شعار قسم مدونات

الدول "السنيّة" التي تقتدي بها اسرائيل

BLOGS- FLAG
 
 
 
 
 
في سياقٍ سياسي مُغرض تخرج علينا إسرائيل في غمرة الفوضى والأزمات التي تعيشها المنطقة العربية بقرارٍ سياسيّ بحت بإغلاق مكتب الجزيرة في الأراضي الفلسطينية، قرار لم يستند إلى حكم قضائي ولا لما تدعيه إسرائيل بكونها دولة ديمقراطية، إنما استند إلى موقف "دول سنيّة معتدلة" اتخذت ذات القرار تجاه قناة الجزيرة، معتبرة أن هذا القرار يأتي في سياق بناء العلاقات المشتركة بينها وبين تلك الدول.  

 

نوع من السخرية الإسرائيلية اتجاه المواقف العربية يظهر اليوم على شكل قرار سياسي متعلق بحظر حرية الإعلام وتقييد حرية التعبير عن الرأي، قرار لم يأت كنوع من الاقتداء بمواقف عربية كما قالت إسرائيل، وأن القرار قد صدر قبل شهرين أي منذ اتخاذ تلك الدول العربية "السنيّة" لقرار إغلاق مكاتب الجزيرة فيها، كما لم يأتِ القرار للإشارة إلى وجود تعاون إسرائيلي مع تلك الدول العربية، فهذا الأمر بات مفضوحاً وموثّقاً بالاتفاقيات والتبادل التجاري المعلن، إلا أن الغاية لها أبعاد أعمق تتعلق باستغلال عبارات الطائفية وتوظيفها لترسيخ الانقسام العربي، وبذات الوقت الإشارة الصريحة إلى تثبيت التعاون الإسرائيلي- العربي في مواجهة أي تعاون عربي قادم!

المضحك المبكي يكمُن في اصطفاف إسرائيل صراحةً مع دول تُعتبر راعيةً للرموز الإسلامية التي أضاعت بوصلتها للتوجه نحو عداء الأشقاء ومساندة الأعداء


لا مكان للجدال في هذا الواقع المؤسف لأنه موجود بالفعل، إلا أنه وبالنظر إلى الصورة ككل خاصةً عند قراءة تطور السياسات الإسرائيلية تجاه البيئة المحيطة حولها نجد أن منعطفاً حاداً سلكته إسرائيل من وضع دولة "العدو" إلى دولة تسعى إلى الاندماج في هذه البيئة من خلال استقاء شرعيتها من داخل المنطقة التي تعيش فيها مهما كانت القوة المساندة التي تأتيها من الخارج، وبكل الأحوال لم تخيّب ظنها الدول العربية بالمقابل .

بذات الوقت تثبت إسرائيل للمنطقة المحيطة أنها انتقلت من الدولة التي تقدم تنازلات من أجل السلام إلى دولة تتخذ قرارات مؤثرة في الدول العربية دون الخوف من تزعزع أو اختلال ذاك السلام المأمون، فعلاقة إسرائيل تجاه جيرانها العرب تتبع في الوقت الراهن سياسة اللاعودة إلى المربع السابق .


ودون مناقشة ما ستؤول إليه الأمور لاحقاً بعد توالي هذه الخطوات، إلا أننا نجد أن الأزمات العربية هي التي تزيد من تسارع هذه الخطوات لتصل إلى حد الانفلات أو التأثير العميق المسيطر، وفي حالة الأزمة الخليجية وضعت إسرائيل نفسها اليوم في ذات الخندق الذي تقبع فيه دول الحصار الأخرى، وهي بطريقة أو بأخرى تُنصب فيها نفسها وبمساعدة عربية، كجزء مؤثر في الواقع العربي ابتداءً من تضييق التواجد الإعلامي العربي على الأراضي الفلسطينية، ولا أحد يعلم إلى أين سينتهي هذا التأثير!


لعلّ المضحك المبكي يكمُن في اصطفاف إسرائيل صراحةً مع دول تُعتبر راعيةً للرموز الإسلامية التي أضاعت بوصلتها للتوجه نحو عداء الأشقاء ومساندة الأعداء، فهل نجد أنفسنا غداً أمام  مجلس  تعاون إسرائيلي!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.