شعار قسم مدونات

رحلة التيه.. الحاجة لبدايات جديدة

Blogs- city

لماذا يفترض بنا أن نلاحق هذا وذاك؟ نلاحق دون أن ندرك… ونتبع دون أن نرى! أصبحت رؤيتنا مبهمة، فوضعنا غشاء أسود لعله يريح أعيننا لفترة مؤقتة، ولكن قد طالت المدة ومع مرور الوقت قد اشتدت ربطة الغشاء، قليلون منا حاولوا أن يتحرروا من القيود لكي يعود نظرهم، ولكن الكثيرين سقطوا بالفخ بعمى دون أن يدركون سبب السقوط بوضوح، مثل الذين يرتكبون المحرمات، حيث تستهويهم الأفكار السيئة وتجرهم لفعل السوء، ومن ثم يعلقون في بوتقة ضيقة دون أن يعلموا السبب، فيصعب عليهم الخروج منها. 

     

أعيننا التي كانت نافذة شفافة تعكس لنا واقعنا وحقيقتنا، أصبحت نافذة داكنة مظلمة، لا نور ولا ضياء يدخلها، حتى أشعة الشمس الحادة لا يمكنها أن تحتل الظلام، وبسبب الخفاء والظلال، تلاشت الحقيقة في الظلام، وأصبحت الحقيقة نادرة والكذب والتزييف شائعاً، نتماشى مع الهراء والتفاهات التي تملأ آذاننا وتتسلل إلى عقولنا للتحول إلى جزء من أفكارنا، والفكر يتحول تدريجياً إلى فعل، ومن يعلم إذا كان ما نطبقه من أفعال يتناسب مع أحكامنا وقيمنا وأخلاقنا.

      

وبسبب غفلتنا واتباعنا الأعمى، نجد بأن الصراع من أجل الاختلاف والتميز لم يعد سائدا اليوم، حتى أنفسنا وأوطاننا نمثلها بطريقة مبتذلة، فشباب اليوم يعتقدون بأن ارتداءهم لملابس أو قلادات تحمل رمزا للوطن ستزيد من حبهم وانتمائهم لأرضهم، ولكن ألم يفكروا يوماً عن تاريخ ومعنى تلك الرموز؟ فالكثير منها ليست من صنع الشعب ولكن من اختراع الحكومات، ويا ليتها كانت من صنع حكومات عربية، بل هي من إبداع الغرب، رجل بريطاني وآخر فرنسي، سايكس وبيكو، رسموا لنا خريطة الشرق الأوسط، ونحتو الحدود بدقة واستراتيجية بأقلام ملونة على ورقة صفراء، ثم قاموا بوضع أعلام ذو ألوان متشابهة لكي تمثل عدة أراضي، فهل يعقل أن نفتخر بهذه الرموز، هل مجرد رموز كهذه ستعيد مجدنا العربي وتاريخنا العريق؟

               

إذا أردنا تغيير أنفسنا أو ما حولنا نحتاج إلى شيئين فقط، ورقة و قلم، ورقة بيضاء فارغة و قلم مليء بالرصاص أو الحبر
إذا أردنا تغيير أنفسنا أو ما حولنا نحتاج إلى شيئين فقط، ورقة و قلم، ورقة بيضاء فارغة و قلم مليء بالرصاص أو الحبر
          

لربما شباب اليوم ساذجون وجاهلون إلى حد ما، ولكن لا يمكننا أن نلقي اللوم بأكمله عليهم، فهذه السذاجة والجهل هي من تشكيل وصنع أنظمة تعليمية ضعيفة التأسيس، فاتنة المظهر ولكنها فارغة الباطن، تشكل اهتمامات سطحية ومعاني خالية لا تقدم فرصة للطلاب بأن يستخدموا قدرتهم العقلية لكي يفكروا بأبعاد مختلفة توسع آفاقهم الضيقة، فالغد ينادي ويبحث عن أفراد ذو ثقافة وعلم وصوت حاد، صوت يغرس بذور الأمل في الأجيال القادمة ويساعدهم على النمو بشموخ، المستقبل بحاجة إلى من يرعاه باستمرار لكي يصلح الحال، ولهذا لا بد من التغيير لكي نشهد تطوراً.

            

إذا أردنا تغيير أنفسنا أو ما حولنا نحتاج إلى شيئين فقط، ورقة و قلم، ورقة بيضاء فارغة و قلم مليء بالرصاص أو الحبر، باستخدام القلم يمكن أن نكتب كلمة واحدة فقط لتبث بالورقة الحياة فتصبح تلك الورقة ذو هوية وعنوان، وذلك العنوان إما أن يبني الأسس أو يهدم الأعمدة، فلا تستهتر بالورقة لأنها ليست مجرد أداة رفيعة فارغة، بل إنها رمز لبداية جديدة ذو تأثير فعال، ومع القلم الذي يملأ الورقة بكلمات ورسومات، تصبح الورقة أداة لتدوين التاريخ والحكايات ورسم مخططات ومشاريع، فاسألوا أنفسكم وتفكروا، كيف تم تقسيم الدول العربية، و كيف بدأت الحرب الأولى والثانية والحرب الباردة وكيف انتهوا؟ أليس باستخدام ورقة وقلم. هذان الأداتان بإمكانهم إحداث وإنهاء ثورات، ولذلك يجب علينا استخدامها بطريقة فعالة لنغير أنفسنا وما حولنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.