شعار قسم مدونات

المطالب في زمن العجائب

blogs قناة الجزيرة

من المنطق أن تكون طلبات دول الحصار منطقية وأن يستطيع الطرف الأخر مناقشتها وأن يقبلها العقل والمنطق، فكانت مرفوضة بكلتا الحالتين لأنها كانت غير واقعية وبادعاءات واهية وباطلة، فكان الشعب القطري والشعوب الخليجية والعربية قد أبدوا استغرابهم من هذه الطلبات فلا كانت تستحق الانتظار بل كانت تستحق الاعتذار، ربما كتبت بحروف عربية ولكن لم تصاغ بعقول عربية فكان لنا من هذه الطلبات ما ليس واقعا علينا وكانت لهم بمثابة معجزة إما أن ترفض وإما أن لا تقبل وإما أن لا ينظر إليها من الأساس.

 

تختلف المسميات وأهدافهم من صياغتها واحدة وهي أن ترفض ونحن في عالم ملئ بالقوانين والأعراف الدولية وملئ بالجامعات التخصصية في هذا الشأن إلا أننا لم نرى في كل هذه القوانين التي تدرس على مر التاريخ إن كان يوجد قيد لقناة إخبارية أو وسيلة إعلامية ذات مهنية عالية يجعل مطلب إغلاقها شرط لعودة أي علاقة بين دول الجوار وتخاطب بلغة إن لم تكن معي فأنت ضدي إن لم تنشر ما أرغب به فأنت ند لي وإن لم تكف عن ما يزعجني سأقطع وصالك وحتى من الشبكة العنكبوتية وهي حق للجميع فهذه اللغة لا تقبلها محطة فضائية جعلت من اسمها مثالا يحتذى به فإن كنت متعجبا بأنها قناة الشعوب فعليك بإقناع الشعوب أولا أنها ليست قناتهم.

 

اجتمعت الشعوب على متابعة الجزيرة والترقب لكل جديد من إبداعاتها والمصداقية التي تقدمها والحجج التي تعزز مواقفها موثقة بأدلة تقنع الناطق وتوافق المنطق

فالشعبية الكبيرة لقناة الجزيرة لم تؤتى بملئ الصدفة بل جاءت لما تنقله من صوت الحق للمظلومين وقامت بتغطية تليق بأصوات الضعفاء قبل الأقوياء والفقراء قبل الأغنياء نقلت الحدث والصورة بكل مهنية وكانت صوتا لمن لا صوت له ومنبرا لمن لا منبر له بدل أن يكون هذا مطلب يفترض أن تكون بها معجب وأن ترى وتتأمل ما يقال عنها ويكتب بما تقدمه قناة تتحدث لغتنا العربية وتنقل الأحداث والوقائع بكل مهنية وبشهادة دولية الجميع أثنى على أدائها الغريب قبل القريب الغربي والعربي وإن اختلفت النقطة في الفرق بين الكلمتين.

 

ولكن اجتمعت الشعوب على متابعتها والترقب لكل جديد من إبداعاتها والمصداقية التي تقدمها والحجج التي تعزز مواقفها موثقة بأدلة تقنع الناطق وتوافق المنطق وأن قلنا ما بها من نقل صوت الحق للشعوب والمتابعة الكبيرة والمميزة من بين أكثر القنوات العربية مشاهدة بل وصلت إلى أن هناك وسائل إعلام أوروبية تقتبس من أخبار الجزيرة خبار لهم في بلدانهم، كانت ولا زالت مصدرا ومرجع لمعظم الصحف والمجلات والقنوات والفضائيات بل ومرجع لمن يرغب بتأكيد خبر أو معلومة أو قرار أو حتى تفنيد الأخبار المتداولة في وسائل إعلام أخرى.

 

قدمت نماذج مميزة لم تكن تغيب الأصوات بل تفوقت على الكثير من وسائل الإعلام ذات النطاق الواحد أنت معي وأنت تقول ما أريد وتفعل ما أريد أوجهك حيث أريد وألا ترتقي للمهنية بل كن أداة لا تخرج عن التبعية الجزيرة لم تسمع ولم ترغب في هذا التوجه بل لامست الشعوب نظرت إلى معاناتهم استمعت لآرائهم لأن ما ينقل في وسائل إعلام بعض الشعوب لا يحكي إلا واقع توجه واحد وصوت واحد وبأداة واحدة ورأي واحد فاختارت الجزيرة بأن تكون صوت الشعوب.

 

وبشهادة كثير ممن قالوا عنها بأنها تفوقت وأحدثت نقلة نوعية في عالم الإعلام الحديث ليست نقلة فحسب بل كانت نقطة انطلاقة وشيء من وحي الخيال لم تتوقع الشعوب بأن يكون لهم صوت لأن أصواتهم وإن علت كانت خافتة في إعلامهم بل مغيبة ولم يكن لهم صوت ليس لأنهم لا يتكلمون بل لأن أصواتهم كانت لا تسمع. انتفضت الجزيرة لأصوات الشعوب وكانت بمثابة شيء لا يتوقع وابهرت الشرق والغرب بل كل من الصعب أن تصل الى مستوى قناة إخبارية كقناة الجزيرة لأنها صوت الشعوب ولأن الشعوب تستحق الكثير، كانت متنفسهم الذي يريدون أن يعبروا فيه عن أراءهم بكل أريحية بل لم تكن حكرا على الشعوب بل لديها مبدأ الرأي والرأي الآخر.

 

جعلت الجزيرة المشاهد يعي ما يجري حوله، أهدت مشاهدينها دروس مجانية في الوعي وفتحت لهم منبرا رائع يعبرون فيه بما يدور في أذهانهم وبما يليق بالمحتوى الذي تقدمه بطريقة احترافية ومهنية تلامس الإنسان ويشعر بها المشاهد

إن كان لديك صوت في إعلامك المحلي أم كنت مغيب فيه، الجزيرة تنقل آراء الجميع دون انحياز بل كانت ذات حياد راقي يليق بالمستمع والمشاهد بكل فئاته تغطي الأحداث كما لو كان المشاهد والمتابع في قلب الحدث تختصر لك المسافات وتجعلك تعيش واقعا كان من الصعب أن تراه في قنوات محلية أو عالمية بل دائما تجعل المشاهد والمتابع سباق إلى معرفة الخبر أو الحدث أو أي تصريح من مسؤول كان الشعب يرغب في معرفة كل ما يدور حوله.

 

جعلت المشاهد يعي ما يجري حوله، أهدت مشاهدينها دروس مجانية في الوعي وفتحت لهم منبرا رائع يعبرون فيه بما يدور في أذهانهم وبما يليق بالمحتوى الذي تقدمه بطريقة احترافية ومهنية تلامس الإنسان ويشعر بها المشاهد، احترمت عقول المشاهدين وقدمت الحقائق بعدة أشكال تنوعت برامجها المفيدة، أصبحت تختصر على المشاهدين أخبار الصحف المحلية بل عبرت الحدود والصحف العالمية وبجميع اللغات، احترمت كل من يشاهدها وقدمت لهم كل ما يريد معرفته المشاهد والدفاع عنها في هذه الفترة من قبل الشعوب والمتابعين في وسائل التواصل الإجتماعي المتنوعة كتويتر والفيس بوك والانستقرام.

 

ردود جميلة لفتت انتباهي، رد أحد المتابعين يقول إذا يريدون إغلاق الجزيرة فليفعلوا شيء قليلا مما تفعله في نقل الحقيقة، الثقة لا تكتسب بالقوة بل بأكواد واقعية وأدلة تثبت معنى المهنية لكل الوسائل الإعلامية، ومقياس الشعبية الكبيرة لهذه القناة الرائدة التي كانت بمثابة حلم يراود الشعوب وانطلقت برؤية واضحة ثابتة بل وأصبحت واقعا رائعا في نقل الحدث أينما كان سواء خليجيا أو عربيا أو أوروبيا جمعت أفضل نسخة في تقصي الأخبار وكل ما يدور حول المشاهدين في مختلف أرجاء المعمورة هي جزيرة ولكن بحجم قارة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.