المشبوهة والتي من شأنها تمرير مسلسل انهزامي خياني لتقسيم فلسطين وإنهاء حق العودة وتجاوز بعض الثوابت الفلسطينية التي يجمع عليها الكل الفلسطيني، كانت الرسالة إلى كل أبطال المقاومة سواء في القدس أو الضفة الغربية وقطاع غزة.

يلاحظ من خلال هذه المحاور الخمسة أن الحركة لا تزال تحتفظ بالمقاومة كخيار استراتيجي وهذا الأمر ينسجم مع الأهداف الأساسية التي انطلقت من خلالها، إضافة لبعض الأمور التي من أهمها أن المصالحة وانهاء الانقسام الداخلي وتطوير سلاح المقاومة والمشاركة السياسية لكل الفصائل دون اقصاء، والسعي بكل طاقة إلى تجاوز الخلافات الداخلية للتصدي للمرحلة القادمة والتي تحمل في طياتها الكثير لاسيما ما يشاع حول صفقة القرن والتي يحذر منها الجميع. هي دعوة أطلقها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الأستاذ أبو طارق النخالة حملت مجموعة مضامين تحظى بتوافق واجماع وطني لعلها تجد قلوب وآذان صاغية تحمل هذه المفاهيم وتأخذها على محمل الجد، لنتجاوز هذه المرحلة الصعبة من مراحل حياة شعبنا الفلسطيني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.