شعار قسم مدونات

فريق الفريق

epa04123512 Egyptian former chief of staff General Sami Anan (C) speaks during a press conference at his office in Cairo, Egypt, 13 March 2014. Anan announced that he will not run in the upcoming presidential elections in Egypt. Army chief Abdul Fatah al-Sisi is widely expected to run for president. EPA/NAMEER GALAL/ALMASRY ALYOUM EGYPT OUT

فجأة وبعد منتصف الليل يظهر على الجميع، بملامحه المتجهمة الجادة، وصوته الواثق، ليعلن على الجميع نبأ ترشحه للانتخابات الرئاسية، كمرشح ذي خلفية عسكرية يقدسها البعض، ولا يبدو أنهم على استعداد للكف عن الغرام بها، ولكن اللافت للنظر في طريقة إعلان رئيس أركان الجيش السابق، الفريق سامي عنان، هو فريقه الرئاسي الذي أعلن عنه، والذي يضم بجواره أسماء لامعة بحجم المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، والدكتور المرموق حازم حسني.

 

أعتقد في رأيي أن الجزء المهم في الإعلان عن الترشح يكمن في تلك التوليفة، فشخص الفريق عنان لا جديد فيه، فقط هو عسكري آخر في قائمة العسكريين الطويلة التي حكمت وما زالت ولا تريد لغيرها حكم مصر، حتى ولو كانت نتيجة حكمهم النزول بالوطن إلى أسفل سافلين في كل المجالات بدون استثناء واحد، بما في ذلك الجانب الأمني الذي يقدمون أنفسهم للمجتمع على أنهم أصحاب القدرة الحصرية على إدارته.

 

الفريق عنان كان بالفعل الرجل الثاني في منظومة الحكم بعد ثورة يناير بعد المشير طنطاوي، فهو إذا قد اختبر كصاحب قرار مؤثر، وكشخص ذي نفوذ واسع. عنان الذي أدار المرحلة الانتقالية من بعد الثورة، وحتى أقاله الدكتور محمد مرسي في خطوة مفاجئة، لم يخبرنا حتى الآن عن ملابساتها، يريد الآن أن يجرب الجلوس على رأس هرم السلطة بعد أن ظل الرجل الثاني، -وظل الرجل الأول، المشير محمد حسين طنطاوي- داخل الجيش، وبعد انتقال السلطة الفعلية إلى المجلس العسكري بعد الإطاحة بالرئيس المعزول بفعل الثورة، محمد حسني مبارك. فريق الفريق (سامي عنان) هو المفاجأة الحقيقة، وهم ليسوا نكرات، ولم يُعرف عنهم الالتصاق بأصحاب السلطة والنفوذ، ولهم مع النظام الحالي صدامات حادة وقوية إلى أقصى حد.

المستشار هشام جنينة (الجزيرة)
المستشار هشام جنينة (الجزيرة)

المستشار هشام جنينة، خرج من منصبه كرئيس للجهاز المركزي للمحاسبات إثر تقرير تحدث فيه عن فاتورة الفساد التي وصلت إلى ما بعد الـ٦٠٠ مليار جنيه، وهو رقم يمكنه من صنع نهضه حقيقية من خلال طبقة الضباط الحاكمة. ومن ضمن من أهمَّهم صراحة المستشار هشام جنينة، قطاع الأمن الوطني -أمن الدولة سابقا- مما أنهى وجود المستشار جنينة في منصبه، بل والقبض عليه ومحاكمته، لم يكن يتخيل أحد أن يكون شخص في قامة ومقام المستشار جنينة هدفا للتنكيل إلى حد وضعه مع عتاة المجرمين في قسم شرطة بعد أن كان ملء السمع والأبصار، ولكن في النهاية هذا هو النظام وهذا هو أسلوبه. الآخر هو الدكتور حازم حسني، صاحب الصدامات المتكررة مع النظام، لم يكن أولها ولا آخرها تفنيده لأكذوبة تفريعة القناة التي تدر المليارات على المصريين بعد إنفاق مدخراتهم في حفرها، وذلك نزر يسير من سيرة الرجلين الحافلة.

 

وهنا تأتي النقطة المهمة، ما الذي حدا برجلين كلاهما صاحب تاريخ مشرف لا يمكن إنكاره، على النزول في نفس الفريق مع مرشح عسكري نعلم جميعا مدى طريقة تفكيره في إدارة الدولة. تقول الأسطورة في مصر، طالما كنت عسكريا فأنت قادر على القيام بكل شيء، والنجاح في كل شيء، ولذلك المرشح العسكري صاحب الشعبية والجماهيرية في ظل انحطاط التعليم في مصر وتدني مستواه وترتيب جودته، هو الوحيد القادر على إلحاق الهزيمة بالديكتاتور العسكري الحالي.

 

نزول الفريق سامي مع فريق بهذا الحجم والقوة، والطريقة التي تتم الأمور بها من ناحية السلطة تقول إنه ما زال هناك الكثير لنراه.. ومن يدري؟ ربما نرى الضوء في نهاية النفق أخيرا

ربما ذلك الذي يدور في أذهانهم -أو هكذا أعتقد- وتلك نظرية لها وجاهتها بالنظر كما أشرت إلى مواجهة السكان من خارج المدن الكبرى؛ القاهرة والإسكندرية والمحافظات الأخرى.

 

أريد بشدة أن أتفاءل بأنه، ربما، يستطيع فريق الفريق أن يضبط إيقاع الشخصية العسكرية الكامنة خلف الهدوء وعدم الانفعال الذي يصدره الفريق عنان إلى الجميع، ورهاني على قيمة ومقام المستشار هشام جنينة والدكتور صاحب الآراء الصائبة، في فرملة عنفوان العسكريين إذا ما بدأت الشخصية العسكرية تظهر كما ظهرت من قبل بشكل واضح. مصر تحتاج إلى سياسي على رأس سلطتها قبل أن تكون بحاجة إلى المزيد من الضباط.

 

في النهاية، نحن أمام معركة حقيقية وليست مسرحية، وكما يحلو للبعض دائما الاستسلام لنظرية المؤامرة التي تمتلئ بها عقول هذه المنطقة من العالم، فلا أعتقد أن عنان شخص من السذاجة حتى يقرر النزول كواجهة للسيسي، ولا أعتقد أن السلطة سعيدة بإعلان ترشح الفريق عنان، وأعتقد أنهم -السلطة- على قدم وساق يحاولون البحث عن مخرج للإطاحة به خارج السباق الرئاسي، مرة بالمحكمة بحكم ساذج غير دستوري بمنع ترشح من يزيد عن الـ٧٠ عاما من الترشح، وأخرى بالتحجج بأنه ما زال في الخدمة ولا يجوز له الترشح.

 

اختصارا، نزول الفريق سامي مع فريق بهذا الحجم والقوة، والطريقة التي تتم الأمور بها من ناحية السلطة تقول إنه ما زال هناك الكثير لنراه.. ومن يدري؟ ربما نرى الضوء في نهاية النفق أخيرا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.