شعار قسم مدونات

الأسد صمام أمان الغرب؟!

blogs - بشار الأسد
بعد دخول الحرب الأهلية السورية عامها السادس لم يعد يخفى على أحد أن مسألة استمرار الأسد في الحكم مسألة معقدة يصعب على أي شخص أو جهة دولية التنبؤ بمستقبلها، ولم نعد نفكر في الطريقة التي يمكن أن يغادر بها الأسد مقر الرئاسة السوري، وتحولت بوصلة اهتماماتنا ونقاشاتنا باتجاه قضايا أخرى تتعلق بالشأن السوري، ونسينا أننا كنا نفكر في يوم من الأيام بكيفية إبعاد الأسد عن سدة الحكم. فبالنسبة إلينا نحن المتابعين لأحداث الثورة السورية منذ بداياتها سواءً من كان مؤيدا لنظام الأسد أم من كان معارضا له، فقد كنا نعتقد أن نظام الأسد سيأتي يوم ويسقط بطريقة مهينة على غرار القذافي في ليبيا، وكانت لحظة زوال نظام الأسد أكثر ما يشغل بالنا ولكن مع مرور السنوات لم نعد نفكر بقضية بقاء الأسد أو رحيله، وأصبحنا نركز على أمور وقضايا أخرى على الأرض السورية بالتزامن مع بقاء الأسد، وكأنه واقع مفروض يجب علينا التعايش معه لا التفكير بتغييره.
أما على الأرض السورية وفي ميدان المعركة المسلحة فقوى المعارضة المسلحة لم تعد تركز على قضية الإطاحة بنظام الأسد، وأصبحت تدافع عما تحت أقدامها من أرض ولا تفكر في كسب أي بقعة من الأراضي التي هي تحت سيطرة قوات النظام وحلفائه، وأصبحت قوات المعارضة المسلحة تركز على الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل لأي حل يضمن لها إدارة الأراضي التي تسيطر عليها بعيداً عن التفكير بمستقبل الأسد، وعلى جبهة القتال الأخرى حيث قوات الأسد، فبعد أن كانت تفكر في كيفية الدفاع عن ربع مساحة الأرض السورية التي هي تحت سيطرتها، ها هي اليوم تفكر في كيفية استعادة كامل الأراضي السورية التي فقدتها لصالح قوى المعارضة، ونجحت قوات النظام السوري باستعادة جزء كبير من الأرض السورية من أيدي قوات المعارضة باستخدام ما يسمى بنظام المصالحات والذي هو في الأساس عبارة عن حصار وتجويع لجيوب المعارضة السورية من أجل ترحيل سكان المدن المعارضة من مناطقهم، وبالتالي تقليل التكلفة العسكرية على قوات النظام.

في أحدث حالة صادمة صدمت كل من سمعها كانت تصريح الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون الذي قال إنه لا يرى أي بديل شرعي للرئيس السوري بشار الأسد، موضحاً أن بلاده لم تعد تعتبر رحيل الأسد شرطاً لحل الصراع المستمر منذ ست سنوات

وفيما يخص بعض الدول المجاورة لحدود الدولة السورية التي كانت مؤيدة لقرار رحيل الأسد وتحملت عناء استضافة اللاجئين السوريين على أراضيها، ولم تتلق الدعم اللازم من المجتمع الدولي في تحمل تبعات اللجوء السوري نيابةً عنه، ها هي اليوم تقف بين مطرقة الجماعات الإرهابية المعارضة للنظام على حدودها وبين سنديان المليشيات الطائفية المتحالفة مع الأسد في حال سيطرتها على المناطق الحدودية، وبالتالي فقد ترتب على هذه الدول التي كانت مؤيدة لقرار رحيل نظام الأسد أن تفضل اليوم وجود قوات نظام الأسد على حدودها على وجود الجماعات الإرهابية والطائفية في ظل تخاذل المجتمع الدولي.

وإذا أردنا التكلم عن أسباب تغير دائرة اهتماماتنا وتركيزنا على أمور أخرى بعيداً عن مستقبل الأسد فنحن نتكلم عن تغير مصالح اللاعبين الأساسيين فيما يخص مستقبل الثورة السورية، فالقوى العظمى المتمثلة بالدول الغربية تتغير مصالحها من لحظة لأخرى فبعد أن كانت أميركا ودول حلف شمال الأطلسي تقف في موقف العدو أمام نظام الأسد وتتحدى بذلك نفوذ منافستها الأولى على الأرض السورية ألا وهي روسيا، أصبحنا نرى ونسمع تحول وتبدل في مطالبات أميركا وحلفائها.

فترمب أثناء فترة تحضيره لحملته الانتخابية كان قال في مقابلة صحفية "إن الأسد رجل سيئ لكنه يجيد قتل الإرهابيين" وشبه الحالة السورية في حال زوال نظام الأسد بالحالة العراقية فيما بعد نظام صدام حسين، ومن المعروف أن ترمب من الأشخاص الذين كانوا ينتقدون فكرة الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 والذي ساهم في انتشار الإرهاب في المنطقة العربية ووصول تبعاته لداخل المجتمعات الغربية. وفيما يخص الرأي البريطاني الحديث فإن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون كان قال في إحدى المقابلات الصحفية إنه يفضل أن يحكمه طاغية على عدم وجود حاكم، في إشارة للرئيس بشار الأسد في الحالة السورية.

وفي أحدث حالة صادمة صدمت كل من سمعها كانت تصريح الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون الذي قال إنه لا يرى أي بديل شرعي للرئيس السوري بشار الأسد، موضحاً أن بلاده لم تعد تعتبر رحيل الأسد شرطاً لحل الصراع المستمر منذ ست سنوات، أضاف ماكرون قائلاً "إن الأسد عدو للشعب السوري، لكن ليس عدواً لفرنسا، وأن أولوية باريس هي الالتزام التام بمحاربة الجماعات الإرهابية". فهل أصبح الرئيس السوري الذي تسبب بمقتل ما يزيد عن 300 ألف سوري صمام أمان الغرب؟! وهل أصبح دم المواطن السوري الترياق الذي يضمن حياة المواطن في الغرب؟! فإذا كانت فعلاً هذه آراء بعض القوى العظمى فأبشر بطول بقاء يا طاغية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.