بعيدا عن الحجة العبقرية الدامغة أن الحجاب كغلاف الحلوى يحميها من الذباب والحشرات والعفن ويطيل مدة صلاحيتها حتى يبقى مذاقها نقيا لصاحب السمو زوج المستقبل… بعيدا عن الكذبة الساذجة التي تسمعها كل من ترتدي الحجاب حديثا من أخياتها السابقات السابقات أنها "بالحجاب أجمل".

بعيدا عن لوم الثابتات على العهد لرفيقاتهن الخائنات الخالعات لعفتهن… بعيدا عن مراء المشاهدين للمشهد المختلفة أشكاله حول المحجبات وأخلاقهن المستورة عوراتها بقطعة قماش. بعيدا عني وعنك نحن مرتديات هذا الزي، دعينا عزيزتي نتمعن قليلا فيما آلت إليه فلسفته. بعيدا، وللمرة الأخيرة، عن مسألة العفاف والعفة التي نحيط بها دائما مسألة الحجاب والسفور.

يعدّ الحجاب لباسا "يعكس التواضع والبساطة والحشمة ويخفي لدرجة كبيرة الفوارق الطبقية بين النساء، لصالح رؤية عدالة اجتماعية أوسع "هذا ما أوردته الدكتورة هبة رءوف عزت في تقديمها لكتاب إسلام السوق لكاتبه الفرنسي باتريك هايني، وهذا بالذات ما سنتحدث عنه.

تحول الحجاب في العقد الأخير من هذه النظرة البسيطة الواضحة البينة، إلى لباس يجتاحه ما اجتاح السوق العالمية من سيولة وتجدد وديناميكية لا تعرف راحة. إذ أعيد تعريفه وتصديره وتسويقه من خلال مفاهيم العلامة التجارية استجابة للطلب الجديد على اللباس الاسلامي المعصرن. لتقف ال MBN جنبا إلى جنب حذو ال NBN و"دعوة وير" حذو ال "ستريت وير".

دون فوارق كثيرة بين هذه الثنائيات فيما يحاك من أقمشة. ليست القضية هنا دفاعا عن مواصفات الحجاب الشرعي وإنما هي تدقيق في هذا المسار الذي جرف الحجاب وغيره من معالم الإسلام إلى سوق كل همها المردودية المادية لمنتجاتها. فانقلب الحجاب من التزام بحكم معين بناء على آيات وأحاديث إلى مجرد رمز ثقافي يُلصق على منتجات تجارية في أسواق عالمية دون أدنى اهتمام بمتطلباته. ليقف الحجاب في منزلة بين منزلتين.

أعيدت موضعته وفق منطق يمسك العِصيّ من الوسط، فلا هو رافض لسيولة الموضا وتجددها ولا هو متناس لتعاليم الأخلاق الإسلامية التي تتطلب إيشاربا على الرأس. لم تعد المسألة مجرد إنشاء لشركات تعنى باللباس الإسلامي فحسب بل انخرطت الشركات العالمية ك "ZARA"و "HM" في ذات المضمار ليس اعترافا بالاختلافات الاثنية بقدر ماهو راجع لمتطلبات السوق من عرض وطلب.

تحول الحجاب في هذه السوق من ممارسة ذات روح ومعنى واضحين إلى "أيقونة" ورمز ثقافي. تلصق هذه الأيقونة على لافتات المحلات وبطاقات ثمن المنتجات لتباع وتشترى في كنف الشرعية.