شعار قسم مدونات

تكنولوجيا المصدر المفتوح.. هبةُ اللّٰه

مدونات - فيدورا

كانت صورة ذلك النظام البخيس المجاني الخالي من التطبيقات والمحروم من ألعاب الفيديو تتشكل دائما أمام ناظري كلما ذُكر لينكس. كانت لدي تلك الصورة النمطية عن لينكس خصيصاً بعد تجربتي لعدة توزيعات ك "يوبونتو ومينت" أيام دراستي الجامعية من ٤ سنوات مضت. بعد تخرجي التحقتُ بسوق العمل المليء بالفرص لمرتادي نادي مايكروسوفت للتكنولوجيا، فكل مستخدمي نظام تشغيلهم -ويندوز- عضو. وصلت يد مايكروسوفت للمدارس والمؤسسات الحكومية وحتى المختبرات الجامعية لسطوتها كأول شركة برمجية في العالم -ظناً منا-، ودعني أخبرك أن ذلك رغم الزخرفة الإعلامية لتلك الصفقات التجارية لتدريس الحاسب وبرمجته بأدوات مايكروسوفت والنئي قصدا عن الأدوات المفتوحة المصدر استخداماً وتعليما، سيء، سيء جدا.

أنتجت تلك الاستراتيجية علماء بأنظمة مايكروسوفت لا الحاسوب، مبرمجي لغة مايكروسوفت لا الآلة، وشكلت بذلك وعي أجيال متلاحقة من العمال. بينما تعمل مايكروسوفت على تسويق منتجاتها -وهي جيدة بطبيعة الحال- ، انشغل مجموعة من العالمين بالحاسوب حول العالم بتطوير نظام قوي، متين، آمن وجميل، مبني على النص البرمجي المفتوح لينكس ولعشرات السنين تابعوا تطويره محافظين على روحه المصدرية ليكون فيدورا هو الأقوى في عالم أنظمة التشغيل ليس كتوزيعة للينكس بل حتى أقوى من نظام النوافذ والتفاحة -ماك- الحزينة.

قد تكون النصوص البرمجية المفتوحة المصدر مجانية الاستخدام من غير قيود أو مقيدة بدفع ثمن لاستخدامها وبكلتا الحالتين لا أحد يمنعك من الاطلاع على النص البرمجي، تعلمه وحتى إعادة إنتاجه.

قد تتساءلون الآن عن مكمن قوة نظام فيدورا -هبة الله، وهي كلمة يونانية الأصل- ولعل ذلك مستند أساسا من طبيعته المفتوحة المصدر -لينكس- ومن كون مبرمجي العالم أجمع مدعوين لتطويره، فهو غير محدود كويندوز وماك اوس بعدد معين من الموظفين مسؤولين عن تطويرهم.

الصورة الآن مشوشة، ولأقُربها أكثر، دعني أحدثك باقتضاب عن أنظمة تشغيل الحاسب. تكمن أهمية نظام التشغيل بتقمص نصه البرمجي دور المتحكم الأول، الحاكم ذو السلطة الغير محدودة على المُعدات -القطع الإلكترونية- المكونة للحاسب، وهو بذلك يكون المنصة الأساس لتشغيل النصوص البرمجية. تسمى النصوص البرمجية بناء على الهدف من كتابتها.

عندما يستهدف النص البرمجي مُعَدَّة إلكترونية بعينها عند كتابته، يطلق عليه مشغل المُعَدَّة. وعندما يستهدف النص البرمجي مجموعه المعدات فهو بذلك نظام التشغيل من تحدثت عنه سابقا. أما إن أستهدف النص البرمجي نظام تشغيل بعينه أو مجموعة من أنظمة التشغيل فيطلق عليه اسم التطبيق البرمجي. أما عن الأخير، تعمل التطبيقات ضمن بيئة نظام التشغيل وتكون محدودة بقدراته على التحكم في المعدات ومحدودة أيضاً بالصلاحيات الممنوحة لها من قبل نظام التشغيل.

هناك نوعين من النصوص البرمجية، إما أن تكون مغلقة المصدر -مصممها هو الوحيد المطّلع على متنها البرمجي-، هذه النصوص قد تكون مجانية الاستخدام مقيدة بحقوق طبع ونشر واستخدام أو مقيدة بدفع ثمن لاستخدامها. وقد تكون مفتوحة المصدر – الجميع مدعوون للاطلاع على متنها البرمجي وحتى تطويره وتعديله-، تشجع على مجانية الاستخدام وتشارك المجتمع فيما بينه بالتطوير والدعم عامة.

يجب التنويه أن المصدر المفتوح لا يشجع على بهتان جهد العمال فهناك العديد من التراخيص لحماية حقوق الصناع بالبيع، لكن وكما قلنا فإن ثقافة العمل المجتمعي تطغى هنا. قد تكون النصوص البرمجية المفتوحة المصدر مجانية الاستخدام من غير قيود أو مقيدة بدفع ثمن لاستخدامها وبكلتا الحالتين لا أحد يمنعك من الاطلاع على النص البرمجي، تعلمه وحتى إعادة إنتاجه. غالباً ما يتخذ أصحاب النصوص البرمجية المفتوحة سبل الدعم الفني والخدمات الاحترافية كوسيلة للحصول على عمل تجاري ودعم مالي لشركاتهم.

تتشابه أنظمة التشغيل المبنية على نواة لينكس -التوزيعات- من حيثية فتح النص وحرية الاستخدام ولكنها تختلف بمجتمعاتها والداعمين لها، فبعضها بطيء التطور وأخرى مرتبطة بشركات تجارية تأتي محملة بمنتجاتها.

تكمن أهمية فتح النص المصدري للتطبيق -البرمجي- بنشر المعرفة ومشاركتها الجميع مع ضمان حقوق الملكية الفكرية بشرط عدم تقييد استخدامها على الصعيد الشخصي أو المجتمعي وبشرط اتباع نفس سياسة الترخيص. أصحاب النصوص المفتوحة المصدر كمن كتب كتاباً ينشرُ فيه نتائج بحثه واستقصائه أو كمن حصّلٙ براءة اختراع تحمي حقوقهم الإنتاجية مع استثناء عدم تقييد المجتمع وسماح الاستفادة منها من غير قيود تجارية ففي غالب الأوقات يكفي الإشارة للمحتوى الأصل عند تعديله ولا يمانعون استخدامه بشكل تجاري وبشرط فتح مصدر المنتج وبنفس ترخيص وقيود المنتج الأصل.

لنعُد للينكس، هبة الله، نصه البرمجي مفتوح المصدر وهو مبني على نواة لينكس المفتوحة المصدر وهو أيضاً يحوي تطبيقات مجانية مفتوح المصدر ويشجع على استخدامها. تتشابه أنظمة التشغيل المبنية على نواة لينكس -التوزيعات- من حيثية فتح النص وحرية الاستخدام ولكنها تختلف بمجتمعاتها والداعمين لها، فبعضها بطيء التطور وأخرى مرتبطة بشركات تجارية تأتي محملة بمنتجاتها، أما فيدورا -هبة الله- فهو مدعوم من شركة ريدهات -القبعة الحمراء- الرائدة بصناعة برمجيات فائقة الجودة شديدة الحماية المنيعة ضد البرمجيات الخبيثة وهي أيضا تدعم فيدورا دون ترويج لمنتجاتها جاعلة منها النظام المجتمعي الأنقى والأسرع تطورا، ولا ننسى أن توزيعة فيدورا تأتي محملة ببرمجيات مجانية مفتوحة المصدر ومركز تحميل تطبيقات يغطي كافة احتياجات المستخدمين على كافة الأطياف، تجارية ، هندسية وحتى شخصية منزلية تربوا لعشرات الآلاف من التطبيقات، ولمحبي ألعاب الفيديو فمنصة ستييم تفي بالغرض.

أخيراً، أعطى المصدر المفتوح لمهندسي البرمجيات، بيئة خصبة مفتوحة للتجربة والتعلم والتطوير فلا قيود لما يمكنهم استخدامه وتجربته هنا. وكمستخدمين غير منخرطين بالصناعة أعطتهم نظام قوي وجميل يعمل الجميع حول العالم على تطويره وتحسينه بلا قيود تجارية احتكارية خرقاء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.