إن السلاح الوحيد والفعال لإنجاح هذه المهمة هو الكتاب، إذ يجب أن يتم وبشكل مستعجل غزو المواطن العادي بكتب عظيمة تخرجه من غرفته إلى الشارع، وتملأ صدره باهتمامات وهموم جديدة، هموم تكشف له الطريق إلى حياة الشرف والكرامة والحرية التي لم يكن يعلم أنها موجودة أصلا. كتب ترغمه على رفض حياة تافهة، لا يحمل فيها سوى هموم شخصية حقيرة، أكل وشرب ونوم… كتب تزيل عنه هذا الذهول الخبيث الذي عشش في دماغه و يعجز عن إزالته لوحده.
قد نضيع سنوات من المحاولة دون نتيجة، لكن المحاولة أمر لا بد منه، من أجل مصلحة الجميع. سنبدأ بالبسطاء أمثالنا، ونغير الطريقة الخاطئة التي يعيشون بها. |
كتب تحول هذا المواطن البسيط الذي صار كشبح ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﺍﻷﺯﻗﺔ ﺑﻼ ﻫﺪﻑ، ﺑﺎﻟﻜﺎﺩ يحس أنه ﻻ يزال ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، إلى مواطن حر يعرف ما له وما عليه، لينطلق ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ويخوض غمار الحياة برؤية جديدة وﺩﻭﻥ ﺃﺧﻄﺎء ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ. ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺓ ﺳينتبه ﺟﻴﺪﺍ ﻟﻺﺷﺎﺭﺍﺕ، سيتخلص من كل فكر سام، ﺳيهدم ﻛﻞ ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻨاها بينه وبين باقي الناس ﻣﻌﺘﻘﺪﺍ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤميه منهم، سيفتح كل ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻏﻠﻘﻬﺎ. سيتحول إلى إنسان.
كتب تصدمه فتوقظه، وتزيد روحه سعة وعمقا، وتحمله إلى فضاء أكبر أرحب مما فيه الآن. فضاء يساعده على التعقل أكثر، ويملأ قلبه برغبات كبيرة وعظيمة كالحرية والثقافة والفن والثورة. كتب تساعده على التخلص من كل الأفكار المسمومة التي تجرعها طوال السنوات التي مضت. وسيتبدلها بأفكار جديدة خالية من كل تعصب وعنصرية.
أعلم أن هذه المهمة صعبة وقد تبدو مستحيلة، وأننا قد نضيع سنوات من المحاولة دون نتيجة، لكن المحاولة في هذه الحالة أمر لا بد منه، من أجل مصلحة الجميع. سنبدأ بالبسطاء أمثالنا، ونغير الطريقة الخاطئة التي يعيشون بها. قد يؤلمهم ذلك وقد تؤلمهم الأصوات بداخلهم التي ستنهاهم حتما عن الاستمرار والتداوي بالكتاب، قد يهربون منا ويحدثون الكثير من الضجيج بأفكارهم وآلاتهم حتى لا يسمعوا نصائحنا، لكننا يجب أن نستمر ويكون نفسنا طويلا حتى ننجح ونجاحنا سيكون عظيما.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.