شعار قسم مدونات

كيف يصبح صوتك جسرك لقلوب الآخرين؟

blogs - microphone

كم مرة أحسست بالإحباط عند الانتهاء من مناقشة موضوع معين مع شخص ما وذلك لشعورك بأنك لم تستطع إيصال معلومتك أو قول ما يجول فعلا في بالك وتجزم أنه ما زال لديك الكثير من الكلام ولكن للأسف لم تقله. ويبدأ هنا الحوار السلبي مع النفس والذي في مجمله عبارة عن لوم النفس لعدم تملكك القدرة على التفاوض أو إيصال المعلومة و أحيانا لضعف في الشخصية وما إلى ذلك من أسباب تتفنن بها لتدمير ذاتك.

 

ولكن لحظة، لِتُعد في عقلك شريط ما حصل في هذه المناقشة وقم بتناسي ما تم قوله من طرفك وقم بالتركيز على صوتك وطريقة كلامك، هل استخدمت صوتك بطريقة صحيحة؟ هل وضعت النبرة المناسبة مع الكلمة المناسبة؟ هل وضعت القوة في صوتك عندما أردت التركيز على نقطة معينة؟ هل لامست الحنان والرقة في صوتك عندما احتوى الكلام على نصيحة؟ وهل كان صوتك عاليا وحادا في لحظة محاولتك إقناع الطرف الآخر بفكرة غير مقتنع بها؟ وهل همست في اللحظة التي كان يجب فيها أن يكون صوتك مرتفعا وقويا؟
 
صوتك هو هدية منك للناس! في معظم حواراتك مع نفسك لا يهم إن كنت تهمس أو تتكلم بصوت عال، بسرعة أم ببطء، مقنعا أم غير مقنع، لأنك ببساطة تتكلم مع نفسك بصمت ودون أن يسمعك أحد من حولك. ولكن في اللحظة التي تقرر فيها أن تتكلم مع شخص أمامك فإنك تقوم بإعطائه هذه الهدية، تعطيه هذه الهدية بما يليق بك وبه محاولا تفهم ذوق مستقبلها ومعبرا عن مهارة مرسلها.

 

صوتك هو أحد مكامن قوتك التي قد تقلل من قدرها في الكثير من المواضع. ليس بالشرط أن تكون إعلاميا أو صحافيا لكي تستخدم هذه القوة حيث إن حياتنا لا تخلو من الحوارات والاجتماعات والجلسات سواء في العمل أو مع العائلة أو الأصدقاء، تحاول أن توصل أفكارك مستثمرا هذه القوة التي تطرق بها على أبواب قلوب الناس وتحاكي بها عقولهم.

 

لا تدع سعادة التواصل مع الآخرين تهرب منك، ولا تدع أحدا يقنعك بغير جمال صوتك وقدرتك على توظيفه في أماكن لانهائية.
لا تدع سعادة التواصل مع الآخرين تهرب منك، ولا تدع أحدا يقنعك بغير جمال صوتك وقدرتك على توظيفه في أماكن لانهائية.
 

لصوتك لغة كما لجسدك لغة، تستطيع من خلاله تقمص أدوار شتى في حياتك، فتستطيع أن تكون الوالد الحنون، الصديق المقنع، أو المدير المتسلط والبائع الماكر. التركيز ثم التركيز ثم التركيز، فما عليك إلا أن تقوم بتلوين هذا الصوت والتغيير من نبرته وطبقته حسب الموضوع والتوقف أثناء الحديث عند بعض الكلمات لأهميتها.

 

قم الآن بترديد هذه الجملة مع نفسك تارة متسائلا وتارة مجاوبا؛ "للزهور ألوان عديدة"، هل لاحظت الفرق في طريقة طرحك للجملة وكيف كان صوتك؟ قم بالقياس على جميع حواراتك و نقاشاتك اعتمادا على هذه القدرة في التلوين بالصوت وضع نفسك مكان المتلقي وحاول معرفة كيف تستقبل المعلومة باختلاف نبرة الصوت.

 

قال عمر بن عبد العزيز "قيدوا النعم بالشكر"، وشكر نعمة الصوت هو بالمحافظة عليه ويشمل الحفاظ عليه أساليب وطرقا متعددة منها؛ طريقة التنفس حيث أن تعودنا منذ نعومة أظافرنا أن نتنفس من صدورنا والأصل أن يخرج النفس من تجويف البطن، الاهتمام بالجانب البدني والرياضي كي تتحكم في طول النفس والذي من شأنه أن يعلمك الصبر والهدوء، المحافظة على الجانب الثقافي والاجتماعي فكلما زاد مخزونك الثقافي وتواصلك مع المجتمع من حولك كلما كان أسهل التحكم في الصوت وإيصال المعلومة، وأيضا التصالح مع الصوت حيث إن معظمنا لا يحب أن يسمع صوته عند تسجيله وذلك لأنه يبدو مغايرا عما نسمعه بالعادة، لذلك قم بتسجيله وعند سماعه حاول أن تتخيل أنه ملك شخص آخر وتصالح معه واكتشف جماله. ومن أجمل طرق المحافظة على الصوت هي الابتسامة فبها يحلو الصوت ويرسل رسائل محبة وسلام للشخص المقابل.
 

لا تدع سعادة التواصل مع الآخرين تهرب منك، ولا تدع أحدا يقنعك بغير جمال صوتك وقدرتك على توظيفه في أماكن لانهائية. تستطيع الآن أن تنظر إلى العالم من خلال آفاق جديدة وتسافر عبر نغمات مرسومة على سلم صوتي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.