شعار قسم مدونات

في ظلال الرئيس القادم

Blogs-Egypt

ما المنتظر من الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر؟ سؤال تتداوله وسائل الإعلام بشراهة دون إجابات واضحة ولا تكهنات، من هو الرئيس القادم؟

   

بدايةً، من المؤكد أن الرئيس القادم لن يخرج عن دائرة الثقات للقوى الإقليمية والدولية المتحكمة في رقعة الشطرنج بالشرق الأوسط، لذا ليس من المتوقع عن فريق شفيق المحبب لدى الإمارات حيث التحكم الكامل في مسارات الأمور ومعسكر السيسي المقبول لدى الجميع ومازال لديه من الظهير الشعبي ما سيجعل استمراره مقبولاً.

الواقع الذي يفرض نفسه على الساحة هو أن المؤسسة العسكرية لن تتخلى عن السلطة التي وضعت أكثر من نصف موارد الدولة تحت سيطرتها

معادلة المال والقوة تصب بلا منازع في صف الجيش ليس لوفرة المال لكن لأنها تجعل أفراده يقاتلون بضراوة للحفاظ على ما لديهم ليستمروا على قمة الهرم الطبقي في مصر ويحتفظون بامتيازاتهم التي لا تقارن بأي مؤسسة أخرى في مصر. لكن قبل أن نخوض في هذا الأمر، دعونا نلقي نظرة عن قرب على المشهد المصري.

 

بداية، هل توجد معارضة في مصر؟ كلا، هذه هي الحقيقة المرعبة رغم ملايين الجماهير الفقيرة الساخطة وعشرات الآلاف من المعتقلين ومئات المختفين قسريًا. مازالت المعارضة غائبة عن أي مشهد سياسي. البرلمان المصري لا يوجد فيه صوت واحد معارض، بل عشرات الأصوات التي تتنازع من منها يؤيد السيسي أكثر. هي القاعدة الواقعية للظلم واستمرار الأوضاع على ما هي عليه.

 

جمال مبارك، أحمد شفيق وسامي عنان، هل هم خصوم محتملة؟ جمال مبارك ممنوع من الترشح لمناصب عامة حيث أنه محكوم عليه في جريمة مخلة بالشرف: قضية القصور الرئاسية. أما أحمد شفيق رغم أن له مريدين في الإمارات المتحدة، إلا أنه لا يمثل لدى كثير من المصريين إلا وجه آخر لذات النظام "واللي نعرفه أحسن من اللي منعرفهوش" هذا بجانب أن السيسي يتفوق عليه في نقطة مهمة، وهي أنه ممثل الجيش، المؤسسة الثابتة في قلوب الجماهير المصرية على تباينها. وأخيرًا سامي عنان، هو لاعب احتياطي بيد المؤسسة العسكرية في حال إصابة اللاعب الموجود حاليا في الملعب أو تكالب سباب الجماهير عليه، يظل موجودًا بصفحة نظيفة إلى حين الحاجة إليه، وليسوا بحاجة له الآن طالما مصالحهم مستتبة.

       

الواقع باختصار يخاطب الذين يترقبون نتيجة الانتخابات القادمة فيقول: يا سادة، نحن نعيش الآن في ظلال الرئيس القادم، فلا تغير قادم ولا أمل يرجى!

أما بعد، فنقف أمام الحالمون وأبرزهم حمدين صباحي، خالد علي وعصام حجي. يحلم كل منهم بفرصة للتغير، ويتعهد بالترشح للرئاسة كلما سنحت الفرصة. كلٌ منهم يرى التغيير بعين توجهه وخبرته الحياتية والسياسية، إلا أن حلمهم في الرئاسة مؤجل إلى عمر آخر، فلا سلطة ولا نفوذ ولا ظهير شعبي ولا مؤسسة عسكرية تجعل حتى ما لا يلمع ذهبًا.

      

إذًا، إذا كان مصيرنا مع السيسي في نهاية المطاف، لماذا نتعب أنفسنا مع انتخابات جديدة! هذا سؤال منطقي جدًا. وأجيبك كما قد يجيبك عضو برلماني فيقول: معك حق، ثم أننا نقاوم الإرهاب حاليًا، وفي حاجة إلى شخصية عسكرية حازمة لا نستطيع المجازفة بخسارتها في الانتخابات، كما أن الاقتصاد في مرحلة حرجة، هل تعرف تكلفة إجراء انتخابات وإعطاء كافة عمالة وموظفي الدولة إجازة لمدة يوم كامل؟ هل تعلم كم تخسر "مصر" في هذا اليوم؟ لهذا فليس من المستغرب أن نجد البرلمان ينادي بتمديد الفترة الرئاسية للسيسي لـ 6 سنوات، أو أن يسعى لتجديد الثقة فيه لفترة رئاسية جديدة.

       

الواقع الذي يفرض نفسه على الساحة هو أن المؤسسة العسكرية لن تتخلى عن السلطة التي وضعت أكثر من نصف موارد الدولة تحت سيطرتها، والأكثر واقعية عدم استطاعة أحد التغيير سواهم، وهم إن غيروا سيغيرون الوجوه ويحتفظون بذات السياسيات. الواقع باختصار يخاطب الذين يترقبون نتيجة الانتخابات القادمة فيقول: يا سادة، نحن نعيش الآن في ظلال الرئيس القادم، فلا تغير قادم ولا أمل يرجى!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.