شعار قسم مدونات

هل يسير المغرب نحو الديمقراطية؟

blogs المغرب، حراك الريف

رُبما سيتساءل البعض ويقول عم يتحدث هذا بطرحه سؤالا من قبيل، هل نسير نحو الديمقراطية؟ ونحن لا نزال نشهد سيطرة المسؤولين من رؤساء وقادة باستمرارهم في مواقعهم ولا يغادرونها إلا بالوفاة، وهل يمكن الحديث عن الديمقراطية في غياب الديمقراطيين؟ وهل بهذه التعددية الحزبية الفسيفسائية سنشكل بها تقدما؟ وهناك من سيقول تفاءلوا خيرا تجدوه، فالمغرب أفضل بكثير من دول مجاورة لنا وفي مجالات شتى.

فالمفهوم العام لمصطلح الديمقراطية يعني حكم الشعب نفسه بنفسه، فأصل المفهوم يوناني مركب من كلمتين "ديموس" و"كراتوس" فالأولى تعني الشعب والثانية تدل على الحكم، فإذا أردنا التحقق من صحة هذا المفهوم في المجتمع المغربي وماذا نتج عنه، سنجد أنه شعار ككل الشعارات الموسمية التي ترفع من أجل تحقيق غايات معينة. فلم نشاهد أي برنامج حكومي قائم على الديمقراطية أو بالأحرى لم نعاين حكومة ديمقراطية، فقط ما لبثنا نشاهد ألواحا مرفوعة تندد بالديمقراطية.

لتحقيق الديمقراطية الحقيقية، وإذا كان المغرب قد تبنى فعلا المشروع الديمقراطي الحداثي فينبغي على الدولة أن تقترب من المواطنين بالاستباق إلى تلبية حاجاتهم، فهناك بؤر هشة في البلاد، وفي أي لحظة يمكن أن تنفجر

من جانب آخر يمكن القول إن نسبة كبيرة أجمعت على أن التجربة المغربية لها خصوصيتها التي ميزتها عن باقي الدول العربية الأخرى. فالمؤسسة الملكية تماشت مع المتغيرات بإحداثها دستور 2011 واحتواء مجموعة كبيرة من الأفراد استهواها ما سمي "بالربيع العربي" وربما امتصت قدرا كبيرا من موجات المطالبة بالتغيير، وامتصت الإسلاميين كذلك الذين تصدروا انتخابات 2011، وجعلتهم أكثر مرونة وطواعية وانفتاحا على اللعبة السياسية دون تعنت.

 

فإذا كان المغرب فعلا قد تبنى المشروع الديمقراطي الحداثي، كما يقال فهل تحققت العدالة الاجتماعية من إزالة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين طبقات المجتمع الواحد، وتوفير المعاملة العادلة، ومشاركة الجميع خيرات البلاد، وتكافؤ الفرص ليتشكل لنا مجتمع مدني بالمعنى التطبيقي لا النظري وشتان بين هذا وذاك؛ وهل هناك فصل بين السلطة والتي ينص مبدؤها على عدم جمع هذه الأخيرة في يد واحدة، لأن السلطة المستقلة لا تجد أمامها عائقا يمنعها من الاستبداد. فالسلطات الأخرى لا تستطيع أن تتدخل في ممارستها لاختصاصاتها، وبالتالي لا تستطيع أن تحول بينها وبين ممارسة الطغيان.

يجب الانفصال والقطيعة مع العبث السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه في حياتنا اليومية، فقضية الريف قضية الجميع دون استثناء، ومن الأهمية بمكان أن يكون للحراك نتائج ملموسة وإيجابية لتجاوز البيروقراطية والاستبداد

أهناك استقلالية للإعلام؟ ألا تتعامل السلطة معه كأداة أساسية لتحرير مخططاتها السياسية؟ ألا تتحكم في التضييق على حرية التعبير؟ فلو تحققت لنا ولو بنسبة قليلة من هذه الأقطاب الثلاثة على أرض الواقع لسرنا في الطريق الصحيح لتحقيق ديمقراطية واقعية، وربما لم نكن لنشهد ما يقع الآن من احتجاجات في مدينة الحسيمة بسبب أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتكشف عن وجود احتقان تعود بوادره الأولى منذ مقتل بائع السمك "محسن فكري" في شاحنة لجمع الأزبال، فمنذ تلك الحادثة والظاهرات تتناسل وتمتد إلى مناطق أخرى، هذا كشف عن حجم الاحتقان خصوصا في أوساط الشباب الذين يعانون من البطالة، والإحساس بما يسميه نشطاء الحراك "بالتهميش.

نعود ونقول إنه لتحقيق الديمقراطية الحقيقية، وإذا كان المغرب قد تبنى فعلا المشروع الديمقراطي الحداثي فينبغي على الدولة أن تقترب من المواطنين بالاستباق إلى تلبية حاجاتهم، فهناك بؤر هشة في البلاد، وفي أي لحظة يمكن أن تنفجر.

هنا يجب الانفصال والقطيعة مع العبث السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه في حياتنا اليومية، فقضية الريف قضية الجميع دون استثناء، ومن الأهمية بمكان أن يكون للحراك نتائج ملموسة وإيجابية لتجاوز البيروقراطية والاستبداد ونكون بذلك قد بدأنا الخطوة الأولى في السير نحو الديمقراطية. فالانتقال الديمقراطي في البلاد بين مد وجزر، وفي وضع أقرب إلى التردد أو المنزلة بين المنزلتين فلا ديمقراطية حقيقية ولا هي عكس ذلك، فتهجين الحياة السياسية وتوجيه المجتمع نحو اتجاه واحد ورؤية واحدة هو خطأ فادح يجب تجاوزه بسرعة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.