شعار قسم مدونات

تحت شعار.. "يلا نرازيهم"

Blogs- خالد علي
تمر مصر بحالة موت سياسي كامل بعد مرور سنوات أربع من الحكم العسكري المباشر،عقب أحد أهم الأحداث في تاريخ مصر الحديث -ثورة يناير العظيمة، حيث وصلت الثوره أخيرا إلى محطة قطار سيئة السمعة -الحكم العسكري الديكتاتوري- وهي محطة وصلتها العديد من الثورات المشابهة لتلك المصرية، ليبرز على الساحة خبر إعلان الأستاذ خالد علي نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية.
 
أعلم جيدا أن النتيجة بسبب ممارسات النظام الحالي محسومة لصالح مرشح المؤسسة العسكرية وابنها البار-عبد الفتاح السيسي- فلا يخفى على أحد ما يقوم به النظام العسكري من ممارسات تقتل أي محاولة للتغيير السلمي، حيث تم تأميم الإعلام بشكل كامل، وتلقين الإعلاميين الحروف والكلمات التي تخرج من أفواههم، فلا يرون إلا ما يرى ولي أمرهم الضابط الكبير الجالس على كرسي الرئاسه متقلدا المنصب الرفيع. وبعد الإعلام، وكخطوة مباشرة تتناسب تماما مع طريقة تفكير أصحاب السلطه، يتم التعامل مع السياسيين بشكل شرعي،على أنهم شر مستطير يجب دحره، وكأن من يعتدي على كمائن الجيش والشرطة في سيناء بشكل شبه يومي ليبراليون ويساريون، ولا يبدو أن هناك في داخل تلك المنظومة أي بادرة أمل تقول إن هناك ضوءا في آخر النفق المعتم.
 
ومن هنا يأتي الدور على خالد علي ورفاقه، خالد ينتمي إلي ثورة يناير العظيمة، وهو قبلها كان حقوقيا مرموقا، معروفا وسط زملائه بأنه شخص لا يتردد في مساعدة أي شخص مهما كان انتماؤه، والأمثلة على ذلك لا يمكن حصرها في مقال، فمن الدفاع المستميت عن ضرورة الحد الأدني للأجور، إلى الدفاع عن سجناء الرأي، إلى الدفاع عن المقبوض عليهم من عمال "المُحله" الكبرى بعد انتفاضتهم الملهمة في ٢٠٠٨، وتأسيس جبهة الدفاع عن متظاهري مصر، إلى زمالة العظيم الأستاذ أحمد سيف الإسلام، حيث استدعى الأستاذ سيف -رحمه الله وأسكنه جناته- للعمل معه في مركز هشام مبارك، وهو مركز حقوقي مهتم بالدفاع عن كل المقهورين ظلما، فمن خلال المركز دافع الأستاذ خالد علي عن القضايا العمالية واستطاع انتزاع ما طالته يداه لتحسين معيشة أولئك المطحونين، ولم تمنعه الخصومة السياسية مع تيار الإسلام السياسي، فوقف وقفة بطولية مع سجناء الرأي من جماعة الإخوان المسلمين الذين تكتظ بهم السجون والمعتقلات في طول البلاد وعرضها.
 
وأخيرا، موقفه وجهده الوافر في قضية جزيرتي تيران وصنافير المُتنازل عنهما من قبل الحكومة المصرية لصالح السعودية. وإذا لم يكن لخالد جهدا -وهو موجود- فيكفيه شرفا أنه من حفظ ماء وجوهنا، أمان أبنائنا حين تم التفريط في تراب مصر، يكفي أن نقول إننا لم نسكت عن ضياع الأرض التي ارتوت بدم آبائنا، سنقول إن من بيننا من خرج ليقف أمام القاضي وينظر في عينيه ليقول إن تيران وصنافير مصرية، ويقدم الدليل تلو الدليل للقاضي، حتى يحكم القاضي لصالحه وصالحنا وصالح مصر، في مشهد عظيم أحسسنا عند سماعه بقيمة هذا الرجل الرائع.
  
إذا لم يكن خالد علي -الذي ناصر الضعيف المقهور، والمختلف معه المظلوم- هو من يستحق أن نقف خلفه، حتى ونحن نعلم جيدا أنها معافرة ومرازية، فمن يستحق؟
إذا لم يكن خالد علي -الذي ناصر الضعيف المقهور، والمختلف معه المظلوم- هو من يستحق أن نقف خلفه، حتى ونحن نعلم جيدا أنها معافرة ومرازية، فمن يستحق؟
 

ربما يختلف البعض مع الأستاذ خالد علي، ولكني لا أعتقد أن هناك شكا في إخلاص ونزاهة هذا الرجل، تلميذ الأستاذ أحمد سيف، والعظيم نبيل الهلالي نصير الضعفاء، والملهم لكل المناضلين الحقوقيين وصاحب البوصلة التي تشير دائما الفقراء والمهمشين بدون النظر إلى أي فوارق قد تكون موجودة بينهم، ومن هنا يأتي الرهان على خالد علي، ليس في معركة انتخابية نحن نعلم تماما أنها تقام في أجواء مسمومة، ولكن في جهد علي يثبت بقاؤنا على الأقل في الحد الأدني المطلوب لإزعاج تلك السلطة المستبدة الغاشمة.

  
أمامنا حاليا معركة مهمة وهي استكمال العدد المطلوب للترشح بشكل رسمي، وتلك معركة حقيقية نثبت فيها أننا لا تزال لدينا القدرة، علي إثارة ضيقهم من (معافرتنا) بالمعنى الدارج أو كما سماها البعض (بالمرازيه).. وذلك الفعل له أهمية لو تعلمون عظيمة، ترشح خالد علي خطوة مهمة في السباق نحو الخلاص من الحكم العسكري بالضغط المتواصلة عليه، وعدم الركون إلى الأفكار المحبطة التي تبدو من الخارج براقة، وعند الاقتراب منها تظهر على حقيتها بأنها ليست أفكارا. نعم، الثورة هي الطريق الحاسم، ولكن الثورة على هذا الوضع من الانقسام لن تؤتي ثمارها، بل على العكس، فلا بد أولا من رأب الصدع، حيث إن حالة الشقاق بين المصريين لا توحي بأن ثمة ثورة قادمة.
 
والحقيقة أن الوقوف خلف مرشح كخالد علي لا يمنع من يريد تفجير الثوره الشعبيه، وتذكروا أن هناك انتخابات برلمان قبل ثورة يناير بأسابيع شاركت فيها جماعة الإخوان المسلمين في العام ٢٠١٠، ولم تمنع المشاركة الثورة.. أخيرا، إذا لم يكن خالد علي -الذي ناصر الضعيف المقهور، والمختلف معه المظلوم،- هو من يستحق أن نقف خلفه -حتي ونحن نعلم جيدا أنها معافرة ومرازية- فمن يستحق؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.