شعار قسم مدونات

السعودية.. والثوب الجديد!

Blogs- بن سلمان

لا يخفى على أحد ما يحدث في السعودية من تغير جذري في كثير من الأمور السياسية والدينية والاجتماعية والانفتاح والتقارب الشديد من الغرب. فنرى الهجوم الصريح الذي يشنه ولي العهد محمد بن سلمان على الإسلام وقوله إنه سيعيد المملكة إلى الإسلام المعتدل الوسطي وأنه سيراجع الكتب التي تحتوي على آيات الجهاد والعنف والتطرف حسب تعبيره. واعتقاله لكثير من العلماء.. وضم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الأوقاف أو بالأصح حلها وكبح جماحها.

 
وفي الآونة الأخيرة فرضت السعودية على الأجانب المقيمين فيها ضرائب باهظة تزداد كل عام عن العام الذي مضى، مما جعل معظم الأجانب المقيمين والعاملين هناك يتركون المملكة ويتركون عملهم ويرجعون إلى بلادهم أو السفر إلى بلاد أخرى..

 

ولفت انتباه الجميع وأدهشهم تنظيم حفلات رقص مختلطة في بلاد الحرمين الشريفين.. والسماح للمرأة بقيادة السيارة والدراجات النارية.. وآخرها اعتزام المملكة فتح دور للسينما مطلع 2018. 

 

وفي 21 يونيو 2017.. عيّن الملك سلمان بن عبد العزيز نجله الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد بموجب أمر ملكي وأعفى الأمير محمد بن نايف من مناصب ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.. وفق ما أعلنه الديوان الملكي.. ومنذ ذلك الحين بدأ نفوذ بن سلمان يزداد حتى طال الأمراء والوزراء. حيث اعتقل عدد كبير من الأمراء والوزراء وتمت مصادرة أموالهم وخلو الساحة من أي تهديد قد يزعج ابن سلمان..

 

تفعل السعودية ما تفعل وهي تعتقد أنها آوية الى ركن شديد وهي الولايات المتحدة.. ففتحت الحراك على جبهات كثيرة، ولكنها لا تلبث أن تفشل في كل مرة.

لم تكن السياسة الداخلية فقط التي تغيرت بل السياسة الخارجية أيضا تغيرت.. بدأت السعودية التقارب من الولايات الأمريكية.. فزادت الزيارات والصفقات وآخرها صفقة الأسلحة التي تبلغ قيمتها أكثر من 450 مليار دولار وقعها ترمب في أول زيارة له للرياض.. وبدأ شهر العسل بين السعودية والولايات المتحدة. من ناحية أخرى بدأت السعودية في صراعات خارجية مع جيرانها.. وكانت البداية مع قطر حيث قامت السعودية وبعض الدول أبرزهم الإمارات والبحرين ومصر بقطع العلاقات مع قطر واتهامها بدعم الإرهاب وجماعة الإخوان المسلمين وتطالبها بغلق قناة الجزيرة.

وقد كشفت وسائل إعلام غربية عن سعي السعودية لقلب نظام الحكم في قطر، وأكدت وسائل الإعلام الغربية عن تدخل ترمب لمنع تدخل عسكري كان وشيكا من دول الحصار.. الأمر نفسه الذي أكده أمير الكويت صباح الأحمد في مؤتمر صحفي مع ترمب. ومن ناحية أخرى زادت السعودية من وتيرة الهجمات على اليمن متجاهلة التحذيرات والمطالب الدولية التي تدعوها إلى فك الحصار عن اليمن ووقف الحرب التي لم تترك أخضر ولا يابس في اليمن مسببة بذلك كوارث ومجاعات لا يتحملها الضمير الإنساني… كما غضت الطرف عن الدعوات والمناشدات الكثيرة بإنهاء حصار قطر ووضع حد لأزمة لا مبرر لها بين جارين شقيقين تربطهما أواصر الدين والرحم والقربى.. ورفضت كل الوساطات وفي مقدمتها وساطة أمير الكويت.

وقد توجت صراعاتها بأزمة الحريري وما تردد عن إرغامه على الاستقالة.. مسببة بذلك غضبا شعبيا لبنانيا ودوليا.. تفعل السعودية ما تفعل وهي تعتقد أنها آوية الى ركن شديد وهي الولايات المتحدة.. ففتحت الحراك على جبهات كثيرة، ولكنها لا تلبث أن تفشل في كل مرة. فقطر لم تسلّم لمطالبات دول الحصار وبقيت متماسكة ومستقرة.. وفي اليمن زاد نفوذ الحوثيين وقد سيطروا على العاصمة صنعاء، بل إن غارات التحالف كانت تصيب المدنيين وليس الحوثيين.. وفي لبنان غادر سعد الحريري الرياض بوساطة فرنسية إلى باريس ثم إلى بيروت، وبعد ذلك خرج وأعلن تراجعه عن استقالته حتى أن شعبية الحريري ارتفعت وتكاتفت معه جميع الفصائل اللبنانية.

حث وزير الخارجية الأمريكي الرياض على التروي والتدبر في ما يحدث في اليمن وقطر ولبنان.. في مؤشر على تغير رأي الولايات المتحدة في السياسة السعودية
حث وزير الخارجية الأمريكي الرياض على التروي والتدبر في ما يحدث في اليمن وقطر ولبنان.. في مؤشر على تغير رأي الولايات المتحدة في السياسة السعودية
 

حتى إن الركن الشديد الذي تركن إليه السعودية بدأ بالتنديد والشكوى من سياسات السعودية التي تجر المنطقة إلى الهاوية.. حيث ندد الكثير من السياسيين والإعلاميين الأمريكيين ومسؤلين في وزارتي الدفاع والخارجية بسياسات ابن سلمان ووصفوها بالمتهورة. وقد اتهم المرشح الرئاسي السابق للرئاسة الأمريكية بيرني ساندرز، في مقابلة مع موقع إنترسبت الإخباري، السعودية التي قال إنها غير ديمقراطية إلى أبعد حد بتمويل المدارس الدينية التي تنشر الفكر الوهابي المتطرف للغاية وتثير كثيرا من الكراهية.

ولم يقتصر الأمر على السياسيين فقط، بل وصل إلى أن ترمب دعا السعودية إلى إنهاء الحصار الذي تفرضه على اليمن.. وحث وزير الخارجية الأمريكي الرياض على التروي والتدبر في ما يحدث في اليمن وقطر ولبنان.. في مؤشر على تغير رأي الولايات المتحدة في السياسة السعودية. تعمل السعودية على إرضاء الولايات المتحدة بكل السبل الممكنة سواء بشراء أسلحة أو بمباركة قرارات أو بتقارب مع الكيان الصهيوني.. نرى هذا في قرار ترمب الأخير بشأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، حيث لم ترد السعودية بأي رد أو تنديد بهذا القرار، بل إن وزير خارجيتها قال إن الولايات المتحدة ضلع أساسي في عملية السلام العربي الإسرائيلي.. حتى أن العاهل السعودي وولي العهد لم يشاركا في القمة الإسلامية في إسطنبول التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.