العِلمُ صَيدٌ والكِتابةُ قَيدُهُ قَيِّدْ صيودكَ بالحِبالِ الواثِقَة
فَمِن الحَماقَةِ أَنْ تَصيدَ غَزالَةً وتَترُكها بَينَ الخَلائقِ طالِقةَ
إذا خانك من وثقت به لا تبالي، إذا فقدت وظيفتك لا تبالي، وإذا رسبت في امتحان ما لا تبالي، حتى لو وجدت من يعرقل خطواتك في الحياة، امشي ولا تبالي |
ولعل أجمل شيء قرأته عن المشي كان عن أولئك الفلاسفة اليونانيين الذين اتخذوا منه ملهما لهم، حيث ولدت نظرياتهم الفلسفية في الوجود والحياة أثناء المشي، مما أهلهم أن يحملوا لقب "سادة المشي" بجدارة. إنهم الرواقيون تلاميذ الفيلسوف "زينون" الذي انتشرت تعاليمه في القرن الثالث قبل الميلاد. وهذا يعني أن أهمية المشي اكتشفت قديما، مما يؤكد أنه ليس مجرد تحريك الأقدام بالتتابع للانتقال من مكان إلى آخر، بل هو أيضا مصدر للإبداع والخلق.
ماذا لو كان هؤلاء الرواقيين موجودين في عصرنا الحاضر؟ سؤال خطر ببالي وأنا أكتب هذه السطور. أتصور أنني كنت سأقابلهم مرارا وتكرارا أثناء تجوالي هنا أو هناك، كنت ولا شك سأقاسمهم نظرية اللامبالاة بأي شيء سواءً كان ممتعا أو مؤلما، لربما خففوا من وطأة حرصي الزائد على الأشخاص والأشياء من حولي، ولكنت وفرت على نفسي الكثير من المتاعب و"وجع القلب". فالرواقيون هم أول من أنشأ مصطلح اللامبالاة، وهي تعني بالنسبة لهم كبح جماح العواطف والمشاعر، وترك زمام القيادة للعقل. والحقيقة أن الكثير من مشاكلنا اليومية لا تحتاج بالفعل سوى اللامبالاة، وعدم أخذها مأخذ الجد.
وعليه، إذا خانك من وثقت به لا تبالي، إذا أعطيت كثيرا ولم تلى سوى الجحود لا تبالي، إذا فقدت وظيفتك لا تبالي، وإذا رسبت في امتحان ما لا تبالي، حتى لو وجدت من يعرقل خطواتك في الحياة، امش ولا تبالي.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.