شعار قسم مدونات

حلب.. بأي حال تجيء يا عيد

blogs - كوباني حلب سورية
أمل المزارع في الحياة
أن يربو محصوله
نوعا و كمْ.

أمل الجريح..
أن يلتم جرحه ويلتئِمْ.

أمل الأرض … أي ارض
أن يشريها الشارون
بالدمع والألمْ.

أمل ساحة البيت
أن يغرس في سوائها علمْ !

أتمثل ما بقي من الجدران الحلبية شامخة بالكاد بين عمودين تحاكيك بما كتب قلبك عليها، تقول سأشتاقك أيها الشهم وأؤمن بعودتك، حلب لن تخشى على نفسها هجرة الإنسان منها، فهي أقدم مدن العالم بالحجة العلمية.

أمل كراستي
أن أغمد عنها القلمْ.

أمل اليائس في أرضنا
أن يصير إلى زمن العدمْ.

وأمل الصغير في سوريا
حفنة من فتات خبز
وساعة من دون دَمْ!

أتحسب أن نعرة هنا بين الإخوة الخليجيين، وطفرة هناك في أخبار السياسة والاقتصاد تنسينا ما تعيشه اليوم من صمت إعلامي عن تغريبتك؟ كلا وربي ما زلت أول ما ننظر ونتحرى. ها هو المبارك في المنتصف، والعام أيضا، والعيد يشارف على الزيارة، الأيام تمر، تمر أياما هنا وكلمح البصر هناك، كالأسبوع في أماكن، وكالأشهر في أماكن أخرى، لا بد أن ثوانيها تمر في سوريا الحبيبة كسنوات، وكسنوات ضوئية عندك أيها الحلبي الشهم.

ليس سهلا أن يتغرب الإنسان عن أرضه وحلمه، ليس سهلا أن تجر الخطوات خارجا من حي احتواك طفلا وشابا وكهلا وشيخا، عشقت فيه ابنة الجار فقصمت لها عاما بعد عام من حلوى العيد لتحبك أكثر، اشتغلت على الحلم أعواما لتجد نفسك اليوم تعانق تغريبة تفرقك عن كثير ممن عرفت وأحببت من الأحياء –جسدا- منهم طبعا، فالأموات جراء الحرب ارتاحوا ربما، وما أكثرهم.

لا يمكن لهذا الإحساس المر أن يخطئني، فالانتقال رغما عن الأنف رأيت مرارته كجزائري اكتوى بنارين يطاردانه ويطلبان فوزا على جثته، ناران خلفتا للجزائر عشرية سوداء نعيش تبعاتها نحن الشعب الجزائري إلى اليوم، نار فريق متأسلم لا يرى حاجة للحياة إلا لمن في صفه، ونار كاره للدين لا يؤمن إلا بالخلود على كرسي الحكم. أراك فينا أيها الشهم ونحن نفر ليلا نساء ورجالا، لا ندري من وطأ الديار في جنح الظلام، أهو هذا أم ذاك أم آخر. لكن لأنصفك فوجه من تغريبتك هذه لا أرى لها شبها من قبل!

لم أر من قبل شخصا يغرب بهذا الشكل، يقوم المدعون نصرته فيقيموا لعدوه كل الأجواء ليقهره، حتى إذا شارف على الفناء قام العدو والصديق إلى خارطة جلاء فيختارون شيوعيا خارجي لإجلائه تحت أنظار شيعي خارجي أيضا.

تخرج من أرضك ولا تدري أخرجت لحرب سنية شيعية، أم لأسباب ديمقراطية، أم لدواع اقتصادية، تخرج ولا ترى حولك إلا صفقات السياسة والاقتصاد تمضى هنا وهناك، كنت أنت وسيلة التفاوض فيها، أنت فقط، أنت أيها الشهم الخارج خائفا من مدينتك.

لا يمكنني التكهن بنوايا العيد يشارف على المجيء، لا يسعني التنبو بعيد من حالفه –أو لم يحالفه ربما- الحظ من الحلبيين فبقي حيا، لكن ما أعلمه أنك مؤمن بالله لا تخطيئك دروسه.

أتمثل ما بقي من الجدران الحلبية شامخة بالكاد بين عمودين تحاكيك بما كتب قلبك عليها، تقول سأشتاقك أيها الشهم وأؤمن بعودتك، حلب لن تخشى على نفسها هجرة الإنسان منها، فهي أقدم مدن العالم بالحجة العلمية، مر من هنا الآراميون والآشوريون والفرس والروم والبيزنطيون والمسلمون الذين لن تكون أنت آخرهم بالتأكيد، حلب لا تخشى اختفاء الناس من مدنها، لكنها تخشى فقدانك وأنت من أقمت فيها صناعة علمت تركيا النسيج، تخشى على أخواتها من المحافظات اللاتي كن يعشن على صناعتها واقتصادها.

لا يمكنني التكهن بنوايا العيد يشارف على المجيء، لا يسعني التنبو بعيد من حالفه –أو لم يحالفه ربما- الحظ من الحلبيين فبقي حيا، لكن ما أعلمه أنك مؤمن بالله لا تخطيئك دروسه، وصول الوضع في حلب درجة اليأس هو بداية الأمل أيها الشهم! فقد علمنا الله ذلك حين قال في قرآنه "حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ". نصرك على بعد مرمى أيها المهجر قهرا، أتمنى أن لا يمر العام إلا وأنت منتصر تتذوق نشوة النصر والأعياد على أرضك.
عيد مبارك قبل أي معايد!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.