شعار قسم مدونات

صار "البكيني" هو ما يقلقهم يا خديجة

blogs- hijab

قالت خديجة بن قنة يوماً إن ﺇﻣﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﻣﺎلي ﺗُﻌﺬّﺏ ﻭﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺗُﻐﺘﺼﺐ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺗُﺴﺠﻦ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﺗﻤﻮﺕ جوعاً ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻠﻖ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻻ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ!

        

ولكن ربما لم تكن خديجة تتوقع يوماً أنّ قلق الغرب سيتطور ليتحول من القلق على عدم تمكن المرأة السعودية من قيادة السيارة إلى قلق آخر أنكى وأشدّ وأكذب وهو القلق من عدم تمكنها من السباحة مرتدية البكيني على شواطئ المملكة المطلة على البحر الأحمر. وذلك ما كشفت عنه أو تنبّأت به صحيفة التايمز البريطانية والتي توقّعت أن المملكة في العهد الجديد وبناء على رغبة من الغرب ستكسر كل القواعد والتقاليد وتعاليم الدين وستخرج عليها وذلك كله سيكون إرضاءً لأسياد العالم الحالي متمثلاً بالغرب الراعي لحقوق الإنسان ظاهراً والبعيد كل البعد عنها حقيقة.

          

ولكن الغرب لا يعلم بأن المرأة السعودية خصوصاً والعربية المسلمة عموماً تدرك جيداً معنى رغباته المبطنة تلك والتي ظاهرها القلق عليها ومناصرتها وباطنها الإساءة إليها. فالمرأة المسلمة حقاً تدرك جيداً كلمات الحق التي يُراد بها الباطل تدرك ذلك لأنها ترى حال أخواتها المفتقدات لكل أسباب الحياة والكرامة في دول عربية ومسلمة شقيقة وترى أيضاً في الوقت نفسه موقف الغرب من معاناتهن والذي يكون مشتركاً في تلك الجرائم أو متفرجاً عليها.

        

للذين يتوقعون أن الغرب سيرضى عنهم لمجرد أنهم انصاعوا إلى ما يريده ونفذوه بحذافيره فأولئك ينقصهم بعد النظر، ولم يعلموا بأن الغرب لن يرضى عنهم حتى ولو خرجوا من جلودهم وأنه كلما رأى منهم انبطاحاً وشعر بأنهم جاهزين للانقياد كلما تمادى معهم أكثر وأذلهم أكثر.

وهنا لا يسعنا إلا العودة إلى قول السيدة خديجة بن قنة والذي يختصر المشهد كله فالغربُ لو أهمّته المرأة العربية فعلاً لما تركها تتعرّض لكل أنواع الإساءة والإهانة والتعذيب في العراق منذ 2003 حتى يومنا على أيدي الأمريكان حاملي شعلة الحرية وحقوق الانسان وحلفائهم ثم على أيدي مرتزقتهم اليوم في الموصل وغيرها من المدن المنسية هناك. والغرب لو كان صادق النية لأنقذ نساء سورية اللواتي ما فتئن يستنجدن به منذ 2011. سبع سنوات لم يبق فيها لون من ألوان العذاب إلا وذاقته المرأة السورية من فقدان الأبناء والأخوة والأزواج إلى التغريب والتهجير والاعتقال والاغتصاب وكل ما يخطر ولا يخطر في بال بشر ثم ماذا كان موقف الغرب القلِق إزاءَ ذلك؟ لا شيء. حتى القلق لم يعد يشعر به الغرب وأمينه العام مؤخرا على نساء وشعوب سوريا والعراق.

      

هذا ولا يقتصر الحال على السوريات والعراقيات بل يتعداه ليشمل كل الجنسيات التي ذكرتها السيدة خديجة من ماليات وصوماليات وعربيات ومسلمات غيرهن انتهاءً بنساء بورما المغيّبات سابقاً عن الإعلام واللواتي لم يترك الوحوش هناك فناً من فنون التعذيب إلا وطبقوه عليهن والغرب يكتفي بالنظر علنا والشراكة سراً بينما يحتفظ بقلقه فقط للمرأة السعودية التي لا تقود السيارة أو لا تلبس البكيني!

           

لهذه الدرجة يظنّ الغرب المرأة العربية ساذجة حتى تنساق وراء ما يريده وتصدّق أكاذيبه! ألم ير النماذج من النساء العربيات المسلمات الواعيات هنا وهناك حاضراً وماضياً واللواتي غيرن التاريخ دون التخلي عن هوياتهن. وللذين يتوقعون أن الغرب سيرضى عنهم لمجرد أنهم انصاعوا إلى ما يريده ونفذوه بحذافيره فأولئك ينقصهم بعد النظر وأولئك هم الذين لم يستفيدوا كثيراً من دروس التاريخ ولم يعلموا بأن الغرب لن يرضى عنهم حتى ولو خرجوا من جلودهم وأنه كلما رأى منهم انبطاحاً وشعر بأنهم جاهزين للانقياد كلما تمادى معهم أكثر وأذلهم أكثر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.