– اللقاء نفسه كان تتويجا لجهود بذلتها دول إقليمية أخرى وعلى رأسهم الدولة المصرية بخصوص الجمع بين الطرفين والاتفاق، لكن الدور الاقليمي أخفق في الوصول إلى تعهدات حقيقية من الطرفين لميول مصر والإمارات إلى جانب كفة "حفتر" ومحاولة فرضه على المشهد بأي طريقة، لكن جهود اللجنة المصرية التي يرأسها الفريق محمود حجازي كان لها دور كبير في تقريب وجهات النظر.
التأكيد على استبعاد استخدام القوة من أي طرف لفرض نفسه أو استهداف خصمه، إشارة جيدة إلى أن الحوار والتفاوض ربما سيقودان المرحلة المقبلة. |
– اتفاق الطرفين على إجراء الانتخابات في البلاد، يؤكد أن الجميع انتهوا إلى أن الطريقة والآلية الصحيحة لمحاولة الوصول إلى الحكم في ليبيا هي صناديق الاقتراع وفقط، بعيدا عن "الحسم" العسكري أو استعراض القوة سواء السياسية بزعم "الشرعية الدولية" أو العسكرية بحجة محاربة الإرهاب أو الدعم الإقليمي.
– الاتفاق على مدنية الدولة واحترام حقوق الانسان، يشير إلى إبعاد أي حلول عسكرية أو فرض أيدلوجية دينية على الليبيين.
– تفعيل الاتفاق السياسي أقوى رد على من وصفوا لقاء السراج بحفتر أنه انقلاب من الأول على اتفاق الصخيرات، لكن الأمر لا يزال فضفاضا كونهم لم يقولوا ما آلية تفعيل الاتفاق، خاصة أن "حفتر" هو أكبر معرقلي تفعيل هذا الاتفاق.
– التأكيد على استبعاد استخدام القوة من أي طرف لفرض نفسه أو استهداف خصمه، إشارة جيدة إلى أن الحوار والتفاوض ربما سيقودان المرحلة المقبلة.
لكن تبقى كل هذه التعهدات حبرا فقط ما لم يؤكدها الواقع على الأرض، ورغم أنه يبدو أن المجتمع الدولي بواجهة جديدة هي فرنسا يصر على حل الأزمة فعليا، لكن ضمان ذلك والتزام كل طرف به هو ما سيؤكد نجاح مبادرة باريس أو فشلها؟
ويبقى التحدي الأكبر إقناع كل طرف لمؤيديه أو من يدورون في فلكه بهذه التعهدات، فالسراج مطالب بإقناع مجلسه الرئاسي الذي يعترض بعضه على وجود حفتر في المشهد، بل ويعارض قرارات السراج نفسه، وكذلك قدرته على إقناع مؤيديه المسلحين بقبول هذه البنود ومساعدته على تنفيذها.
أما المشير حفتر، فالتحدي أكبر، كونه مطالب بإيقاف كامل لأي عمليات عسكرية إلا ما يزعم أنها محاربة للإرهاب، الذي يظل غامضا في ليبيا حتى الآن، ومطالب أيضا بإقناع مؤيديه من الساسة وعلى رأسهم رئيس البرلمان عقيلة صالح بمخرجات اللقاء، وعليه أيضا التواصل مع داعميه في الخارج، خاصة النظام المصري ونظام محمد بن زايد، وإقناعهم بضرورة الحوار بعيدا عن القوة العسكرية… كل هذه تعهدات يعقبها تكهنات.. لكن الواقع أصعب وأكثر تعقيدا مما نعتقد، لذا يظل الرهان على الداخل الليبي في حماية هكذا حلول سلمية أو بقاء الوضع على ما هو عليه.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.