شعار قسم مدونات

القتل بالاشتباه.. وجه الاحتلال البغيض

blogs - Soldiers

وفقا لشهادات جنود أمريكيين شاركوا في احتلال العراق عام 2003 م كان الجنود يطلقون النار على المدنيين لمجرد الاشتباه دون قانون أو حدود أو ضوابط؛ فكان إذا رأى الجندي مدنيا قادما من بعيد يطلق عليه النار فهناك احتمال موجود أن يكون هذا المدني ينوي مهاجمة الجنود المحتلين لبلاده والحفاظ على حياة هذا المدني لا يساوي فرضية تعرض الجنود لهجوم قد يؤدي لخسائر بين الجنود، إذا هاجم رجل مجهول من منطقة جنود الاحتلال يمكن تصفية جميع الرجال الموجودين في المكان فقد يكون المهاجم أحدهم وقد يقوم مستقبلا بتكرار الهجوم على الجنود وبالتالي حياة كل هؤلاء المدنيين لا تساوي تعرض الجنود لهذا الاحتمال خاصة وأنه لن يحاسب أمريكا وجنودها أحد مهما قتلت من مدنيين.

على هذا المنوال قتل الآلاف من المدنيين العراقيين في بلادهم المحتلة حيث كانت مهمة الجنود حماية أنفسهم في بلاد المدنيين على حساب أرواح وحياة المدنيين الذين تحولت شوارعهم إلى حواجز (سيطرات) لجنود الاحتلال يسيرون فيها برفقة الخوف والقتل والاعتقال دون ضوابط أو قانون أو حساب وأصبحت بيوتهم في عرضة دائمة للاقتحامات دون حرمة؛ وفي نهاية الأمر (أو الاحتلال) كل ما كان يعني جورج بوش الابن هو كيف يخرج بأقل عدد من الخسائر بين جنوده من حرب دخلها بادعاءات كاذبه أما برلمانه الكونجرس والأمم المتحدة وبأكبر كم من نهب ثروات ونفط العراق لصالح الشركات الأمريكية.

شرطة احتلال "القدس" معرضة لما يتعرض له جيش احتلال باقي مدن فلسطين، وبالتالي فهي تقوم الآن بأقسى الإجراءات لحماية شرطة وضعت في موضع جيش احتلال!

هذه الصورة المبسطة لأحد أوجه الاحتلال البغيضة هي ذاتها التي تحدث في كل البلدان المحتلة تقريبا وفي مقدمتها فلسطين، بعد إعادة اجتياح الاحتلال للضفة الغربية عام 2002 ونصبه لحواجزه بين المدن والقرى الفلسطينية في الضفة، أصبح مرور المدنيين من الحواجز مفروضا على المواطنين الفلسطينيين يوميا، لم تكن هذه الحواجز إلا حماية لجنود الاحتلال المتمركزين في نواحي الضفة المختلفة وكان على حياة المدنيين اليومية أن تصبح بهذه الشاكلة من الانتظار والإهانة على الحواجز من أجل حماية الجنود لتثبيث الاحتلال.

بات قتل الفلسطينيين على حواجز مدنهم وقراهم شائعا؛ فالجندي مصرح له بالقتل المباشر لمجرد أدنى اشتباه، ومن ثم الخروج بادعاء محاولة المجني عليه الاعتداء على جنود دولة! مؤهلين لمواجهة جيوش دول ولا يمكنهم السيطرة على مدني الا بقتله! بحسب المزاعم. إذا وضع مدني يده في جيبه بطريقة مريبة للجنود فإن التصرف المباشر هو قتله مباشرة لأنه قد يحمل افتراضا في جيبه سكينا وقد يتمكن من الاعتداء به على جندي في حين غفلة منه وقد يقتل هذا الجندي في هذا الاعتداء لذلك في معادلة الاحتمالات للاحتلال على ذات المنوال الأمريكي في العراق والفرنسي في الجزائر يكون الحل المجاني الذي لا يكلف أي مقابل هو حياة المدني الذي تخضع بلاده للاحتلال. وهكذا فإن العدد الكبير من المدنيين الأبرياء الذين يقتلون في البلدان المحتلة هم يقتلون بالاشتباه والاحتمال لحماية الجندي المحتل الذي يحمي ويبقي الاحتلال في بلاد المدني!

على ذات النهج وضعت "الشرطة الإسرائيلية" البوابة الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى المبارك، هذه البوابات لحماية شرطة الاحتلال الموجودة لاحتلال القدس، وعلى المدنيين أهل القدس وغيرها ممن يسمح الاحتلال لهم بالصلاة في مسجد المدينة المحتلة عليهم ليؤدوا صلواتهم أن يمروا بالبوابات ومن قبلها عدة حواجز لضمان حماية شرطة احتلال المدينة.

شرطة "إسرائيل" هي شرطة احتلال وضعت لاحتلال المدينة وحماية الاحتلال والتضييق على المدنيين وقتلهم إن استدعى الأمر في سبيل ذلك.

كانت وما زالت تهدف "إسرائيل" إلى الإشارة للعالم أن القدس مدينة "إسرائيلية" عبر نشر الشرطة فيها وليس الجيش كأي مدينة احتلتها مجموعات الحركة الصهيونية عام 48 وأعلنت أنها "إسرائيلية" وإصدار هويات زرقاء "إسرائيلية" لسكانها ومصادرة أراضي وهدم بيوت للفلسطينيين في المدينة بحجة عدم ترخيصها من الاحتلال الذي يشدد الترخيص للفلسطينيين؛ إلا أن واقع المدينة كمدينة محتلة يجعل "إسرائيل" أمام وضيعة أنها تحتل المدينة بشرطة وليس جيش! وبالتالي فإن شرطة احتلال المدينة معرضة لذات ما يتعرض جيش احتلال باقي المدن الفلسطينية، وبالتالي فهي تقوم الآن بأقسى الإجراءات لحماية شرطة وضعت في موضع جيش احتلال! والثمن دائما على حساب المدنيين وحياتهم.

إن "الشرطة" داخل الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف لا أحد يعتدي عليها ولا أحد ينكر وجودها بل ويصلون بين الناس لأنها شرطة وطنية وضعت لحماية وخدمة المصلين، أما شرطة "إسرائيل" فهي شرطة احتلال وضعت لاحتلال المدينة وحماية الاحتلال والتضييق على المدنيين وقتلهم إن استدعى الأمر في سبيل ذلك.

نموذج بسيط يوضح كيف تحولت حياة الفلسطينيين كلها إلى "إجراءات" أمنية بما يتناسب مع المحتل وحماة احتلاله لأرض فلسطين. ذات الوجوه "القذرة" يطل بها على المدنيين كل احتلال عبر التاريخ وإنه وإن أغلق البوابات والمدن فإن آفاق حرية الشعوب لا تسد وكتب التاريخ لا تغلق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.