شعار قسم مدونات

جمال مجتمعنا الجزائري وقُبح القوارض الثقافية!

blogs - علم الجزائر
أرسى الله الجمال في الأرض فزين به حياة المخلوق المفضل الذي خلقه بيده. تفاعل الإنسان مع خلق الله المنظور رويةً وتأملاً فأبدع رونقا معبرا عن ذاته المركبة الجميلة. لم تكن نظرية التطور لتشرح هذه الحقيقة البشرية المرتبطة بعالم السماء ولا تلك المعبرة عن حياته الداخلية وفق حركة فنية يوم أن رسم أول صورة له بخطه خطا حول ظله.
عاش الإنسان حياة الجماعة وفق قوانين الطبيعة المادية في تجمعات بشرية صغيرة نمت بسرعة لتأخذ البعض منها تسمية المدينة. أخذت المدينة تسميتها من التمدن لتتميز عن الحياة القروية التي يراها البعض جهلا بدائية. لطالما التصق مفهوم التمدن بالحضارة التي تظهر ذكاء الإنسان على الطبيعة. لكن لم تكن لتشرح بقاء سكان المدنية بهيمية بدون تحول تلك التجمعات الحيوانية إلى مجتمعات حضارية من خلال التأهيل الأخلاقي والاجتماعي للإنسان معبرة عن ذكاءه في التعبير عن جمال ذاته.

أردت من خلال بعض الكلمات تصوير بهاء مدننا الجزائرية من خلال منهج الإنسان الأول الذي رسم صورته الفنية الأولى معبرا عن حياته الداخلية ووفق منظور الإنسان الأول الذي توجه بنظره المجرد نحو الله بالتعبد. آذنا بميلاد جديد لهذه المدن. لم أكن لأكتب عن جمال العمران وبديع حياة التمدن فيكون بذلك منهجي نفس منهج الماديين في تفسير الظواهر الحية فأفشل في الوصول إلى سر ذاك الجمال وأميل عن خطي. لذلك أردت أن أنهج منهج الثقافة لا نظارات الحضارة. تلك الثقافة المعبرة عن جمال المدن الإطار الاجتماعي الحياتي المعبر عن حقيقة المجتمع لا نظارات الحضارة الشارحة للحياة الخارجية الصورية لمجتمع جميل مثل مجتمع الجزائر.

أكملت الصحوة الإسلامية مسار الثورة فعاد البهاء للمدن الجزائرية وانقشع القبح التي روجت له القوارض البشرية فأصبحت اليوم تتحسر لزوال ذلك الواقع الكاذب من خربشة أمين زاوي الأخيرة التي أراد بها العودة بنا الى قبح مدن الجزائر وقت فرنسا أو سمجها زمن الشيوعية الملحدة.

وليكن عقد الجمال في مدننا الجزائرية ثقافة الشعب الجزائري الأصيلة في تراثها، المتجذرة في سيكولوجية الفرد المشكل لهذا المجتمع ضمن سوسيولوجية بديعة البناء تشكلت وفق منهج كامل منذ عودة الفرد لأصل وجوده الأول وصورته الأولى بعد دخول المجتمع الجزائري في الإسلام عبر الفتوحات الإسلامية. بل بسرعة تكونه لمواصلة فلسفة بناء المجتمعات اخرى ضمن صورة جميلة بنقل الإسلام إلى أوربا.

تشكل عقد جمال مدن الجزائر ومجتمعها من خلال ثقافة اسلامية حضارية تألقت في الأندلس وتنورت في بجاية وازدهرت في تلمسان. لقد دخل المجتمع الجزائري مرحلة الشهود الحضاري يوم أن عبر عن مكوناته وجملة علاقاته الاجتماعية وفق نسق ثقافي يجمع بين الذوق الجمالي والتوجيه الأخلاقي والفعالية العملية والمنطق الحركي المنتج فبقي الجمال يتناثر على مساحة أرضية مترامية الأطراف اسمها الجزائر، لولا أن قدم على هذه الأرض الطيبة وحوش حضارية وثقافية أرادت كسر الرابطة الاجتماعية من خلال تغيير هوية المجتمع الجزائري البهية وإلباسه ثوبا ثقافيا جديدا بدعوى الحضارة لتبرير الاستدمار المادي.

تبعت السيطرة الاستعمارية في القرن الـ 19 هيمنة حضارية لدول الغرب التي فرضت تعريفها للجمال على عقول ثلة من شباب الشعوب المستعمرة بنية استدامة الهيمنة بعقول اصحاب الأرض الأصليين. بقيت قرى الجزائر ومدنها جميلة بحفاظها على هويتها الاجتماعية ذات الذوق الأخلاقي المستمد من الإسلام إلى أن سيطر القبح على مدننا الجزائرية من خلال جملة الكولون التي استوطنتها فغيرت ملامح المدينة الجزائرية.

لم يكن ذلك القبح جمالا رغم التربية الثقافية الفرنسية المغيرة لمقاييس الجمال. راسمة له في صورة امرأة عارية تتسكع في شوارع المدينة أو رجلا عربيا بلبسه الإفرنجي يقرأ كتابا بلغة موليير مكذبا ذاته. أو من خلال صورة رائحة الجعة تفوح منها الشوارع. لطالما كانت الثقافة هي الأداة الحضارية التي تجعل المجتمع يكتشف ذاته عوض حضارة التمدن التي تنتج تطورا خارجيا فحسب يعبر عن ذكاء مجتمع في تفاعله مع الطبيعة. ولم تكن الطبيعة لتصاحب غبيا يكذب نفسه بتعبيره عن ذوات غيره.

إن الثقافة هي أسلوب مجتمع يتحضر لولوج التاريخ من خلال ربط تام لأواصر العلاقات الاجتماعية الرابطة بين عوالم الأشخاص والأفكار والأشياء المشكلة لأي مجتمع. فلذلك كانت الثقافة أذواقا متشابهة وعادات متكاملة وتصورات متقاربة تعبر عن جملة العلاقات المتينة المعبرة عن ذوات كل فرد ينتمي للوحدة الاجتماعية.

لقد تركت فرنسا أبناءها من الجزائريين ممن رضعوا لبن القبح فتغيرت عندهم جينات المجتمع الجزائري وتلونت كلماته لتعبر عن ذوات أمهم القبيحة. فالقبح لا ينتج جمالا أبدا. عمل أبناء فرنسا البررة على كسر مرحلة التهيئة الثقافية التربوية التي قادتها الحركة الإصلاحية بهدف ترسيخ الجمال في المجتمع الجزائري ونفض غبار القبح الذي أرادت الإدارة الاستعمارية خنق به جسد المجتمع الجزائري.

لقد كان الاستعمار الفرنسي يخشى من تأهيل المجتمع وفق التربية الثقافية المعتمدة على هويته الجميلة وقوة الإسلام المتينة والتي تعيد ربط العلاقات الاجتماعية بين الشعب الجزائري. كانت الثورة رابطا قويا كشف عن جمال الإسلام لكن لم تفلح كل الفلاح من التخلص من قبح القوراض الثقافية الذين تركتهم فرنسا وبل استثمرت فيهم بهدف الإبقاء على الجهل الذاتي والتعبير الثقافي عن ذات المتسدمر. عملت القوارض الثقافية على تقطيع الروابط الثقافية الجامعة بين أفراد المجتمع الجزائري من خلال الحنين الدائم للحياة الصورية الغربية البعيدة عن الهوية الأصيلة.

الصحوة الإسلامية أعادت حبك ذلك العقد الفاتن الذي تزينت به الجزائر المسلمة عبر قرون من الزمن ولا زلنا نحافظ على الهوية الجزائرية النقية المتجملة بحركية المجاهدين الأبرار وتوجيه أخلاقي من العلماء الأبرار وذوق جمالي يتلقاه الإنسان عبر تناسقه مع جمال كتاب الله المنظور.

أكملت الصحوة الإسلامية مسار الثورة فعاد البهاء للمدن الجزائرية وانقشع القبح التي روجت له القوارض البشرية فأصبحت اليوم تتحسر لزوال ذلك الواقع الكاذب من خربشة أمين زاوي الأخيرة التي أراد بها العودة بنا الى قبح مدن الجزائر وقت فرنسا أو سمجها زمن الشيوعية الملحدة. التنوير الذي تراه القوارض الثقافية أمثال الزاوي في بائع خمر أو رائحة جعة لم يكن ليعبر حقيقة عن المدن الجزائرية التي لطالما ترنمت بأصوات الأذان من جوامعها العتيقة وبأصوات الفن الشعبي المتشبع بالثقافة الإسلامية بلغة أهل البلد معبرة عن قوة الأندلس وبهاء تلمسان وتفرد مزغنة.

ان محاولة توجيه الذوق الجمالي للجزائريين كذبا وبهتانا نحو أغاني جاك بريل وروزوس يسقط بمجرد تذكير الجزائريين بأجواء القبح الذي جاءت به فرنسا عبر ثقافتها الغربية الميتة. لا يعرف القوارض الثقافية أن ثقافتهم هي التي جعلت القبح يتمكن من شباب هذه المدن بتجريد الفنون من الأصل الأخلاقي من خلال الراي الماجن الذي حول ذكور الأمة لإناث بلحى. أليس قبحهم من يريد للمرأة أن تنزع عن نفسها رداء الحياء ليسهل على الذئاب الطريق إليها. ألا يريد أمثال أولئك أن يأكلوا مثل الجرذان رابطة الجسد الجزائري المتينة بالإسلام وبمنهج رباني في صناعة الإنسان المثالي وتأهيل الإنسان أخلاقيا لاستقبال الجمال الرباني الوافر.

إن الصحوة الإسلامية أعادت حبك ذلك العقد الفاتن الذي تزينت به الجزائر المسلمة عبر قرون من الزمن ولا زلنا نحافظ على الهوية الجزائرية النقية المتجملة بحركية المجاهدين الأبرار وتوجيه أخلاقي من العلماء الأبرار وذوق جمالي يتلقاه الإنسان عبر تناسقه مع جمال كتاب الله المنظور. ستظل مدننا تتزين بالإسلام ونظل نلقن مقاييس الجمال لأبنائنا وفق منهج ثقافي أصيل يعبر عن ذات المجتمع الجزائري بهدف تحقيق اكتمال الرابطة الاجتماعية الناقلة للمجتمع من البهيمية الحيوانية والغريزة التملكية المادية إلى الشهود الحضاري وفق منهج الله في تأهيل الإنسان لخلافته على الأرض.

سيبقى جمال مدننا راسخا بالإسلام، أما قبح قوارضهم الثقافية فإلى زوال!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.