شعار قسم مدونات

الرئيس "هادي" وثعابين المؤامرة

Yemen's President Abd-Rabbu Mansour Hadi (C) attends the 28th Ordinary Summit of the Arab League at the Dead Sea, Jordan March 29, 2017. REUTERS/Mohammad Hamed
يقف الرئيس هادي بين مفترق مؤامرة فيها من الخطورة ما يكفي لتشظي اليمن إلى دويلات، طريق ذي ثلاث شعب لا ضليل ولا تغني من اللهب، تتساقط عليه شرارت تحاول إحراقه، طريق باتجاه التخلص من الانقلاب، وطريق الحراك الجنوبي ومجلسه الانتقالي، وطريق ثالث باتجاه التحالف والإمارات على وجه الخصوص، وبصبره وثبات عزمه وتلقائيته المقرونة ببعض الطيبة المعروفة تجعل ممن يتابع الوضع عن كثب يشعر بعجزه عن اتخاذ أي إجراء حيال كل ذلك. 
بلدٌ تتقاذفه الأمواج المتلاطمة في بحر لٌجيِ ظلماتٌ بعضها فوق بعض، إذا أخرج يده لم يكد يراها. يحاول أن يقف الرجل متباعدا قدر المستطاع عن موائد الاستقطابات الشعبوية الداخلية والخارجية غير الحميدة، تاركا مسافة إجرائية تفصل وتصل بين القناعة السياسية المسؤولة وبين الضرورات المجتمعية الحتمية.

مؤخرا اجتمع هادي بنائبه ورئيس وزرائه ومعهم محافظ عدن في جلسة مغلقة، ليتوجه بعدها مباشرةً إلى المغرب العربي لزيارة الملك سلمان ملك السعودية في مقر إقامته بمدينة طنجة، بسبب التوترات الأخيرة التي حدثت في مدينة عدن بعد تصريح المحافظ وبيان البنك المركزي حول منع التحالف لأكثر من 13 رحلة جوية للهبوط بمطار عدن، محملة بالسيولة النقدية التي طبعت مؤخرا ليتسنى للحكومة صرف مرتبات الموظفين والتي تجاوز عدم صرفها للشهر العاشر على التوالي.

أعلنت الإمارات من أبو ظبي، الأسبوع المنصرم، قيامها بحملة عسكرية في محافظة شبوة لمكافحة تنظيم القاعدة، وهذا مؤشر على سقوط محافظة جنوبية جديدة بيد قوة عسكرية إماراتية
أعلنت الإمارات من أبو ظبي، الأسبوع المنصرم، قيامها بحملة عسكرية في محافظة شبوة لمكافحة تنظيم القاعدة، وهذا مؤشر على سقوط محافظة جنوبية جديدة بيد قوة عسكرية إماراتية

تصريح عبدالعزيز المفلحي محافظ عدن لاقى استعطافاً كبيراً لدى الأوساط الشعبية اليمنية ليضع الرجل ضمن أفضل ثلاث شخصيات يعتبرها اليمنيون رمزاً للوطنية، بعد رئيس الوزراء الراحل فرج بن غانم ومحمد سالم باسندوه رئيس حكومة الوفاق، تحدث المفلحي في خطابه أن جهات ما تدفع عدن باتجاه حرب أهلية، وتعبيره وإشارته كمسؤول أول في عدن إلى الإمارات لم يكن من الصعب تحليلها، وهي تتواجد في عدن بكل ثقلها.

وأضاف أنه قد تعرض لأربع محاولات اغتيال لكنها لن تثنيه عن مواصلة مشوراه الذي بدأ به، وأشار في ثنايا حديثه عن القوى التي تمول مشاريع الموت والخراب في العاصمة المؤقتة عدن مشيرا إلى الرئيس المخلوع صالح، مما جعل الأخير يوحي بل ويؤكد لدى الأوساط الشعبية عن ضعف الشرعية وحكومتها وعجزها في بسط نفوذ الدولة في المناطق التي تحت سيطرتها، ثم يأتي بعد خطاب المحافظ بيان البنك المركزي الأخير حول حيلولة التحالف دون وصول الرحلات الجوية المحملة بالسيولة النقدية ومنعها من الهبوط إلى مطار عدن الدولي الذي تسيطر عليه القوات الأمنية التي تشرف عليها الإمارات العربية المتحدة.

وكأن لسان حال ذات البيان "أن قد طفح الكيل وآن لكم التوقف عن التدخل في شؤوننا الداخلية وكفى هيمنة واستحواذاً على مقدرات ومنافذ المناطق الجنوبية وخيراتها، وكفاكم القيام بدور الوصاية، فلصبرنا حدود".

سجون الإمارات السرية في المحافظات الجنوبية التي كشف عنها في تقرير على قناة الجزيرة، تمتلئ بالمعتقلين اليمنيين وامتهانهم بأصناف التعذيب، وهو ما أثار سخط الشارع اليمني برمته

 
بعد أن أيقن عامة الشعب اليمني إخفاق البنك المركزي وقيادته في عدم القدرة على إدارة البنك وتوفير مرتبات موظفي الدولة بشقيها المدني والعسكري. ليصبح شبه يائس عن استحالة الخروج من هذه الورطة، وبهذا البيان تبرأت قيادة البنك أمام الشعب من تلك التهمة بل والحكومة والرئيس. مما أعاد التفاف الشعب المغلوب على أمره حول شرعيته مطالباً قيادة التحالف سرعة البت في هذا الموضوع سيما وقد بلغ تردي الأوضاع المعيشية إلى موت بطيء لكافة شرائح الشعب اليمني.

الرئيس هادي بين المطرقة والسندان، وزيارته الأخيرة إلى المغرب للقاء الملك سلمان، والتي تأتي عقب تصاعد الأزمة بين الحكومة اليمنية وبين القوات الإماراتية التي تسيطر على العاصمة المؤقتة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، بحسب مصادر مقربة من صنع القرار، أنها قد تكون تلويحا من هادي إلى أن لديه خيارات عديدة قد تؤلم الإمارات، مطالبا ًبوضع حدِ للتدخل الإماراتي في عدن والمناطق الجنوبية والتوقف عن دعمها لما يسمى بالمجلس الانتقالي الذي أسسه المحافظ المقال عيدروس الزبيدي مع فصائل الحراك المطالبة بعودة دولة الجنوب حد تعبيرهم.

وقد أعلنت الإمارات من أبو ظبي، الأسبوع المنصرم، قيامها بحملة عسكرية في محافظة شبوة لمكافحة تنظيم القاعدة، وهذا مؤشر على سقوط محافظة جنوبية جديدة بيد قوة عسكرية إماراتية أقل عددا تتحكم بقوة شعبية من تلك المحافظة وتمولها ماليا وعسكريا وإداريا، وكل هذا دون علم رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع وهيئة الأركان اليمنية. فيما سجون الإمارات السرية في المحافظات الجنوبية التي كشف عنها في تقرير مفصل على قناة الجزيرة، تمتلئ بالمعتقلين اليمنيين وامتهانهم بأصناف التعذيب، وهو ما أثار سخط الشارع اليمني برمته، ليجد نفسه مجبراً بين خيارين؛ احتلال إيراني أو وصاية إماراتية محتملة، وفي كلتا الحالتين هو المتضرر الوحيد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.