شعار قسم مدونات

كوريا الشمالية.. بين التهديد والتمني

blogs - رئيس كوريا الشمالية
من يتابع التشنج الداىم في العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية، من المؤكد أن يلاحظ أن الخطاب الأخير بين القوى الأولى عالميا والبلد الآسيوي الأكثر اعتراضا على سياسة هذه القوة، يلاحظ أن هذا الخطاب يتراجع بين التهديد والوعيد وتارة النصح والتمني.

في آخر تغريدة كتبها ترمب قال فيها "أتمنى أن يجد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ طريقا آخر غير المواجهة"، وتعد هذه العبارة جديدة في قاموس رجل كل ما يعرف عنه أنه يفضّل التهديد والمواجهة. فلم نسمعه يقدم نصائحه

إلى بشار الأسد قبل أن تنطلق صواريخ توماهوك لدك مطار بدمشق، إلا أن الأمر مع كيم جونغ يختلف، فالرئيس الكوري أيضا لا يعرف الخوف ولا يهاب تصريحات أميركا، وهذا منذ توليه الحكم بعد أبيه، والأميركان يدركون جيدا أن كوريا الشمالية ليست سوريا ولا العراق ولا ليبيا، فالدخول معها في معارك كلامية أسهل بكثير من التهور لحد استعمال الأسلحة وخاصة النووية منها.

وكما يقول المثل "من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالطوب"، وإن كانت أميركا تردد دائماً أنها تملك درعا لردع صواريخ كوريا الشمالية، فإن نسبة واحد من المائة أن تصل هذه الصواريخ أميركا يجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تقدم على هذا العمل. أميركا التي هدأت اللعب مع إيران بمجرد خوفها على إسرائيل، فما بالك أن يكون المستهدف أراضيها، كل الحروب التي قامت بها أميركا كانت خارج أراضيها وحتى خارج القارة الأميركية الشمالية، ما عدا بعض المناوشات مع كوبا والتي لم ترتق

 إلى حرب كما فعلت منذ الحرب العالمية الثانية.

نجد الصين دائماً تنفخ البارد على السخن، لكن ليس إلى درجة إطفائه كليا، فالضغط على أميركا من كوريا الشمالية يَصْب في مصلحتها كورقة مساومة على بعض البنود في التجارة.

هناك نقطة مهمة وهي أن الكونجرس الأميركي لن يسمح لرئيس يعتبره غلطة في تاريخ البيت الأبيض أن يغامر بحرب ليست مضمونة العواقب، ولن يمرر قرار الحرب إذا طلب منه ذلك إلا في حالة أن تكون ردة فعل على تصرف عدائي من الطرف الكوري الشمالي.

الصين أيضا تعمل على تهدئة الوضع بين الطرفين، فهي لا تريد أن ترى البوارج الأميركية قريبة من شواطئها، كما لا تريد حربا يمكن أن تعكر نموها الاقتصادي في المنطقة، ومع أميركا نفسها، لذا نجدها دائماً تنفخ البارد على السخن، لكن ليس إلى درجة إطفائه كليا، فالضغط على أميركا من كوريا الشمالية يَصْب في مصلحتها كورقة مساومة على بعض البنود في التجارة بين البلدين.

الجانب الروسي مرتاح لهذه الوضعية المتأزمة بين الطرفين لكي لا يظهر الوحيد الذي له خلافات، بل إن أميركا أيضا تقود حروبا ولو بالكلام، لحد الآن.

خلاصة الحديث أميركا لن تتخطى حدود التهديد والوعيد، وطبعا العقوبات الاقتصادية، كما تفعل مع إيران، لأن الحرب في هذه الحالة لن تكون بخسائر العراق بل بخسائر الفيتنام وربما أكثر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.