شعار قسم مدونات

مواطن بلا راعي

blogs مواطن مقيد

ربما يتبادر إلى ذهن القارئ أشياء أخرى كثيرة بسبب غموض هذا العنوان وغرابته، لكنني أتساءل ما الذي يجعل المواطن التشادي يعتز بحكومته إذا كانت السلطات التشادية لا تحرك ساكنا في قضايا تصل لحد قتل رعاياها في دول أخرى؟ ألم يكن المواطن الأمريكي محقا حين يفتخر بوطنه؟ إذ يحرك أسطولا بحريا مدججا بالعدة والعتاد والرجال من أجل إنقاذ حياة مواطن واحد، في الوقت الذي يتبرأ الجواز التشادي عن تحمل أية مسؤولية كانت تجاه المواطن خارج حدود البلاد. 

ألم يكن المواطن البسيط محقاً حينما يدعو للانتماء إلى القبيلة والفخذ أكثر من الانتماء إلى الوطن؟ خاصة وأننا لا نرى أي رد فعل حقيقي من قبل الحكومة أثناء وقوع مثل هذه الأحداث، وهذه ليست المرة الأولى التي تتجاهل الحكومة قضية واحد من رعاياها وأن أهالي الضحايا هم الجهة الوحيدة التي تتابع القضية حتى نهايتها. 

لا شك أن الحكومات التي تهمل شعوبها ولا تهتم بقضاياها هي أسخف الحكومات على وجه هذه البسيطة، فالجميع يعاملها بإهانة، يقتلوا مواطنيها ويدوسوا كرامتها، وعند متابعة القضايا يعلقونها ويسدون أمامها ألف باب لتعليق القضية وعدم متابعتها، وإثبات احتقار الحكومة، وما الفائدة من فتح سفارات تشادية في دول العالم ما دامت الحكومة ليست مسئولة عن حالة كانت تخص المواطن التشادي.

لماذا لا تتعلم حكومة ديبي من السلطات الإيطالية التي خلقت أزمة حقيقية في مصر بسبب مقتل طالب، ووقفت معه شعباً وحكومة ولاسيما البرلمان الايطالي لم يمر يوم إلا وأُثيرت قضية هذا الطالب حتى وصل إلى الحل

في الأسابيع الماضية الشرطة الكاميرونية ألقت القبض على طالب تشادي وقامت بتعذيبه بأبشع أنواع التعذيب حسب ما ثبت عن السفير بدون إخبار أي جهة حكومية تشادية وحتى لقي الطالب حتفه، وفي أثناء احتضاره اتصلت الشرطة الكاميرونية بالسفارة التشادية لتعلم السفارة بوجود الطالب في المستشفى، بعبارة أخرى تود أن تقول (نقلت جثة الطالب لدفنه)، من هنا يتضح اتصالها بالسفارة ليست كجهة مسئولة عن المواطن لأنها تأكدت أن قيمة الطالب لا تساوي شيء لدى السلطات التشادية، إنما هو إجراء قانوني نفذته، وما زالت القضية معلقة في أيدي أهالي الطالب في الكاميرون .

واليوم تقتل طالبة أخرى تشادية في مدينة دوالا الكاميرونية بـ 13 طعنة سكين من قبل جماعة مجهولة بسبب غير واضح، حيث زكتها صديقاتها بحسن خلقها، والسبب الوحيد الذي يرجع إليه هو أن البنت متفوقة في الدراسة وعليه يمكن قتلها بسبب تفوقها في الدراسة وخاصة مثل هذه الأفعال ليست غريبة على الشعب الكاميروني حسب المقيمين هناك . 

ومن الذي ينسى مقتل الطالب محجوب الذي قتل على يد عصابات روسيا بدم بارد بعدة طعنات ولم تتحرك الحكومة وبقيت ساكنة إلى حين كتابة هذه الكلمات من هذا المقال، والشيء نفسه مع التشاديين الاثنين اللذان قتلا بأمريكا، وكما لن ننسى الاختفاء المفاجئ للإعلامي التشادي بدولة كاميرون. 

لماذا لا تتعلم حكومة ديبي من السلطات الإيطالية التي خلقت أزمة حقيقية في مصر بسبب مقتل طالب، ووقفت معه شعباً وحكومة ولاسيما البرلمان الايطالي لم يمر يوم إلا وأُثيرت قضية هذا الطالب حتى وصل إلى الحل، لماذا لا تقتدي بها، أليس الطالب الايطالي مثل الطالب التشادي؟ ولماذا لا تقوم الجمعيات الحقوقية بإعلان بيانات استنكارية ضد هذه الأفعال الشنيعة التي تتكرر على المواطنين؟ وأين دور البرلمان، ولماذا لم يفتح جلسات خاصة بشأن هذه القضية؟!

الشعب الكاميروني الشقيق يتمتع بحرية كاملة في أنجمينا سواءً كان طالبا أو تاجراً وخاصة أنهم استغلوا فرصة عدم اهتمام حكومتنا بالأجانب، لا أحد يسألهم عن أوراق الثبوتية، في حين أن المواطن التشادي يفقد روحه في الكاميرون الجارة

هذه الحادثة جعلت الكثير من الشعب التشادي يتذكر موقف الرئيس السابق حسين هبري بسبب مقتل تشادي عند الشريط الحدودي علي يد جنود الكاميرون حيث أصدر قراراً بالهجوم علي دولة الكاميرون مما جعل الرئيس الكاميروني يستعجل ويتصرف دبلوماسيا لتتجنب خطر الهجوم خلال يوم واحد، أنسي الكاميرونيون هذا الدرس؟ وأين الحكومة الحالية من هذا الموقف؟

الشعب الكاميروني الشقيق يتمتع بحرية كاملة في أنجمينا سواءً كان طالبا أو تاجراً وخاصة أنهم استغلوا فرصة عدم اهتمام حكومتنا بالأجانب، لا أحد يسألهم عن أوراق الثبوتية، في حين أن المواطن التشادي يفقد روحه في الكاميرون الجارة التي أبرمت عدة اتفاقيات مشتركة مع تشاد الحبيبة، والتي بالأمس القريب أوفِد إليها الجيش الوطني ليحمي شعبها من اعتداءات جماعات بوكوحرام، أيعقل أن تنسى الكاميرون هذا الفضل لترد الجميل بهذه الطريقة؟ ولاسيما ترابط الشعبين بثقافات عديدة .

هذه الاهانات للشعب التشادي ليست محصورة على دولة واحدة بعينها، وإنما هي عامة في اغلب دول العالم بسبب تهميشهم وإهمالهم التام من قبل الحكومة، وكما اعتدنا أن الحكومة التشادية لا تهمها إلا مصلحتها خاصة وأن المواطن أصبح يعيش في بلاده كأجنبي من ويلات التعذيب والاغتيالات وحتى السجون كادت تمتلئ بالناس، فما بالك بالآخرين خارج الوطن، والسؤال المطروح إلى متى يا ترى؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.