أعزو ما تفوَّه به زهر الدين وقبله الأسد إلى انعدام ثقافة العقاب والمساءلة في سوريا وهذا ما جعلهم يشعرون بأنهم فوق القانون ولن يخضعوا أبداً لحكم محكمة، لكنهم لا يعلمون أن العدالة لا يمكن أن تظل معطلة |
في الحقيقة لم أتفاجأ حين سمعت زهر الدين يُهدد ويتوعد بالعقاب لمن سيعود إلى سوريا، فوجود هذا العسكري وأمثاله يشكل شريان الحياة للمستبد الأعظم بشار الأسد، فالمستبد دائماً ما يحيط ذاته بمجموعة من الممجدين العاملين له المحافظين عليه، وهو أي المستبد يحرص أن يكون كل واحد من هؤلاء من أسفل أهل بيته أخلاقاً بحيث تكون غايتهم إرضاء المستبد والتدليل بأنهم على شاكلته وأنصارٌ لدولته، وبهذا فقط يأمن جانبهم ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه في خراب وفساد المجتمع والدولة، وتلك هي التركيبة المثالية للمستبد التي تضمن له الاستمرار في الحكم "إلى الأبد إلى الأبد" وهذا هُتافٌ كان الأسد الأب يطربُ لسماعه في المسيرات التي تهتف باسمه وتنادي "إلى الأبد إلى الأبد يا حافظ الأسد" .
بحسب أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن عدد السوريين المسجلين لديها جاوز الخمسة ملايين، وهناك أعداد كبيرة منهم غير مسجلين في سجلات المفوضية، وبحسب زهر الدين فإن هذه العناصر البشرية السورية غير مرغوب في عودتها إلى الديار التي ما تركوها خارجين إلا بسبب الآلة العسكرية الوحشية التي وجهها الأسد وعسكره على الأهالي لتفتك بهم وتُدمرهم فتدفع بهم إلى الرحيل دفعاً لا خياراً، وللذكرى فإن كلام زهر الدين المقزز لم يكن سابقة فقد سبقه إلى هذا بشار الأسد أكثر من مرة، فهو حين تحدث عن التجانس كان لسان حاله يقول للسوريين في الخارج أنكم كنتم عبئاً ثقيلاً علينا وبرحيلكم نحن أفضل حالاً، وأيضاً ذكر ذات مرة أن سوريا ليست لمن يحمل جواز سفرها وإنما لمن يدافع عنها، وفي ذلك إلغاء للمواطنة التي هي في ثقافة الأسد منحة منه وليست حقاً يكفله الدستور.
في السطور الأخيرة أعزو ما تفوَّه به زهر الدين وقبله الأسد إلى انعدام ثقافة العقاب والمساءلة في سوريا وهذا ما جعلهم يشعرون بأنهم فوق القانون ولن يخضعوا أبداً لحكم محكمة، لكنهم لا يعلمون أن العدالة لا يمكن أن تظل معطلة بشكلٍ دائم وأنه لا بد أن تُفعّل وتأخذ مجراها في حقهم ذات يوم، وليعلم زهر الدين والأسد ومن لف لفيفهم أن الكوادر السورية في الخارج من حقوقيين ونشطاء يعملون مع المنظمات الحقوقية لتسجيل كافة الانتهاكات وتوثيقها وعرضها على المجتمع الدولي عموماً والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً لتسوقهم إلى المحاكم الجزائية التي ستتكفل بإيقاع الجزاء المناسب لما اقترفته أيديهم من جرائمٍ عارٌ على البشرية السكوت عنها.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.