شعار قسم مدونات

رسالة إلى من يرسم ملامح المستقبل

blogs دكتور جامعة

أتذكر حينما تخرجت من الجامعة عندما كانت تسكن قلبك اللهفة لمستقبل تتمناه ولنفس تعبت وعين سهرت وعقل ما انفك يحلم بهذه اللحظة ذلك عندما اخترت أن تكون معلماً فغدوت دون أن تدري طبيباً ماهراً ومهندساً بارعاً ومحامياً فذاً وداعيةً وجندياً ليس له مثيل.

أليس الدليل على أنك طبيب مداواتك لطلابك بما وهبه الله لك من أسلوب شيق وجذاب وابتسامة عذبة ترافقك كأنها إكسير لحياة نابضة تترك فيهم كبير الأثر وكلماتك التي تخرج من شفتيك كالبلسم الشافي تختصر المسافات إلى تلاميذك إلى قلوبهم وعقولهم المتشوقة لاكتشاف كل جديد.

أنت تدرك أن تلاميذك ليسوا على مستوى واحد من الذكاء والتفاعل فهناك من هو خالي البال تصب في عقله المعلومات كالشلال وهناك من يعيش كل يوم بحال تحتاج جراحه الغائرة إلى استئصال وهناك من هو يتيم الأب يريدك أن تكون مثل أبيه وأن تعطف عليه وتكون سنداً له في كل شيء وهناك من افترق أبواه خلال حرب أو حادث أو غيره فهو يبحث في داخلك عن معاني الوفاء والاحتواء والعطاء يبحث عن أجوبة لأسئلة كثيرة تتعارك في عقله ويأمل بصدق أن تكون عندك الاجابة عنها أنت دون غيرك.

أنت المعلم الداعية، فكل ما تقوله وتفعله تعلم أنه يصب في عمل الخير، فتلاميذك مرآة حقيقية لنجاح دعوتك أو فشلها، وأنت من تمتلك مفاتيحا لكل عقول وقلوب تلاميذك وبيدك الوسائل المختلفة التي توصلك إلى نجاحهم وإبداعهم

أنت المعلم المهندس الذي يحب البناء ويمقت الهدم يبني عقول طلابه ويختار أساسا متيناً محال أن تهزه رياح الأيام المتقلبة والمجتمعات المتغيرة دون هدف أو معنى لحياتها وأساسا مرتكزاً على كل ما يحبه الله ويرضاه واقتفاءً لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام ليكون معه طلابه واضحي الوجهة والمسار ويضيف ما يشاء من العلوم ليجعل البنيان يعلو لبنة لبنة.

أنت المعلم المحامي كلمة الحق دوماً منطق شفتيك والعدل بين طلابك ميزانك مهما كانت مواقفهم معك وليس عندك بين طلابك متهم فتعرف كم يحتاجون إلى التفهم الكبير وتهمس بأذن كل واحد منهم شيئاً جميلاً يختص به عن غيره وتراقب براءتهم وجمال عالمهم في وقت فسحتهم وكأن رسالتهم إليك "هيا كن سنداً لنا ستزداد هيبتك وستجمع معنا أدلتك وستحكم المحكمة العقلية لصالحنا وتنطق المحكمة القلبية بالحكم العلني عندما تتحد نبضات قلوبنا".

وأنت يا سيدي المعلم الداعية فكل ما تقوله وتفعله تعلم أنه يصب في عمل الخير فتلاميذك مرآة حقيقية لنجاح دعوتك أو فشلها وأنت من تمتلك مفاتيحا لكل عقول وقلوب تلاميذك وبيدك الوسائل المختلفة التي توصلك إلى نجاحهم وإبداعهم تحاكيهم وتسافر معهم إلى عوامل مادتك الرحبة تصطحبهم إلى أماكن غير متوقعة في أزمنة وأمكنة مختلفة وهم جالسين على مقاعدهم داخل صفهم.

أنت الجندي الذي يحرس بوابة عقول شباب الأمة القادمة ويبعد عنها ما علق بها من أفكار ضحلة تافهة هشة وخطيرة فتأمل الآن أين وصلت ببنيانك؟ وبأي مزيج متجانس وقوي سيعلو؟ لأنك أنت من سترسم ملامح مستقبل الأمة فشمر عن ساعدك وانطلق ولتكن عند طلابك أروع إنسان عرفوه في حياتهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.