شعار قسم مدونات

مللنا بكاء المنافقين.. فمتى نثور؟

مدونات - ثورة تونس

كم أتمنى أن يعود ذلك الزمن الذهبي، زمن الشهامة والتضحية، زمن النضال والكفاح، عهد الزعماء والقادة المقدامين الملهمين. زمن على البهلوان، طاهر الحداد، فرحات حشاد، وغيرهم من الأبطال الذين ألهموا العقول وشحنوا الهمم للدفاع عن كرامة هذا الوطن. وكتبوا تاريخه بدمائهم ودماء شهدائنا. اعشق ذلك الزمن لأن رجاله أعطوا أنفسهم فداء لبناء تونس الغد، تونس الحرية والكرامة. رجالها ونساؤها تونسيون أحرار رفضوا مد أياديهم ذُلاً للمستعمر الغاصب. تلك هي النخبة التي صنعت تاريخ تونس النضالي المثابر لتحقيق رؤية توحد التونسيين تحت راية الوطن.

فماذا حدث لأمة أنجبت حنبعل مرعب روما، ماذا حدث لشعب ابن خلدون، أبو القاسم الشابي وشيوخ الزيتونة. كيف أصبحت تونس، منارة المغرب العربي، مرتعاً للانتهازيين والمفسدين. أين أصبح الحق باطلاً والباطل حقاً، أين تطغى المصلحة الفردية على مصلحة الأمة. هل هو تخاذل من أفراد هذا الشعب لمواصلة مسيرة ثورة بدأناها منذ سنين أم يأس لما آلت إليه الأمور. وطننا اليوم في أمس الحاجة لأبنائه، محتاج لعزيمتهم، فالرهان هو استمرارية الأمة ولا يمكن تحقيق ذلك إذا لم يصطف المواطنون تحت راية تونس. كيف لبلادنا أن تزدهر إذا اختبئ المواطنون وراء حائط اليأس واللامبالاة، يجب أن تشحن الهمم وتستفيق الضمائر، ومن واجب كل فرد أن ينجح ويبدع ويتميز لأن تميزه هو رفعة للأمة كلها. لقد جاء وقت نهوض قلوبنا.

فلنكن لها كما هي لنا، وننهض معاً من دمار الأمس لبناء الغد، غدٌ أبهى لنا وللأجيال القادمة، وبناء دولة تحترم وتُقدس المواطن وهويته وتحمي حريته.

لماذا الصمت وقد خلق الصوت حراً طليقاً كالنسر الخارق؟ لماذا الصمت وقد خلقنا أحرار في ملكوت الخالق، لا تحدنا أرض أو بحار؟ فيا شعبي لماذا تتألم وتكدح وتكافح وأنت صامت، بينما تنهش لحمك وعظامك الكلاب والضباع؟ لقد مللت بكاء ونحيب المنافقين وقلوبهم لا تعرف للهم مكان، وبطونهم لا تعرف للجوع طعم. شعبي يتعب، يسهر ويمرض ويموت ولا يشتكي إلا للخالق، وتجد دائماً على وجهه ابتسامة تعب تتبعها "الحمد لله". شعبي هي تلك المرأة الكادحة للقمة عيش شريفة لأولادها، شعبي هو ذلك الشاب الفقير الذي قلبه ينبض إلا عشقاً لهذا الوطن. شعبي هو ذلك اليتيم والمحتاج والضعيف والمريض. شعبي عظيم فهو لا ينافق بل يحارب، شعبي عظيم لأنه لا ينحني بل قلبه يملأه الأمل بغد أفضل. شعبي موجود في المقاهي وفي أزقة الأحياء الشعبية. شعبي ينام جائعاً، يلبس القديم ويسكن المقابر.

يا شعبي لقد مللت بكاء المنافقين على بلد لا يحبونها إلا لمالها، أنتم أولاد هذه البلاد ومستقبلها وحماة تاريخها. اليوم لا مجال للصمت، لا مجال للتهاون. اليوم نبدأ إعادة بناء وطننا ونخرج من عتمت المنا إلا النور الذي يجمعنا وهو عشقنا لتراب تونس. لا يعنيكم صوت المنافقين، فركبهم ليس بركبكم واتبعوا صوت الحق، صوت قلوبكم الذي يدق عشقاً لبلادنا. فلنكن لها كما هي لنا، وننهض معاً من دمار الأمس لبناء الغد، غدٌ أبهى لنا وللأجيال القادمة، وبناء دولة تحترم وتُقدس المواطن وهويته وتحمي حريته. بلاد تقبل الآخر مهما كان اختلافه وتكون بوابة أمل للعالم ومثال للإبداع والتميز.

كفانا من عقلية (شاشية هاك على هاك) وعقلية (اخطى راسي واضرب)، اليوم كلنا معنيون ولا فرق بين المناطق أو الأديان أو التوجهات السياسية. توجهنا الوحيد يجب أن يكون لخدمة البلاد، والتضحية من أجل اقصاء هؤلاء الخونة ومحاسبتهم. بناء الغد لا يكون بالأوهام ولا بالحلول الغبية، بل برؤية واضحة وعزيمة كبيرة، فالعمل يجب أن يكون ثقافة شعب، والوطنية سلاحه. لذلك عزيزي المواطن لقد حان وقت الاستفاقة، لقد حان الوقت لكي نعود إلى رشدنا. فهيا بنا يا شعبي فأنا أنتظركم لتكونوا معي، فبلادكم حزينة وكئيبة بسبب سنفونية الفتنة والفساد التي يعزفها أولئك الخونة. نحن الحل يا شعبي فلنكن تونسيين أحرار مع من أجل غد أفضل! أيا شعبي ألم يحن وقت النهوض؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.