شعار قسم مدونات

شبح الحياة

blogs الكتابة

أبدا لم أستطع استعاب فكرة العيش تحت ظل ثقافة واحدة، في مكان واحد، متربعة داخل نمط واحد! الحياة أكبر بكثير مما نعيشه، كبيرة ومعقدة بشكل مخيف، أود اكتشاف كل الحضارات والثقافات، قليلون هم من يملكون تلك الجرأة لخوض غمار كل ذلك الكمال والجمال المرعب.. ربما عوضتني القراءة عن كل الأماكن التي لم أحظ بزيارتها، عن الثقافات التي أكتشف، عن ألم الحب العظيم الذي لم أعش! حاولت الانشغال بالقراءة والابتعاد عن الكتابة قدر المستطاع.. لكن أبت أناملي، عندها علمت جيدا أنني لم أخترها، كل ما بداخلي يرتوي بها أو ربما تنير تلك الظلمات هناك! 

لا أكتب لتحصيل إعجاب هذا وذاك، علاقتي بها كسرت كل الحواجز وكأنني أخون ذاك الرباط الذي جمعنا منذ سنين عدة كلما توقفت عنها ليتضخم شعور الشوق العظيم داخلي.. أمر ما ينقصني أو ربما أندهش، كلا الأمرين غير مريح.. لا يهم!! 

تحتضنني الكتابة كصبار حزين لا يبكي.. لأنه يدرك تماما أنه لو بكى مئة عام لم ولن يحتضنه أحد! أحيانا أصبح عاجزة تماما عنها.. أي جملة قادرة على إطفاء أجيج ما أشعر به وأي حرف سيجهض كل ذلك الارتباك المؤلم بقلبي! لا أخاف الأشباح أو تلك الظلال المتحركة داخل غرفة مظلمة.. أخاف الفقد، أخاف أن أفقد ما تعودت عليه، أخاف أن أموت حية! 

طبعي غامضة وعميقة لأقصى الحدود، أعشق تناقضاتي الصارخة، أحب الهدوء وظلال الشجر الأسود ربما لارتباطه باسمي، أموت غرقا في القهوة، رائحتها وحروفها الأربعة، لا أهتم لسؤال أحدهم عني قدر ما أشتاق للكتب وأحزن للحظة الوداع!  ربما لست متفائلة جدا ولست متصالحة مع الحياة للحد الذي يجعلني متفائلة لكني حقا مستعدة لتخطي أمواج دائرة الحياة الضيقة، لأشعر بتسلل الروح لروحي، أريد أن أحيا، أريد الحياة! 

انعزل حتى تلملم شتات نفسك، فالعزلة وطن الأرواح المتعبة! لكن كن على يقين أن شرارة السعادة ستنير حياتك البائسة وتسقي نبضات قلبك لتزهر من جديد.. ستشق طريقك لتحقق أحلامك الرمادية

دعني أخبرك سرا.. ما دمت تفكر بطريقتك وتعيش بينك وبين نفسك.. سيعاتبونك، ويصفونك بالانطوائي.. ستشعر وكأنك ذلك المذنب وسطهم! أبدا لن يتقبلوا استقلالية فكرك.. لأنك تختلف عنهم أو بالأحرى لأنك أدركت نفسك جيدا من تكون! عندما تصل لدرجة الإدراك بما حولك ستتصرف بعقلانية أكثر.. وتضع العواطف بعيدا.. فالعيش بها أصبح غباء لا أكثر!

حاول أن تبحث عنك أنت.. أن تتحدى ضجيج أفكارك وتعاود الكرة! ستنعزل وتبتعد قليلا… انعزل حتى تلملم شتات نفسك، فالعزلة وطن الأرواح المتعبة! لكن كن على يقين أن شرارة السعادة ستنير حياتك البائسة وتسقي نبضات قلبك لتزهر من جديد.. ستشق طريقك لتحقق أحلامك الرمادية.. وتجد تلك العقول الفارغة تتابعك وتنتقدك في الصغيرة والكبيرة.. وربما يقذفونك بحجارة التخلف..! لذا عش.. واجعل تخلفهم وقود سعادتك أنت فأولئك هم أقذر أنواع البشر.. نحن نحتاج فقط لشيء من العزلة والكثير من الحب لنعيش، اعزفوا على أوتار الحب.. كي تنسال نبضات قلوبكم عشقا!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.