شعار قسم مدونات

تعلموا من الجزيرة.. قبل أن تغلقوها!

blogs قناة الجزيرة

قرأت كأي متتبع أسفاً المناكفات الخليجية الخليجية في الفترة الأخيرة وقد أليت على نفسي ألا أكتب إلا ما يمليه علي ضميري وإن كانت كتاباتي البسيطة يقرأها القليل لكنها تعبر عما يجود في خاطري أسفاً عما يحدث من انشقاق في البيت الخليجي الذي بقي موحدا رغم الانشقاق العربي المتواصل. فقد استطاع الأعداء إحداث شرخ في هذا البيت الذي كنا ولا زلنا في العراق أن نكون جزء منه ونحن الدولة الخليجية المهمة لكن للقرارات الدولية أحكام!

 

وفِي تصاعد خطير للأزمة الخليجية سمعنا عّن مطالب الطرف الثاني (دول الحصار) وكنا نمني النفس كعرب أشقاء محبين أن تنتهي الأزمة من خلال هذه المطالب التي ستكون حُبية وغير تعجيزية، لكننا صدمنا ونحن نقرأ ورقة المطالب والتي نعتقد أنها كتبت لكي تُرفض من الجانب القطري! لن أخوض في فقرات المطالب بل سأتحدث عّن فقرة واحدة وهي غلق قناة الجزيرة والذي يعتبر خبر صادم لحرية الإعلام واستقلالية السلطة الرابعة وكان الأجدر بمن وضع هذه الفقرة أن يكتب مثلا (منع قناة الجزيرة من التجاوز على الدول الخليجية والتدخل في شئونها الخاصة) كطلب مقنع ومفهوم، وحول هذه الفقرة كان عنوان مقالتي البسيطة والتي تمنيت من الجميع أن يتعلموا منها التواضع ولغة الحوار واحترام الرأي الأخر!

 

مددوا ضيافتي في الدوحة وبنفس الفندق لأيام قادمة وعند سؤالي عّن السبب كان الجواب أنك تحدثت أثناء اللقاء بأمور خطيرة ونريد أن تمر الحلقة ويكون دخولك للعراق بعدها بأيام أأمن لك لأنهم سينسون الأمر بعض الشيء!

ومن هنا سأروي ما حدث معي شخصيا وقناة الجزيرة! في شهر شباط من العام 2014 وصلتني من القناة دعوة لزيارة الدوحة لأحل ضيف في برنامج من العمق الذي يقدمه الإعلامي (علي الظفيري) وعنوان الحلقة التهجير القسري في العراق، ولبيت الدعوة رغم خطورة العنوان كوني أسكن في العراق لكن للضرورة أحكام وقد كان في هذا الوقت التهجير المناطقي مستمر وفعلا وصلت للدوحة وكانت الضيافة أكثر من ممتازة مقعد VIP في طائرة مميزة للخطوط القطرية وفندق 5 نجوم وإقامة ثلاثة أيام رغم أن اللقاء ساعة واحدة فقط، وما يحدث في اللقاء هو أهم ما أردت إيصاله!

 

فأثناء الحديث مع مقدم البرنامج سألني عّن سبب التهجير ومن يتحمل مسؤولية الدماء التي تراق في العراق وكان ردي غير متوقع للمقدم فقد قلت له أمة العرب وخاصة الخليج وأخص بالذكر قطر فهم من سلموا العراق لأمريكا والتي بدورها سلمته لإيران واستمر حديثي بتحميل قطر المسؤولية ومنها قصف العراق من قاعدة السيلية لمدة خمس دقائق من دون أن يقاطعني مقدم البرنامج لا بتغيير السؤال ولا بفاصل إعلاني حسب ما كنت أتوقع!

 

واستمر المقدم بطرح الأسئلة من دون أن يعقب على اتهاماتي وكذلك لم ألاحظ أي حركة غير طبيعية من مخرج أو مصور أو معد وحتى بعد إعلان المقدم عّن وقفة الفاصل لم يحدثني بما قلت أبدا وانتهت الحلقة وخرجت من القناة بتوديع حار من قبل العاملين عليها ومن دون أدنى عتاب!  والأغرب من كل هذا وأقول الأغرب كونه كان خارج أي توقع ولا يحدث في قنوات أُمَّة العرب بتاتاً! وهو بعد أن هيئت حقيبة سفري للعودة إلى العراق جاءني أحد موظفي القناة ليخبرني أنهم مددوا ضيافتي في الدوحة وبنفس الفندق لأيام قادمة وعند سؤالي عّن السبب كان الجواب أنك تحدثت أثناء اللقاء بأمور خطيرة ونريد أن تمر الحلقة ويكون دخولك للعراق بعدها بأيام أأمن لك لأنهم سينسون الأمر بعض الشيء!

 

وفعلا استمر بقائي في قطر أسبوع وعدت للعراق وأنا أحدث نفسي عما لو كان هذا اللقاء في دولة أخرى ومحطة أخرى ما الذي سيحصل لي، وبعد عودتي للعراق ومشاركتي في مظاهرات ساحة التحرير كان أول اتصال يأتيني من قناة هو من الأخ إبراهيم مدير مكتب الجزيرة في بغداد لدعوتي لأكون ضيف عليهم للحديث عما يدور في ساحة التحرير.

 

أتمنى أن تتعلموا من الجزيرة يا أخوة الدم معنى المهنية والحيادية والوقفة مع الشعوب المظلومة، وجهوا قنواتكم يا أشقاء أن يتخذوا من الجزيرة قدوة لهم ليقتدوا بها حتى إذا ما أغلقت نجد غيرها ملاذ لنا ولا نخسر في عالمنا العربي نافذة المستضعفين

وكان للقناة موقف لن ينساه العراقيين بكافة أطيافهم وأقول أطيافهم حيث كانت في قلب الحدث تنقل معاناة الشعب من خلال مظاهراتهم ولم تنقل الحدث من محافظة بعينها فقد كنت أجد مراسليها في أربيل والبصرة والناصرية والأنبار وبغداد رغم أن مكتبها مغلق بقرار حكومي. في الوقت الذي كانت فيه بقية القنوات العربية تتجاهل مطالب الشعب العراقي ولم تكلف نفسها نقل المظاهرات والتي كانت مشتعلة آنذاك في أغلب محافظات العراق، ناهيك عّن تخصيص الجزيرة لبرامج تخص الشأن العراقي وتنقل ما يعانيه شعبنا المظلوم!

 

هذه يا سادة يا كرام قناة الجزيرة وهذه سياستها التي بسببها تريدون غلقها! لا أقول لا تغلقوها بل أقول وأتمنى أن تتعلموا منها يا أخوة الدم معنى المهنية والحيادية والوقفة مع الشعوب المظلومة، وجهوا قنواتكم يا أشقاء أن يتخذوا من الجزيرة قدوة لهم ليقتدوا بها حتى إذا ما أغلقت نجد غيرها ملاذ لنا ولا نخسر في عالمنا العربي نافذة المستضعفين التي من خلالها نوصل معاناتنا كشعوب مضطهدة.

 

ملاحظة: كتبت مقالتي هذه لا لشيء ‏إلا لقول الحق ورد بعض الدين لهذه القناة ومواقفها المشرفة نحو قضايا الأمة وما جزاء الإحسان إلا الإحسان. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.