شعار قسم مدونات

مورينيو بين الدفاع والهجوم

Blogs- Mourinho
مقدار الضغط الذي يتعرض له المدرب البرتغالي جوزي مورينيو مؤخرا لا يوصف، منذ خسارة الديربي أمام "السيتيزن" والابتعاد عن صدارة "البريميرليغ" بثلاث عشرة نقطة، أصبح الهجوم كله على البرتغالي؛ فبعد الانتقدات التي وجهت لأسلوبه في اللعب بين من يقول عنه ممل وقديم إلى من يصفه بالأسلوب الكلاسيكي الذي يفتقد للإبداع.
اليوم، تعدّت الانتقادات الأسلوب لتصل إلى شخص مورينيو، بين من يعود إلى كلمة "المترجم" ومن يقول عنه فاشل، ومن يصفه بـ"المنتهي"، وكلها عبارات تدل عن كراهية دفينة، وغرضها الانتقاص من قيمة هذا المدرب وتشويه تاريخه الحافب. هذه الانتقادات تذكرني كثيرا بغوارديولا في مرحلته رفقة بايرن ميونخ، فرغم الكرة الجميلة التي كان يقدمها وتحقيقه للدوري الألماني مبكرا، فقد كان غالبا ما يوصف بالمحظوظ أو المدرب الذي صنعه ميسي، أو الفاشل الذي لن ينجح بأسلوبه خارج إسبانيا.. 
  
كل هذه المطاحنات والانتقادات كانت تحدث بين جمهور المدربين من مؤيد ومعارض للبرتغالي أو الإسباني، لكن الأكيد والذي ظل قائما هو أن كل جمهور متشبث بمدربه ويدافع عنه، الآن وصلنا إلى مرحلة لم نشهدها منذ 2010 تقريبا، جمهور البرتغالي هو الآخر أصبح ينتقد "السّبيشل وان" وينقص من قيمته، فلماذا هذا الانقلاب في المواقف؟
  
السبب الأكبر في رأيي هو أن البرتغالي فقد الكثير من شخصيته أمام الإعلام، مورينيو لم يعد مقنعا، لا يستطيع الرد على أسئلة الصحافيين. أحد أهم أسلحة دفاع مورينيو أمام الصحافة كان دائما انتقاد اللاعبين. هو المدرب الذي يعرف كيف ومن ينتقد من لاعبيه، ليتجاوز نتيجة سلبية بإخراج أفضل نسخة من اللاعب الذي انتقذه، لكنه خسر هذا السلاح منذ فقدانه غرفة الملابس في تشيلسي الموسم قبل الماضي والانقلاب الشهير الذي خاضه اللاعبون ضده، انقلاب انتهى بإقالة "السبيشل وان" من أهم نادٍ في مسيرته المهنية..
  

بطولة الدوري لم تنته حتى الآن، مورينيو لم يخسر وغيره لم يفز، ربما نشاهده في آخر الموسم يرفع أحد الألقاب كما عودنا
بطولة الدوري لم تنته حتى الآن، مورينيو لم يخسر وغيره لم يفز، ربما نشاهده في آخر الموسم يرفع أحد الألقاب كما عودنا
 
مؤخرا، بعد التعادل أمام نادي ليستر، عاد لانتقاد استهتار اللاعبين في الشوط الثاني والذي أدى إلى التعادل. أمس، سقط مورينيو في تعادل آخر أمام نادي "بيرنلي" المتواضع. وكان البرتغالي قد دخل بتشكيل غريب، وتأخر بهدفين في الشوط الأول قبل أن يصحح الأوضاع ويعود بالتعادل في الشوط الثاني.. فمن سينتقد هذه المرة؟
  
من الصعب أن تنتقد نفسك وتعترف بأنك أخطأت، خصوصا لمن يمتلك شخصية مورينيو، فهذه المرة لجأ إلى المقارنة بين ناديه وبين الجار مانشستر سيتي، وقال إنه لا يمكن منافسة نادٍ يشتري ظهيرا بـ70 مليونا، وأضاف أن ميزانية 300 مليون التي رصدتها إدارة الشياطين للانتقلات غير كافية من أجل تدعيم الفريق.. وهاجم "السبيشل وان" الإدارة للدفاع عن نفسه. والغريب أنه ربما نسي أنه يجيب علن أسئلة الإعلام بعد أن تعادل مع فريق بقيمة بيرنلي، فريق لا تصل ميزانيته كاملة إلى 200 مليون. والأغرب أن مورينيو نفسه نجح مع إنتر ميلان والريال بعده، بقيمة انتقالات لم تتعد 100 مليون بين البيع والشراء.
 
على أية حال، الموسم لم ينته حتى الآن، مورينيو لم يخسر وغيره لم يفز، ربما نشاهده في آخر الموسم يرفع أحد الألقاب كما عودنا، فبالرغم من ابتعاده عن لقب البريميرليغ، فإنه مستمر في المنافسة في دوري الأبطال، ومن تابع هذا المدرب منذ بدايته يعرف جيدا أن "السبيشل وان" يملك خبرة كبيرة في الكؤوس، ولن أستبعد فوز الشياطين بذات الأذنين.
  
ربما نحن أمام شخصية من بين الأغرب في التاريخ الحيث للكرة، لكن المؤكد أن "السبيشل وان" سيظل من بين أكبر المدربين الذين مروا في مدى تاريخ المستديرة، الرجل الذي حمل 25 لقبا جماعيا؛ دوري الأبطال مرتين، والدوري الإنجليزي، والإيطالي والإسباني والبرتغالي.. و37 لقبا فرديا، أفضل مدرب في أوروبا والعالم، ومدرب العام في كل الدوريات التي درّب بها، ولا تستطيع أي انتقادات وأي تجارب فاشلة مستقبلا أن تنتقص مما حققه هذا المدرب العظيم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.