شعار قسم مدونات

الشرق الأوسط الملتهب

blogs وزير الدفاع الأميركي ورئيس مجلس الأركان
كثير من الأزمات تفتعلها الدول المارقة لتحقيق أهدافها وإبقاء السيطرة على أطماعها، وكان "تنظيم الدولة" جزءاً من هذه السياسة التي تتبناها أميركا. إن طرد التنظيم من معقل هام له في العراق وتحديداً مدينة الموصل لا يعني هذا إنهاء الأزمة القائمة في المنطقة التي لم تعرف ملجأ للسلام "الشرق الأوسط"، بل لافتعال أزمة جديدة، وهذا ما سنستعرضه في مقالتنا اليوم.

لم يتوقع الغزو الأميركي للعراق غير المدروس أنه سيفتح الأبواب أمام موسكو وطهران وتشكيل نوع من الصدمة لدى واشنطن في الوحل الذي وقعت فيه، وهذا ما دفع أوباما في حملاته الانتخابية قبل وصوله للرئاسة بأن يخط أولى شعاراته في حملاته الانتخابية التي سيعمل من أجلها جاهداً وهي إنهاء الحرب في العراق والاستسلام للواقع الجديد والدخول في اللعبة الواسعة الجديدة، وقد تمثلت اللعبة الأميركية بإيقاع روسيا وطهران في وحل الدم والمشاكل في الشرق الأوسط وإرهاقهما في العراق وسوريا واليمن بالنسبة لطهران لاستنزافهما والعمل على خلق فجوة كبيرة بينهم وبينهم أهدافهم ومخططاتهم وإيجاد الصعوبات في تحقيقها.

فبعد أن استجمعت أميركا قواها وإعادة ترتيب أوراقها بعدما أرهقت في حربها تحاول الآن العودة إلى التسوية والهدوء بفرض أغلب أجندتها وسياستها وإعادة بلورة سياستها من جديد، حيث إنها بدأت بإغلاق ملف تنظيم الدولة كأولى الخطوات لها، وتعمل الآن على إنهاء الحرب في سوريا وتبذل ما في وسعها لوضع تسوية للحرب لها، حيث إنها ترى في الوقت الراهن أن الإبقاء على بشار الأسد رئيساً لسوريا سيفتح أبواب التفاوض بينها وبين موسكو، وقد اتخذت هذا القرار فعلاً عندما صرحت سفيرة أميركا في الأمم المتحدة بأن إزاحة الأسد عن المشهد السوري لم تعد أولوية لدى بلادها، وثم ما صرح به وزير الخارجية الأميركي تيرليسون بأنهم يسعون جاهدين لوضع الاتفاق النهائي للأزمة السورية قبل انتهاء عام 2017.

في سبيل الرفض التركي الإيراني المسبق لأي نتائج تمنح الأكراد دولة مستقلة تتكثف الزيارات بين البلدين والتي كان آخرها استقبال الرئيس التركي رجب أردوغان لرئيس الأركان الإيراني محمد باقري.
في سبيل الرفض التركي الإيراني المسبق لأي نتائج تمنح الأكراد دولة مستقلة تتكثف الزيارات بين البلدين والتي كان آخرها استقبال الرئيس التركي رجب أردوغان لرئيس الأركان الإيراني محمد باقري.

وتجلس الآن كل من واشنطن وموسكو على طاولة واحدة وتتباحثان في آليات السير نحو السياسة والواقع الجديدان اللذان سيتم فرضهما في المنطقة وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص، ومن ضمن الاتفاق الذى يُدرس بينهما توقف كل طرف عن دعم حلفاؤه "بشار الأسد والمعارضة السورية" كخطوة لإجبارهم على ما يتم التوصل إليه.

 انتهاء حرب الشوارع وبدء الحرب النظامية:
بعد فرض الإملاءات على جميع الأطراف السورية من قبل واشنطن وموسكو سيتم التوجه لتطبيق الاتفاق الذي يتضمن تغييرا جغرافيا وديموغرافيا في سوريا والعراق، ولاحقاً في تركيا وإيران، باتخاذ قرار إنشاء دولة كردية، الذي في سبيله يسارع الأكراد في تنفيذ استفتائهم بالعراق لتقرير مصيرهم رغم الدعوات المستمرة لهم بالعدول عن خطواتهم، إلا أنهم سيستفتون الشعب الكردي الذي سيوافق على إنشاء دولة لهم التي ستقتطع أراضٍ من دولة العراق، وهذه الخطوة مرفوضة ظاهراً وباطناً من قبل تركيا وإيران؛ لأن استقلالهم في العراق سيمنحهم الفرصة للمطالبة بتنفيذ الخطوة نفسها في سوريا وتركيا وإيران.

ففي سبيل الرفض التركي الإيراني المسبق لأي نتائج تمنح الأكراد دولة مستقلة تتكثف الزيارات السياسية والعسكرية بين البلدين والتي كان آخرها استقبال الرئيس التركي رجب أردوغان لرئيس الأركان الإيراني محمد باقري في أنقرة بتاريخ 16/8/2017 وتأتي هذه الزيارات لإدارة مرحلة ما بعد الاستفتاء الذي سيدفعهم لرفض أي قرار يتخذه الأكراد في هذا الاتجاه الذي قد يتطور إلى أن يصل هذا الرفض إلى دخول في حل عسكري مع حليفة أميركا التي حذرتها أنقرة من استمرار تقديم الدعم العسكري للفرق الكردية المسلحة الذي لا يخدم استقرار المنطقة وأنها على استعداد تام للدفاع عن أراضيها، فأميركا لن تترك حلفاءها لوحدهم في دائرة الحرب لتنتهي حرب الشوارع وتبدأ الحرب النظامية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.