شعار قسم مدونات

الثقة أداة للانطلاق

Blogs- walk

لا يفتأ المرء في هذه الحياة عن المُضي قدماً نحو تطلعاته وأهدافه وكذا هي حال الشعوب والأمم فإن الحياة بطبعها تأبى الوقوف وإن الأيام تتجاوز من يركن للخمول. والناظر اليوم لواقع شعوب المنطقة يبدوا له جلياً ما تقاسيه أبنائها من أزمات متتالية أضحت كأنها سلسلةٌ عصية تأبى انفكاكُ حلقاتها.

      

وإن للمعاناة أسباب قد لا نستطيع بيانها في هذه السطور القليلة فالموضوع بحاجة للبحث أو ربما أبحاثٍ مستفيضه ولكننا نعرضُ في هذا المقال جانباً نراه أن جُل مشاكلنا تنبع منه ألا وهو "الثقة"، فهناك أزمة ثقة على جميع الأصعدة، أزمة ثقة بين الحكوماتِ وشعوبِها والعكس صحيح وبين أبناء الشعب الواحد. مما أدى إلى إفراز واقعٍ غير مستقر ومستقبل مجهول الملامح وأن أسوء أنواع فقدان الثقة عندما يفقد المرء إيمانه بذاته. وتترسخ عنده قناعة سلبية وتكاد تتوقف عنده عجلة الحياة في نقطة اللابداية.

     

 لفقدان الثقة أسبابٌ عدة بدءً من التنشئة الأسرية والترعرُعِ في بيئة سالبة بل وسارقة لمقومات الشخصية القوية لدى الأفراد، فالكثير من العوائل تربي أولادها بصورةٍ تقليدية ولا تدخر جهداً في مواكبة متطلبات العصر والتغيير الحاصل فيه. فينشأ الطفل معتمداً على والديه ومتقمصاً شخصيتهم ليصبح فيما بعد نسخةً جديدة منهم وعلى الرغم من المدخلات الكثيرة لصناعة الشخصية في أيامنا هذه من شبكاتِ التواصل ومواقع النت والقنوات الفضائية إلا أن للأبوين دورٌ مهم في غرس القيم وتعزيز شخصية أبنائهم وإعطائهم جرعات من الثقة بالذات. 

           

إعادة الثقة بالذات هي الخطوة الأولى للانطلاق لرسم خريطة النجاح والمضي قدماً وبثبات في تضاريسها المنبسطة والوعرة منها على حدٍ سواء.
إعادة الثقة بالذات هي الخطوة الأولى للانطلاق لرسم خريطة النجاح والمضي قدماً وبثبات في تضاريسها المنبسطة والوعرة منها على حدٍ سواء.
          

وإن للواقع السياسي المضطرب دورٌ كبير لاضمحلال الثقة بين أبناء الشعب الواحد فنحن نعيش في دولة المخبرين وسياسيون لا يوفون بوعودهم وهي سياسةٌ مقصودة في الغالب. وإن أغلب أفراد الشعب لا يثقون بحكوماتهم التي طالما وعدتهم بالازدهار والارتقاء لكنها تبقى طي الكتب ولا تتجاوز الأوراق التي كتبت عليها، ولهذه الأسباب وغيرها ترسخت في مخيلة الكثير منا ثقافة الانصياع للواقع المعاش بل والاستسلام له وعدم الايمان بتغير الواقع المزرى فوقعنا من بنيات أفكارنا. وكما يقول ديل كارنجي "أفكارك تصنع حياتك" وهذا الكلام ينسحب على العقل الجمعي للمجتمعات.

     

وهنا يصبح من الواجب على النخب المجتمعية والأوساط الأكاديمية في دول ما تسمى بالعالم الثالث أن تشمر عن ساعد الجد في إعادة رسم ملامح الثقة في مخيلة الأفراد ورسم صورة ذهنية أكثر إيجابيه لديهم ليتسنى لأبناء شعوبنا السير في ركبِ التطور والارتقاء فعودة الثقة هي واحدة من المفاتيح الذهبية التي من خلالها تفتح الأبواب الموصدة، أغلبنا سمع عن أُناسٍ ناجحين في هذه الحياة رغم فقدان الآخرين الثقة بهم، لكن لم نسمع عن شخصٍ نجح فاقدٌ الثقة بذاته! فإعادة الثقة بالذات هي الخطوة الأولى للانطلاق لرسم خريطة النجاح والمضي قدماً وبثبات في تضاريسها المنبسطة والوعرة منها على حدٍ سواء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.