شعار قسم مدونات

أفكار ابن كيران على لسان خالد مشعل

Blogs- ابن كيران
من خلال متابعتنا لمداخلات الأستاذ عبد الإله بن كيران، على الأقل منذ توليه رئاسة الحكومة المغربية السابقة إلى أن تولى الدكتور سعد الدين العثماني مفاتيح قيادة الحكومة والحزب (العدالة والتنمية) سواء أكانت تلك المداخلات في الفضاء المؤسساتي الحكومي أو في فضاءات حزبية ومجتمعية ومدنية، نستطيع أن نخلص إلى عدد من الأفكار التي لطالما دعا إليها ابن كيران وأعاد التذكير بها، وهي أفكار أعاد الرئيس السابق لحركة "حماس" خالد مشعل التذكير بها يوم 16 ديسمبر 2017 خلال لقائه بقيادة حزب العدالة والتنمية.
 
أول فكرة يعيدها ابن كيران دائما هي قوله "إنه حين يتعلق الأمر بمصلحة الوطن فإن حزب العدالة والتنمية ينادي: الوطن أولا". ولطالما كرر كذلك أن الوطن هو الذي سيبقى وأن الحزب هو مجرد أداة للإصلاح، مع تشديده حين يخاطب أعضاء الحزب على أن الإنسان عليه أن يقدم شيئا جيدا لوطنه ولأمته، بل للإنسانية جميعا، التي هي اليوم في أمسّ الحاجة إلى هذه المرجعية (الإسلامية) التي نؤمن بها من أجل تجاوز عدد من الإشكالات الكبرى التي يتخبط فيها الإنسان المعاصر.
 
الفكرة الثانية هي قوله إن نجاة سفينة الوطن لن تكون بتيار أو توجه أو حزب واحد، بل تحتاج إلى تكاتف كل القوى. وعليه، عمل ابن كيران على إحياء أحزاب الكتلة الديمقراطية بالتوجه إليها أولا لتشكيل حكومة 2011 وما بعد التكليف الملكي في 2017، وكذا حرصه على تعميق الشراكة السياسية مع من يُنظَر إليه على أنه نقيض إيديولوجي للعدالة والتنمية، أي حزب التقدم والاشتراكية، وسعى إلى اتقرب من حزب الاستقلال حتى بعد خروجه من الحكومة في 2013، وكان المسعى نفسه مع حزب الاتحاد الاشتراكي رغم اعتذاره عن المشاركة في الحكومة الأولى.
 
الفكرة الثالثة هي أن الديمقراطية والتغيير المنشود على صعيد الوطن لن يتحققا ما لم تكن لدينا أحزاب تطبق هذه الديمقراطية على المستوى الداخلي، تتمتع باستقلالية قرارها وتحتوي الشباب وتوفر لهم إمكانات التأطير والتكوين والوصول إلى مراكز القيادة، وشواهد دعم ابن كيران للشباب والمرأة في الحزب لا تنتهي.
 

المشترك بين ابن كيران ومشعل، هو المشاركة والواقعية والمرونة والتجديد في فهم المرجعية أو الخلفية الفكرية المؤطرة
المشترك بين ابن كيران ومشعل، هو المشاركة والواقعية والمرونة والتجديد في فهم المرجعية أو الخلفية الفكرية المؤطرة
 

هذه الأفكار ليست الوحيدة التي يدعو إليها ابن كيران، لكن الشاهد عندنا أن مشعل حين التقى بقيادة الحزب أكد أن "الإسلاميين" كحركات وكفاعلين سياسيين لن يكون بمقدورهم التفاعل الجيد مع تحديات الراهن وتطلعات الشعوب ما لم يحققوا ثلاثة شروط، وهي:
 
أولا، النجاح في جدلية همّ الوطن وهمّ الأمة والنجاح في الموازنة بينهما، وطبعا الأولوية هي للقطر، ذلك أن فشل الأقطار سيؤدي إلى فشل المجموع. ثانيا، الانفتاح على مستوى الوطن والشراكة مع مختلف المكونات الوطنية، حتى يكون لكل مواطن نصيب في حركتنا "الإسلامية"، فالنقلة من الحركة الحزبية التي تمثل توجها ما إلى الحركة الوطنية التي تمثل المجموع هي نقلة مهمة وفاصلة. ثالثا، تعميق التجربة السياسية الديمقراطية الداخلية للأحزاب والحركات ذات المرجعية الإسلامية، وهذا يتحقق أساسا بأمرين: الأول هو تمكين الشباب، والثاني هو الثقة في المرأة، والحرص على تجاوز الضعف المسجل في الماضي وحتى الآن في عدد من الحركات والأحزاب "الإسلامية" على هذا المستوى.

إن القصد من هذه المقارنة ليس دعم ابن كيران أو تأييد أفكاره بأفكار مشعل، بقدر ما تؤكد -هذه المقارنة وهذا الاستشهاد- أن القيادات السياسية ذات المرجعية الإسلامية أصبحت اليوم تعيش تطورا نوعيا في أفكارها وتصوراتها، والسر في ذلك، والمشترك كذلك، على الأقل بين ابن كيران ومشعل، هو المشاركة والواقعية والمرونة والتجديد في فهم المرجعية أو الخلفية الفكرية المؤطرة، وهذه الأدوات المنهجية هي أهم ما يمكن نقله إلى الأجيال الشبابية، أكثر من الأفكار في حد ذاتها، ذلك أن تحقيق تلك النقلة هو ما يُحوّل طاقات الشباب الكامنة من الدفاع عن تصور أو فكرة إلى تنزيلها وتطويرها وتجديدها، إنها إحياء وبعث متجددان، وهكذا تصبح فكرة الإصلاح التي قال بعض الفقهاء إنها العودة إلى الأصل، عودة تحيي في هذا الأصل أجمل ما فيه: تَخلُقه وكونيته أو فطريته وعالميته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.