ذكِّر من نسى منا أو تناسى بأنه ليس نهاية الطريق أن نكون ضحية، وما مضى كان معركة خسرناها فقم واعتذر لربك بما استطعت من العمل، ولا تنسى فنسيان الدماء في عرف الرجال حرام! |
إنها حقيقة جديدة لم نعهدها من قبل. إن الأرض والسماء والتاريخ والكون كله لا يعبأ بما في خاطري وخاطرك لا يعبأ ببكائي أنا وأنت وحدنا في الليل نفتقد إخواننا وأهلنا. لن تتأخر سنة الله في كونه من أجل فرد مهما عظم إيمانه بقضيته، إن الله لم يأمرنا أن نستجلب نصره ببكائنا ونواحنا بل ولم يقرن النصر فقط ببذل الدماء أو طول الإقامة خلف الزنازين، إن ذلك النصر له أسباب قوة نستجلبه بها وذلك الكون والتاريخ له لغة ينصت لها.
وها هو الأمد قد طال بنا لتمر على أولئك السادة سنين أربع في جنات الخلد -نحسبهم كذلك- وطال بنا الأمد فقست قلوبنا واستطبنا العيش بعدهم. وكعادة الذكرى في كل عام سيرتدي البعض أزيائهم الرسمية الأنيقة ويخرجون بعبارات منمقة قوية الألفاظ يؤكدون على ثبات وصمود وقوة عقيدة وعزم يناطح قمم الجبال، ليس في أنفسهم فقط لا بل للمعتقلين في زنازينهم والأمهات الثكالى في بيوتهم والحرائر في أسر الطواغيت.
سيوزع أولئك المنمقون في عباراتهم الثبات كما يحبون على الجميع سيخبرونك أننا على الطريق وأن كل ما مضى كان الضريبة الطبيعية للنصر ولم يكن هناك سبيل آخر! فلا تسمع لهم ولا ترضى بكلامهم -رعاك الله-. أما والله فإن حالنا لن يصلحه ادعاء الثبات ولا تصنع العزم.
إننا منهكون يا أخي منهكون جداً ولا سبيل لعزتنا ولا لزوال ضعفنا وهواننا إلا بما أمرنا الله به. كل على ثغره يعمل وبما استطاع يجود تحدونا تلك الدماء وذكِّر من نسى منا أو تناسى بأنه ليس نهاية الطريق أن نكون ضحية وما مضى كان معركة خسرناها فقم واعتذر لربك بما استطعت من العمل، ولا تنسى فنسيان الدماء في عرف الرجال حرام!
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.