شعار قسم مدونات

ما بين اختلاف وائتلاف

Blogs-Qatar
عندما تُختزل الطبيعة الكونية بما فيها الطبيعة البشرية في تعدد الألوان يقوى كنهها، ويعيش اللون الواحد باحترامه فيتقد جوهره ويسطع بريقه، بل ويساعد على تكامل اللون مع اللون وعلى تكوين قوة لونية براقة تسر الناظرين.

كذلك حال الإنسان عند تعدد جنسياته، وأديانه، وألوانه، وثقافاته، كلما قويَ اعتقادنا بمبدأ التعدد والاختلاف فُسح المجال أمام الناس لتقبّل التنوع بينهم. وحسن التعامل مع هذا الاختلاف يُفضي إلى تأمين الحاجات النفسية قبل المادية هذا من شأنه يكفل بناء أساس للتعايش السلمي وروح الإخاء والسلام والمودة والطمأنينة في ظل البلد الواحد كجسد واحد متعافي.


مما يشكل مشاعر الارتباط بالوطن ومنها تتحدد الحقوق والواجبات الوطنية التي تظهر في أوقات الأزمات والحرب والسلم، تماما كما حدث في حصار قطر الذي أظهر تلاحماً عميقاً، تاريخياً، مصيرياً وجدياً، وبان جلياً في اتحاد المواطن القطري والمقيم، اللذان اتفقا ضمنياً على الانتساب لكيان قطري متوحدين معاً في ولائهم وانتمائهم لهذا الكيان.

أحسنت الدولة استثمار الحس الوطني لمواطنيها ومقيميها، وأجادت في إذكاء روح التعايش مما انعكس على مقيمها احترام ثقافة قطر الدينية والوطنية والاجتماعية


وانبثق من هذا الانتماء صور وطنية جمة تمثلت في صنائع ومبادرات لقطريين ومقيمين ولمسلمين وغير مسلمين، عرب وغيرهم تجلى حبهم لأرضٍ احتضنتهم وأخلصت لهم عطاءً وصار لها مكانة في نفوسهم. وتبينت وطنيتهم أيضا في الشعور بالمسؤولية والرغبة الكبيرة في رد الجميل واعترافهم القوي بأنهم تنعموا بخيراتها وفي الفرص المتاحة لهم من حرية شخصية ورعاية صحية، وتعليمية، واجتماعية.

ظهر انتماؤهم في تلاحمهم مع الشعب القطري متبادلين معهم طيب العشرة والتواصل الإنساني والتفاعل الإيجابي ضمن إطار ثقافي مشترك.فلمعت القيمة الجوهرية للحمتهم وجاءت في شكل وعي ووجدان وسلوك معلنين بهم تضامنهم جملةً وتفصيلاً لمواجهة أزمة الحصار الجائر على قطر. وإلى جانب الدور الذي تقوم به حكومة دولة قطر في تحصين الهوية القطرية ودعم مقوماتها ومرتكزاتها، وترسيخ وتعزيز ونشر الثقافة الوطنية وصقلها وحمايتها من الاندثار تقدّر من جانب آخر وتحترم تماماً ثقافات الشعوب الأخرى التي تعيش على أرضها، فهي حريصة على مد جسور التواصل والحوار والتعاون في الداخل والخارج.


كما أثبتت كلمة صاحب السمو الشيخ تميم التي اعتلى مضمونها منصة الرؤية للواقع ولقادم الأيام بمخاطبة العقل والوجدان وسما سموه بأمانة الرسالة التي يحملها مستمداً قواها من وقوف الشعب القطري متمثلاً بمواطنيه ومقيميه دفاعاً عن السيادة وتمسكاً بالأخلاق المستمدة من ثقافة الدولة ووطنيتها وقيمها الجوهرية الثابتة.

ففي رأيي الشخصي، توازنت سياسة دولة قطر الداخلية على مستوى الثقافة العقلانية، والثقافة الإنسانية وثقافة البذل والعطاء وبين النظري والتطبيقي على مستوى الأنظمة والقوانين وعلى صعيد الحقوق والواجبات، كما أحسنت الدولة استثمار الحس الوطني لمواطنيها ومقيميها، وأجادت في إذكاء روح التعايش مما انعكس على مقيمها احترام ثقافة قطر الدينية والوطنية والاجتماعية، جامعةً بالشكل المطلوب دون إحداث أي تصادم في المصالح والمبادئ والقيم والاتجاهات، مما رفع من مستوى المواطنة لدى الفرد والمجتمع، مما يدفع للهتاف: تحيا قطر دولة الإنسان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.