شعار قسم مدونات

الطريق إلى الله معبَّدٌ بالحب!

blogs دعاء

على عدة مفترقات طرق تقف تبصر ما حولك ولا تبصر وكأن غشاء سوداويا يحجب الرؤية عنك.. تقف مدهوشا من مجريات الأمور ولا تجد تفسيرا منطقيا لأي منها.. تنعت الماضي والحاضر وتلعن المستقبل المجهول، خارت قواك أيا صديق فما عادت الرغبة في الحياة مجدية ولا عاد الشغف يتسلل إلى أعماق روحك لتفعم بالحياة. تآلفت مع نفسك ومع أشيائك القديمة التي باتت تشكل لك روتينا مقيتا وقاتلا ولكن لا زال ينبض بشيء منك! أصبحت رؤاك باهتة اللون وبسمتك خريفها قد أتى فتساقطت عن شفاهك باكرا ولا زلت في ربيع العمر!

أي وجع ذاك التي تجذرت عروقه في ثنايا روحك لتئن يأسا وحزنا.. أي ظلم قد وقع على قلبك وأي هوان وصلت إليه نفسك؟! ما عاد في هذه الدنيا أمان لقلبك وروحك وما عدت تشعر بالسلام.. أشعر بك وألتمس بضعا من وجعِك، أرقبك بصمت أداريك ولا أستطع أن أكفكف أدمعك، أهمس بصوت خافت يكاد يسمع ماذا بعد؟ أرى حنينك لأيامك القديمة وأرى اليأس في عينيك أرى كل ما لا تستطيع شفاهك البوح به، أراك تموت قهرا ولا شيء يهون عليك؟!

أخبرتني يوما وقد مررت في ذات الموقف وذات الصدمة وقلت: أيا صديق الطريق إلى الله معبّدٌ بالحب.. أذكر مليا بأن أنظاري اتجهت نحو السماء تبحث عن شيء مفقود؟!! بتُّ دقائق أجول بنظري في السماء أقلبه يمنة ويسرى ثم همست بصوت عالِ (الله).. وانفجرت باكيا وقد مضيت وتركتني وحدي.. وكأن ما كنت أفتقده هو اللجوء إلى الله تعالى.

ماذا لو لم أكن أؤمن بوجود الله؟! أي وحدة كنت سأشعر بها وكيف ستكون روحي غير أنها روحا خاوية تفتقر للحياة! أي هوان سأعيش وأي ضياع سينهش من سنين عمري بلا جدوى!

صدى كلماتك لا زال يتردد في أذناي "الطريق إلى الله معبّدٌ بالحب"، بتُّ أفكر مليا هل يعقل بأن أولئك الذين سرقوا مني شغف الحياة قد أضلوا طريقهم فأضلهم الله ليتوهوا في صحاري ظلمهم وجبروتهم وليفعلوا ما شاءوا وليبكوا أعيننا دمعا وليسلبوا منا كل شيء ويعلوا جبروتهم وطغيانهم وينتشر فسادهم في أرجاء المكان! وأين هم عن الله إذا ألا يذكرونه في خلواتهم؟! ألا يفتقرون إليه؟! ألا يفتقدون أمانه؟! أم على قلوب أقفالها!

رويدا رويدا بتُّ أجاري الأمور من حولي، أعبد الله حبا وطوعا، وألتمس الحب منه وحده ورضاه، كلّ ألم كان يَلُّمّ بي ألجأ إليه في صلواتي ودعائي أخبره عن أولئك الذين آذوا قلبي.. أعود بأدراج ذاكرتي إلى الأمس القريب حينما كانوا وكنا وكان كل منا يقابل الآخر بالسلم والأمان، ماذا جرى وكيف تبدلت الآيات! أقلب في ثنايا روحي عن الشغف الذي افتقدته ، كم كانت الحياة ببساطتها أجمل.. وطرحت على نفسي السؤال؟!

ماذا لو لم أكن أؤمن بوجود الله؟! أي وحدة كنت سأشعر بها وكيف ستكون روحي غير أنها روحا خاوية تفتقر للحياة! أي هوان سأعيش وأي ضياع سينهش من سنين عمري بلا جدوى! أي سلام ذاك الذي سأشعر به وأنا افتقد الأمان!.. وستسألني يا صديق وماذا بعد فأجيب: "الله هو الأمان" ولولا أمنه لما كان السلام. "الله هو الرحيم" ولولا أن رحمته وسعت كل شيء لما كان أرحم بنا من أنفسنا. "الله هو المنجي" ولولا مناجاتنا له لخارت قوانا وما عدنا نحتمل أيا من منغصات هذه الحياة. "الله هو الحب" ولولا محبة الله ما لانت قلوبنا وما تطيبت وما تحاببنا. الله يا صديقي هو الكمال.. في السر والعلن وفي الفرح والحزن وفي أشد ظروفك مرارة وقسوة تجده معك وإن نصرته نصرك وإن آمنت به ووثقت بعطاياه ما خابت آمالك يوما.

لا زال الطريق طويلا في دروب هذه الحياة ولا زالت أنفسنا تحتاج لفسحة من الأمل وقليلا من الحياة لأجل الحياة.. لا زال هنالك الكثير من الأمور التي يجب علينا إنجازها والأحلام التي تنتظر منا أن نحققها والآمال التي توقفت وتحن لأن نكمل بناءها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.