شعار قسم مدونات

بين جيل سالي وجيل بن 10

blogs - أفلام كرتون
لا تزيد الهوة بين الأجيال المتعاقبة إلا اتساعا، وربما ساهمت العولمة كثيرا في ذلك. وبدون الرجوع إلى أجيال آبائنا وأجدادنا فالفرق بات أكبر بين جيلنا والجيل الحالي. نحن جيل سالي والآنسة صفاء وغيرهما تأثرنا بالمسلسلات الكرتونية ذات الطابع الأخلاقي، حيث كان دائما ينتصر الخير في النهاية على الشر الموجود في العالم، ويحضر طابع التسامح بقوة ليميز أبطال المسلسل الكرتوني وهم يجعلون العفو يتغلب على حب الانتقام برغم كل القسوة التي تعرضوا لها.
يخالفنا كثيرا جيل بن 10 بكل الشخصيات التي يشكلها للقضاء على الأشرار، يتميز بن بالعناد وينتصر في جل المعارك، وكذلك هم جيل اليوم.أطفال اليوم أكثر عنادا ممن سبقهم، لهم شخصية مستقلة منذ اللحظات الأولى التي يصبحون فيها قادرين على الكلام والاعتراض على اختيار آبائهم للباسهم، يحبون أن يختاروا بأنفسهم ما سيرتدون وحسب المناسبة: شكل الزي واللون، حتى يحتار الكبار في الوقت الذي تعلموا فيه فعل ذلك معتقدين أنهم لا يملكون المرجعية الكافية التي تخول لهم إبداء الرأي وحسن الاختيار. لكن الصغار سرعان ما يصممون قاعدة البيانات الخاصة بهم من خلال المعلومات الكثيرة والألوان والصور التي تتلقاها عقولهم الصغيرة بشكل يومي.

قد يراها البعض شخصية مستقلة وقد يراها آخرون عنادا لا يسمح به لأنه يفسد الأطفال، لكن الظروف اختلفت كثيرا عما كانت عليه في السابق، لذلك لا تجب المقارنة بين الأجيال أو تطبيق نفس المنهج الذي كان صالحا للتربية في الماضي على جيل بين10 وغامبول. شخصيات تسعى لإثبات ذكاءها وللفت انتباه الكبار كل مرة، قد يبدو لوهلة أولى للمتفرج أن غامبول وداروين غير مسؤولان، غايتهما الضحك وفعل المقالب، لكن إذا أمعنت المشاهدة ترى أنها شخصيات طريفة تحتاج لاهتمام الآخرين وتحاول لفت الانتباه لكنها تتصف كذلك بالذكاء. كذلك أطفال اليوم يلفتون الانتباه حتى بكثرة البكاء المهم أن يحسوا باهتمام الآخرين بهم.

جيل اليوم أكثر جرأة وفطنة إن هما وظفا في مكانهما الصحيح فهذا يبشر بالخير خصوصا إن ساهمت الأسرة في استغلال سرعة البديهة لضخ الأفكار الإيجابية. أما إن وظفت هذه الملكات في غير محلها ولم تجد دعما من الأسرة فسيشكل هؤلاء الأطفال خطرا.

في الماضي كانت التربية سلطوية أكثر والآن الأطفال متمردون أكثر وثوار منذ نعومة أظفارهم. نحن جيل اقتنع بكلمة عيب ولا يجوز، وتشبعها كثير منا. كلمة عيب وحرام لا تكفي هذا الجيل ولا تقنعه بالعدول عن فعل أمر ما، أطفال هذا الجيل أذكى بكثير يطالبون دائما بتبريرات وشروحات تشبع عطشهم ولهفتهم لكشف المستور، قد يحرجوك بأسئلتهم فهم أكثر جرأة من جيل آبائهم، وسؤال واحد غالبا ما يجرك إلى الإجابة على مجموعة من التساؤلات التي لن تنتهي إلا بإغلاقك لباب النقاش بطريقة سياسية وتأجيل باقي الأسئلة إلى جلسة قادمة وأنت تعلم أنها ستكون في الغد على أبعد تقدير.

جيل اليوم أكثر جرأة وفطنة إن هما وظفا في مكانهما الصحيح فهذا يبشر بالخير خصوصا إن ساهمت الأسرة في استغلال سرعة البديهة لضخ الأفكار الإيجابية. أما إن وظفت هذه الملكات في غير محلها ولم تجد دعما من الأسرة فسيكون هؤلاء الأطفال خطرا كبيرا على المجتمع وسيطال شرهم أسرهم قبل أن يصل إلى باقي أفراد مجتمعهم. فإن كان التوجيه الصحيح والرعاية النفسية مهمان في كل الأزمنة، فيبدو أنهما أصبحا إلزاما لا اختيارا في زمن الانترنت والتكنولوجيا المتطورة، لذلك وجب بذل جهد أكبر وأكبر والاجتهاد في المنهج من أجل إنجاح الاستثمار في هؤلاء الأطفال وتمكينهم من استغلال مواهبهم فيما فيه خير هذه الأمة وبذل الغالي والنفيس من أجل إبعادهم عن طريق الانحراف والشر لأنهم قادرون على الإبداع فيه بصورة لا تخطر على عقولنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.