شعار قسم مدونات

هل نبايع الإمارات لقيادة الشرق الأوسط الجديد!

مدونات - الإمارات

قبل فترة صرح السفير الإماراتي في الولايات المتحدة الأمريكية أن الإمارات تقاتل وتناضل لأن الإمارات هي الوعد بشرق أوسط جديد، وهذا التصريح مهم جدا وهو جواب صريح لأسئلة الكثيرين حول إنفاق الإمارات لمليارات الدولارات في المنطقة في سبيل دعم الأنظمة الحاكمة الموجودة وقيادة مشروع الثورات المضادة في دول الربيع العربي والتي تسببت في إفشال رياح الربيع العربي وترميم الأنظمة المتهالكة ومحاربة المصلحين وتحويل الدول إلى سجون كبيرة مليئة بالفوضى والدمار كما رأينا تدخلها في اليمن وليبيا وغيرها من البلدان.

من الواضح أن دولة الإمارات شهدت تقدماً كبيرا وازدهارا في البنيان وتطورا هائلاً في العمران، وأصبحت الإمارات وجهة ملايين السياح والتجار من كل أنحاء العالم، وأصبحت الحكومة تتحول إلى حكومة إلكترونية في عملية تسريع وتيرة التحول الإلكتروني لكافة الخدمات الحكومية في الدولة وتحقيق الرفاهية ومشاركة الشباب في الحكم وهذه الخطوة تجسدت في تعيين أصغر وزيرة في العالم في دولة الإمارات وهي وزيرة الشباب، وأيضا تم إنشاء وزارة السعادة في الإمارات لتحقيق السعادة في المجتمع، وهذه الإجراءات ساهمت في جعل الإمارات الأولى عربيا والـ21 عالميا في مؤشر السعادة العالمي لعام 2017.

عندما يدرك المواطن في الشرق الأوسط حقيقة الإمارات وممارساتها القمعية داخليا وخارجيا يعي تماما خطورة قيادة الإمارات لهذا المشروع وأنها ستكون امتدادا لمشاريع طواغيت العرب الذين طغوا وبغوا وأسرفوا في الطغيان حتى جاء الربيع العربي ليشكل تهديد رئيسي لحكمهم.

جميع هذه المعلومات صحيحة ولا غبار عليها وهي تُشكل أكبر إغراء لشعوب المنطقة حتى تقرر مبايعة الإمارات لتشكيل الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية الإماراتية ولكن هذه المعلومات هي نصف الحقيقة فيما يتعلق بالإمارات وسياساتها الداخلية والخارجية، فمن المعلوم أن الإمارات دولة قمعية تحارب الصوت الحر والرأي الآخر وتقوم باعتقال وتعذيب دعاة الإصلاح والتغيير وتزج العشرات من الناشطين والأكاديميين المدنيين في السجون بسبب تغريدات صغيرة على موقع تويتر أو نشاطات عادية في الحياة المجتمعية، وبخصوص هذا الأمر تقول منظمة العفو الدولية أن الإمارات المتحالفة مع الغرب تقوم بتنفيذ مشروعات لتضفي البريق على صورتها، لكن تحت هذه الواجهة واقع أقبح من ذلك بكثير، حيث أن النشطاء الذين يتجرؤون على تحدي السلطات أو يتحدثون عن مزيد من الديمقراطية ومساءلة الحكومة موجودون في السجن"!

الإمارات تستعمل العديد من الوسائل من اعتقالات تعسفية والإخفاء القسري والتعذيب والحرمان من محاكمة عادلة ومنع السفر والتضييق على العائلة وسحب الجناسي والعديد من الإجراءات القاسية بحق المعارضين والمصلحين، وهنا يتضح الصورة الكاملة لدولة الإمارات التي تسعى لترويج نفسها عالميا على أنها الوجهة الأولى للسياحة والتجارة وناجحة في جميع المجالات، ولكن في المقابل نرى فشلا حقيقيا في التعامل مع ملف حقوق الإنسان وانتهاكات واضحة بحق المواطنين وتأسيس لدولة الخوف والقمع، فهل سيبايع المواطن العربي الإمارات حتى تقود الشرق الأوسط الجديد!

عندما يدرك المواطن في الشرق الأوسط حقيقة الإمارات وممارساتها القمعية داخليا وخارجيا يعي تماما خطورة قيادة الإمارات لهذا المشروع وأنها ستكون امتدادا لمشاريع طواغيت العرب الذين طغوا وبغوا وأسرفوا في الطغيان حتى جاء الربيع العربي ليشكل تهديد رئيسي لحكمهم، ولكن الإمارات تريد أن تُأسس لشرق أوسط جديد أكثر قسوة واستبدادا من الوضع الحالي وجلبا للمصائب والكوارث على المواطنين.

يحلم المواطن بشرق أوسط جديد يسوده العدل والحرية والكرامة وحكومات نظيفة وقريبة من تطلعات الشعب، ولا يهم بعدها من يقود هذا المشروع سواء كانت الصومال أو السودان أو الإمارات، ولكن عندما يكون المشروع مبنيا على الظلم والقمع والاستبداد والفساد فالشعوب سوف ترفض هذه المشاريع المستقبلية حتى لو كان يقودها الإمارات أو غيرها من الدول التي تروج نفسها كدول متطورة ومزدهرة، وحتى لو نجحت هذه الدول في تنصيب الديكتاتوريات في المنطقة بالمال والنفوذ والدعم الخارجي، فهذا الأمر سيكون مؤقتا ولن يدوم، وهذه التصرفات سوف تؤدي إلى صراع مستقبلي وفوضى مستمرة لأن الشعوب أدركت خطورة هذا المشروع على مستقبلها ومستقبل أجيالها ولا يمكن أن تسمح بنجاح هذه المشاريع أو تمريرها على حساب المواطنين ولصالح أجندة خارجية ومصالح ضيقة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.